محمد الأمين الفاضل
اتخذت بعض دول أمريكا الجنوبية مواقف قوية داعمة للقضية الفلسطينية، وكان أقواها موقف بوليفيا التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع العدو الصهيوني، وقد استدعت كل من كولومبيا وتشيلي وهندوراس سفراءها في تل أبيب، أما فنزويلا فقد أصدرت بيانا قويا يدين الإبادة الجماعية التي يمارسها العدو الصهيوني في غزة.
من المؤكد أن هذه المواقف هي مواقف جيدة في مجملها، وتستحق التقدير من كل مناصري الحق الفلسطيني، ولكننا ما زلنا ننتظر من بوليفيا وأخواتها أكثر.
نعم إننا ننتظر من بوليفيا وأخواتها أكثر، ولعل أهم ما ننتظر منها هو أن تعلن هي وأخواتها عن تأسيس جامعة دول بديلة للجامعة العربية، والتي لم تعد الشعوب العربية ترجو منها خيرا، بل إن هذه الشعوب أصبحت على قناعة كاملة بأن الجامعة العربية تخدم العدو الصهيوني أكثر من خدمتها للعرب وقضاياهم.
الراجح عندي أن الشعوب العربية على استعداد لتوقيع بيانات تعلن فيها عن انسحابها من الجامعة العربية، وأن هذه الجامعة لم تعد تمثلها، وأن ما يمثلها حقا هو الجامعة التي ستؤسسها بوليفيا وأخواتها، فبوليفيا وأخواتها أصبحت اليوم هي الدول الوحيدة في هذا العالم التي تتخذ مواقف مشرفة من القضية الفلسطينية، وذلك بعد أن انحازت الحكومات الغربية ـ وبشكل مكشوف وفاضح ـ للعدو الصهيوني، في حين قررت الدول العربية أن تنحاز له سراَّ أو ـ على الأقل ـ من خلال الاكتفاء بالتفرج السلبي على ما تتعرض له غزة من جرائم ومجازر وحشية لم يشهد لها العالم مثيلا خلال العقود الأخيرة.
نرجو من بوليفيا وأخواتها أن لا تخذلنا، وأن تسارع هذه الدول إلى تأسيس جامعة دول تقوم بالدور الذي كان من المفترض أن تقوم به الجامعة العربية اتجاه القضية الفلسطينية، والذي تخلت عنه منذ سنوات، أو على الأصح، الذي لم تعد قادرة على القيام به، فالجامعة العربية كانت تعيش منذ سنوات موتا سريريا، وقد أصبح من اللازم أن يعلن اليوم عن وفاتها رسميا.
نعم لقد توفيت الجامعة العربية بشكل رسمي في شهر أكتوبر من هذا العام، والشعوب العربية بحاجة اليوم إلى جامعة دول جديدة تعبر عن تطلعاتها، وتدافع عن قضاياها العادلة، وخاصة منها القضية الفلسطينية، ويبقى التعويل في هذا المجال على بوليفيا وأخواتها، ولذا فالشعوب العربية ترجو من بوليفيا أن لا تخذلها، وأن تسارع في تأسيس جامعة دول من أمريكا الجنوبية تقوم بالدور الذي كان يفترض أن تقوم به الراحلة الجامعة العربية، والـتي غادرت دنيانا الفانية في شهر أكتوبر من عامنا هذا.
ويبقى السؤال : هل يجوز دفن الجامعة العربية في مقابر المسلمين؟
حفظ الله فلسطين..