د. شماد ولد مليل نافع
كلما نتجت كارثة عن ظاهرة طبيعية، جاءت جماعة ممن يدعون الانتساب إلى العلم والتقوى لتقول لنا ذلك لأن الله لا يرضى، إنما أصابكم غضب من الله، صحيح أن الله لا يرضى، لا يرضى أننا لا نعقل ولا نتعقل، ننصب المجانيق عند ملتقى الصفائح، لا يرضى أن يجعل لنا العقل منة منه، فنركن إلى الانتظارية. لا تقتلنا الزلازل وإنما تقتلنا مجانيقنا التي ننصبها بنايات ونفرح بها مساكن.
تصيب الظاهرة الشديدة العقلاء الذين سخروا منة الله العقل للفهم والتقرير فتعد الضحايا على أصابع اليد الواحدة، وتضرب دونها شدة المنتظرين فيعجزون عن عد الضحايا. إن الله لا يرضى تعطيلنا منة العقل، وسنجني في كل أمر ثمار ذلك، ليس عقابا من الله بل لأن هذه هي سننه، سننه التي لا تتبدل. على قدر التعقل وفهم الظواهر والتقرير بناء على ذلك يحكم الإنسان قبضته على الطبيعة فيعظم المنافع ويخفف الآثار التدميرية، متحملا بذلك مسؤولية الخلافة في الأرض، الأمانة التي عرضت عليه فقبلها وجعل له العقل آلية أدائها، ولا أظن ذلك إلا من لوازم شكر الله على منة العقل. فمن عطل العقل كان له حظنا من التخلف ونصيبنا من الكوارث وفوق ذلك كان عن شكر منة العقل يوم الحساب مسؤول. من المؤسف أن أمة الشكر لا تشكر العقل أعظم ممن الله بتسخيره لبعض ما جعل له : فهم الظواهر وحبك التدبير.
كان زلزال لشبونة استثنائيا، ليس ذلك لقوته التدميرية، وليس لأنه وقع ضحى عيد القديسين والناس يصلون فكانت الكنائس أمهات المجانيق، بل لأن فولتر وروسو وكانت كانوا من شهوده غير المباشرين فأخذوا بشطر البشرية منعطفا بعيدا عن الانتظارية، فأثمر ذلك السلامة والأمن والرخاء الذي يؤمه المهاجرون اليوم من مستنقعات الانتظارية التي لا تزال تزرع تعطيل العقل، فتجني البؤس، فتلفظ أبناءها.
لابد أن نراجع علاقتنا بالعقل والتعقل والعلم وحسن التدبير، لابد أن يصل التعقل إلى كل مفاصل التدبير، إذا أردنا ألا تتحول كل ظاهرة طبيعية إلى كارثة. كيف يستقيم أن نعتبر أننا أفضل الأمم ونحن نلفظ أبناءنا إلى من نعتقد أنهم لا يرجون أيام الله؟ وكيف يستقيم أن نعتبر أننا أمة الشكر ونحن لا نشكر الله على أعظم نعمه نعمة العقل؟
ليس للناس عقول غير التي لنا، لكنها أثمرت عندهم وشِيصَت عندنا.
وفق الله وأعان