محمد سالم أحمد صالح
التسجيل البيومتري لأرقام الهواتف أمر مهم جدًا لأسباب بديهية، لكنه يحتاج لتأطير أكثر جدية، أو لنقل أكثر دقةً، لضمان فاعليته و تحييد مخاطره.
أولًا، يجب توضيح علاقة المشترك و المشغل برقم الهاتف : هل هي ملكية، أم إيجار أم خدمة مقدمة ؟ مع ما يترتب على ذلك من التزامات و حقوق.
و لرفع أي لبس، يجب ضبط هذه العلاقة بشروط عامة ، بسيطة و ملزمة للجميع.
هذا الضبط يجب أن ينظم مسار حياة خطوط الهاتف من دمجها في خطة الترقيم الوطنية إلى بيعها و توثيقها، إلى تعطيلها، تعليقها، منحها، بيعها، التنازل عنها … و حتى نقلها لورثة المتوفين.
ثانيًا، يجب على منظم القطاع التدخل لإيقاف حرب الحصص السوقية التي تستنزف مخزون الخطة الوطنية للترقيم و تؤدي إلى ضغط على الباعة يدفعهم بدورهم إلى استخدام كل الوسائل من أجل بيع شرائح الهاتف بما في ذلك عمليات البيع البيضاء و عدم الالتزام التام بشروط التسجيل (تجد السوق دائمًا حلولًا للقيود).
مثلًا، رفع الحد الأدنى لثمن الشريحة قد يكون فكرة جيدة.
ثالثًا، يجب التفكير في وسائل أخرى للتسجيل عن بعد فتقنيات مطابقة الوجه باستخدام الذكاء الصناعي وصلت لمرحلة متقدمة من الدقة و هي معتمدة في كثير من بلدان العالم.
فتح هذا الباب، سيسمح لشركات الاتصال بفتح متاجر على الإنترنت و هو ما شرعت فيه بالفعل.
هذه الوسائل ستساعد أيضًا في حل مشكلة أصحاب الحالات الخاصة مثل الزوار غير المقيمين، أصحاب البصمات المتضررة، العجزة، و المقيمين في الخارج.
رابعًا، على المنظّم فتح خدمة نقل الأرقام من مشغل إلى آخر و هو ما سيقلل الاستخدام الغير مبرر للأرقام من جهة كما سيحيد تأثير "العنوان" الذي بسببه يجد المشترك نفسه مضطرا للبقاء لدى مشغل غير مرضٍ للاحتفاظ برقمه المعروف لدى الناس.
طبعًا، توحيد تسعيرة الاتصال بين الشبكات عام 2016 كان الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.
خامسًا، أستغرب أن تكون قيود توثيق و معرفة المشتركين KYC أشد على شركات الاتصال منها على المؤسسات المصرفية و مقدمي خدمات الدفع و العكس أولى أن يكون.
فهل البنك المركزي متساهل أم سلطة التنظيم متشددة أكثر من اللازم ؟!
سادسًا و هي النقطة الأهم، يجب ضبط هذا "التعامل المباشر و الكثيف" مع البيانات الشخصية للمواطنين و المقيمين و يجب الإسراع بتفعيل سلطة حماية البيانات الشخصية و إلزام المؤسسات العمومية و الخصوصية و الأفراد باحترام النظم في هذا المجال … و إلا تكن فتنة في الأرض و فساد كبير.
أخيرًا، كل هذه المسائل ذات التأثير و الأهمية الكبرى يجب أن يصاحبها عمل إعلامي مصمم بعناية
لرفع أي لبس و توضيح الأمور ، ماهيتها، أسبابها و أهدافها للمعنيين من مواطنين و مؤسسات و جهات حكومية.