انتشر خلال اليومين الأخيرين و علي نطاق واسع عبر منصات التواصل الإجتماعي صدي تصريح يفتقد لأبسط معايير المصداقية و الثبات منسوب لرئيس حركة افلام العنصرية الغير مرخصة تيام صمبا .
جاء علي النحو التالي و بلغة مولير : -
Le président de FPC , Samba Thiam a déclaré que la situation actuelle des palestiniens est équivalente à celle des negro africains de Mauritanie dans les années 90.
و هو ما يعني أن رئيس حركة افلام الإنفصالية تيام صامبا قد أعلن بالتزامن مع ما تشهده غزة من تطهير عرقي و إبادة جماعية ممنهجة من طرف الكيان الصهيوني أمام مرأي و مسمع من العالم.
و أكد أن الوضع الحالي للفلسطينيين يعادل و يشبه وضع السود الأفارقة الموريتانيين خلال تسعينات القرن الماضي.
Une comparaison pas raison.
مقارنة ليست في محلها إطلاقا.
كشفت المستور و الموقف الخجول لقادة و أعضاء حركة افلام اتجاه القضية الفلسطينية العادلة.
كما جاءت وفقا لميول و رغبات الحركة ذات البعد العنصري و الحقد الدفين اتجاه موريتانيا و من خلالها الشعوب العربية خدمة لآجندات غربية و إسرائيلية.
كما حمل هذا التصريح الكثير من المغالطات و المعلومات الكاذبة و المضللة في ظل التحامل الكيدي و التهويل المفتعل علي الوطن و استهداف وحدة و تماسك شعبه.
في حين يري بعض المراقبين أن هذا التصريح يأتي في إطار ما يسمي محليا ( جر الموجب ) استنطاق الحدث إن صح التعبير.
حيث اعتاد قادة حركة افلام إثارة قضية إعدامات انقلابيي 1990 م بالتنسيق و التعاون مع أصحاب المتاجرة بالقضايا الوطنية خلال مواسم عيد الإستقلال الوطني للتشويش علي أجواء الإحتفالات المخلدة لذكري عيد الإستقلال المجيد و ما تتطلب من تفاعل وطني و انسجام و تعاط شعبي يناسب الحدث.
إن التفنن في نشر الإشاعات و خلق الأزمات أضحي مهنة لمن لا مهنة له و اسلوب تطاول و تجاوز علي القيم و الثوابت الوطنية.
إلا أنه من المفيد جدا و في هذا السياق .
أن يدرك جيدا دعاة الفتن و إثارة النعرات أن الزخم و التعاطي الإعلامي و إعداد المؤتمرات الصحفية لا يمكن أن تضفي أو تعطي الحق أو الشرعية لقضية لا حق لها في الأصل.
و أن صناعة الحدث و التاريخ و تحقيق العدالة و التحلي بسلوك المواطنة لاتتأتي من تعكير فرحة عيد الإستقلال الوطني و محاولة تكدير صفو السلم الإجتماعي و بالتالي الخروج علي دعائم الوحدة الوطنية.
الشئ الذي لا يخدم القضايا الوطنية العادلة و لا التعايش الأهلي السلمي بقدر ما يخدم آجندات خارجية ذات نوايا و ابعاد سياسية سيئة.
أرتأيت في إطار التعاطي مع هذا المحتوي و ردا علي مضمون المقارنة أن أعرج علي بعض الأمور رفعا للبس الحاصل في المفاهيم الخاطئة و تبيانا للحقائق و الشواهد و الأحداث التاريخية.
إنطلاقا من قبول الآخر و إلتزاما بالرأي والرأي الآخر.
في الوقت الذي أصبحت فيه وسائل التواصل الإجتماعي إحدي الأدوات المهمة و المهيمنة علي الساحة الوطنية والدولية،فيما يطلق عليها بالإعلام الإجتماعي أو البديل نظرا لما يقوم به من ادوار متعددة الأبعاد منها ماهو سياسي اجتماعي او ثقافي ...الخ.
فإنها تظل في الوقت ذاته حاملة او مروجة لأحد مصادر التهديد للأمن الوطني للدول والمجتمعات و ملاذا آمنا للتقول و التهويل وبئة حاضنة للعنف اللفظي و نشر الكراهية والحقد الدفين في ظل لجوء البعض الي توظيفها بشكل سيئ في نشر الشائعات و إشاعة الأكاذيب المغرضة ،تارة بحجة حرية التعبير أو بدوافع و مصالح ضيقة.
لاشك ان المجتمع الموريتاني بمختلف مكوناته يتقاطع تاريخيا في جملة من العادات و التقاليد و الظواهر الإجتماعية و الثقافية لا يمكن علي الإطلاق نكرانها و لا تجاهلها و إن كانت تتفاوت في ابعادها الإجتماعية و حجم اشكالها و أنماطها بإختلاف و تنوع الموروث الثقافي بين المكونات
كظاهرة العبودية المقيتة و المدانة و المجرمة وطنيا و دوليا والتي نجد بقايا رواسبها و مخلفاتها لدي بعض مكونات الزنوج بمواصفات و ممارسات و أساليب بشعة وخطيرة مقارنة بما كان يحصل لدي مرتكبيها من مكونة البيظان دون أن يثير ذلك شعورا او حفيظة منظمات حقوق الإنسان أو علي الأصح المتاجرين بالقضايا الوطنية بنفس درجة الإهتمام و المسافة من فئات أخري أي مفارقة إذن ؟!
في ظل الدعوة إلي ضرورة حرص الجميع وطنيا علي محاربة أشكال الرق و العبودية داخل و خارج الأوساط الإجتماعية تحت أي ظرف كان أو في أي مناسبة و تجريم و معاقبة ممارسيها و التخلص من رواسبها و تجلياتها بشكل نهائي.
لقد حان الوقت لتيام صامبا أن يعلم ومن وراءه حركة افلام و النائب بيرام و غيرهم
أن دعوات الإنفصال و التمسك بلغة المستعمر و الإرتهان الي الخارج في حلحلة القضايا الوطنية أمر مفروغ منه و لم يعد بالمجد في ظل نظام ديمقراطي وطني كفيل بضمان الحقوق المدنية و غيرها وفي ظل المتغيرات الجيوسياسية الحاصلة و تراجع اللغة الفرنسية في مناطق نطقها بإعتراف الرئيس الفرنسي ماكرون علي مستوي القمة الفرنكوفونية الأخيرة في تونس.
بالإضافة الي تراجع النفوذ الفرنسي هو الآخر في مناطق مستعمراته الإفريقية القديمة علي غرار ما حصل في مالي و بوركينافاسو وغيرها ....
في ظل تزايد و تصاعد النفوذ الروسي داخل منطقة غرب إفريقيا و احتمال ان تشكل اللغة الروسية محط اهتمام و استقطاب و إقبال شعبي كبديل للغة الفرنسية .
اللغة مهما تكن و بالمفهوم الأوسع لم تعد تشكل عائقا ابسيتيمولوجيا في التواصل او التخاطب
او التعامل نتيجة أن العولمة أختزلت العالم في قرية صغيرة.
لكنها بالمقابل تظل امتدادا وتأصيلا لهوية الشعوب و انتماءاتها ، حيث شكلت اللغة العربية تاريخيا داخل المجتمع الموريتاني عامل وحدة و استقرار في ظل وطن واحد ودين واحد
تم ترسيمها دستوريا كلغة رسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية رغم تحفظ واستنكاف بعض الجماعات الزنجية من اصحاب النزعة الفرنكفونية الرافضة للعربية بدوافع و اغراض شخصية.
للوقوف علي حيثيات حقيقة ما أثير من جدل وتناقض حول قضية إعدامات انقلابيي 1990م
فإن ثمة مجموعة من العسكريين الزنوج كانت لديهم طموحات شخصية في الإستلاء علي الحكم و إرساء دولة علي أسس و آجندات خاصة طبقا لمشروع نظام ذات بعد طائفي و شرائحي.
تم إفشال المحاولة الإنقلابية و ضبط المتورطين و إخضاعهم لمحاكمة عسكرية في ظل حكم عسكري استثنائي نفذت فيهم إعدامات رحمهم الله صادرة من محاكم عسكرية قد نتفق علي أنها خارج الإطار القانوني المعهود مقارنة بما يحصل في المحاكم الآن
و إنسانيا بأنها خطوة خاطئة و صادمة وغير مبررة .
لكن ركوب المخاطر علي هذا النحو يتطلب دفع ثمن غالي.
فماذا سيكون الوضع لو نجح الإنقلاب ؟
ستشرد بالطبع و تنفي مجموعات كاملة دون استثناء قد يعدم بعضها بدم بارد احتمال وارد وقائم .
لماذا يتم إضفاء الصبغة العنصرية علي حالة هؤلاء الإنقلابيين الزنوج لكونهم فشلوا في محاولتهم الإنقلابية ؟
ثم لماذا لم يتم إضفاء صبغة حقوقية علي قضية قادة انقلاب 16 مارس 1981 م أمثال الأمير احمد سالم ولد سيدي و البطل الطيار عبد القادر الملقب ( كادير ) و غيرهم ؟
والذين أعدموا نهارا جهارا رحمهم الله بدم بارد لنفس الخطيئة و الأسباب و لم يحرك أحد ساكنا لا من ذويهم ولا من غيرهم و لا من منظمات حقوق الإنسان إضافة إلي مئات الضباط و ضباط الصف و الجنود من مكونة البيظان تم تسريحهم انذاك من داخل المؤسسة العسكرية دون سابق إنذار لا لشئ سوي الشك في ولاءهم أو احتمال الإنتماء لتيارات فكرية جلهم من حاضنة اجتماعية واحدة
ربما امتثالا للمثل القائل:
داخل الجيش لا توجد ثقة إلا لمن هو أهل لها.
رغم ذلك كله لا أحد وصف الأمر بأنه استهداف لحاضنة اجتماعية دون غيرها.
ماهذا التباين في المقاربات و في طرح القضايا الإنسانية و الحقوقية ؟
تأسيسا لماسبق فإن ما حدث مع مأساة احداث دكار العنصرية 1989 م ليس بمعزل عن ما جري في السابق وفي اللاحق
فأحداث السينغال تم اختزالها في قضية مبعدين تمت تسويتها لاحقا بالتعويض لهم و قيام صلاة الغائب علي ارواح موتاهم و إعادة الإعتبار لهم مع كل الإمتيازات و دمجهم في المجتمع .
في حين كان السبب الرئيسي لإندلاع الأحداث المؤلمة و المؤسفة بين الشعبين الشقيقين هو حادثة إتلاف حقل لمزارع سينغالي بالخطأ عن طريق مواشي ابقار لمواطن موريتاني من أصول فلان كانت الشرارة الأولي المنتظرة لإستهداف مكونة البيظان بكل اطيافها.
إنه حق أريد به باطل أو حاجة في نفس يعقوب .
و كأن الموريتانيين من أصول عربية ( البيظان ) و الذين تم التنكيل بهم و سحلهم و إحراقهم في أفران المخابز و نهب ممتلكاتهم و خيراتهم علي مرأي ومسمع من المجتمع الدولي و منظمات حقوق الإنسان.
لا حقوق لهم و لا لذويهم
بالتأكيد تركوا وراءهم أرامل و أيتام لم يتلقوا أي ضمانات للتعويض حتي الآن و لم تقم صلاة الغائب علي ارواح موتاهم علي غرار ما حصل مع المبعدين و لم يتبن قضيتهم أي حزب سياسي ولا منظمات حقوقية محلية أو دولية .
فهم الضحية والخاسر الأكبر في القضية تم تجاوزهم بكل سهولة كأن شيئا لم يحدث .
عن أي عتصرية أو حقوق أو مقارنة يتكلمون ؟!
يجب استنطاق التاريخ والعودة الي الذاكرة من اجل ان يجد الكل حقه غير منقوص دون تزييف للواقع أو إقصاء لأي مجموعة هكذا الإنصاف و غير ذلك باطل.
و ما بني علي باطل فهو باطل.
إننا اليوم نتطلع أكثر من أي وقت مضي في ظل الإستقرار الحاصل و الإرادة الجادة في إحداث التغيير إلي خطاب موحد وجامع و الإنخراط في عمليات إصلاح وبناء شاملة من أجل موريتانيا حاضنة لجميع ابنائها الكل يجد نسفه فيها قوية بتنوعها العرقي و الثقافي وتنوع ثرواتها الطبيعية .
يؤسس لقطيعة تامة مع الفساد في كل تجلياته و يعزز من دولة القانون والمؤسسات في إطار عدالة اجتماعية تصان فيها الحقوق
بالإضافة إلي تقسيم عادل للثروات تذوب فيه الفوارق الإجتماعية من غبن وتهميش ليس إلا.
حفظ الله موريتانيا.