مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

مظاهر و مخاطر الفساد علي تنمية و إستقرار البلدان/ بقلم: اباي ولد اداعة 

إسهاما منا في إثراء الساحة الفكرية والثقافية من خلال التعاطي مع القضايا الوطنية والشأن العام عبر نقاشات منصة ملتقي الرأي ذات البعد الوطني الواسع والكبير في صناعة الرأي والأفكار  حول موضوع نقاش ( مظاهر و مخاطر الفساد علي تنمية و إستقرار البلدان   ) .
لا شك أن اكبر عائق ابسيتيمولوجي نحو الإنطلاق الفعلي الي اصلاح شامل هو الفساد  في كل تجلياته و السياسات الخاطئة للحكومة.
حيث ان الإصلاح نقيض الفساد بل هو العلاج الأنجع في حالة استشراء الفساد والسبيل الأمثل للقضاء عليه .
والإصلاح  مفهوم واسع يشمل جميع جوانب الحياة التي يمسها الفساد فهناك الفساد السياسي و القانوني و الإقتصادي و الإجتماعي و الإداري .
وقد ورد لفظ الإصلاح في القرآن الكريم عدة مرات باعتباره نقيض الفساد لقوله تعالي ( الذين يفسدون في الأرض و لايصلحون  ..) وقوله تعالي ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ..) كما أن الإصلاح هو القاعدة والفساد هو الإستثناء لقوله تعالي ( ولاتفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ..) في حين بين القرآن الكريم خطأ الذين يظنون انهم مصلحون  وفي الحقيقة انهم مفسدون  في قوله تعالي ( واذا قيل لهم لاتفسدوا في الأرض قالوا إنما مانحن مصلحون ).
بينما يعرف الفساد لغة بانه نقيض الإصلاح ويراد بهذا الإصطلاح  خروج الأشياء عن الإعتدال 
سواء كان خروجا بسيطا أو شديدا .
كما يعرف إصطلاحا بأنه إساءة استعمال السلطة او الوظيفة التي أؤتمن  عليها الشخص لتحقيق مصالح شخصية ،كما يوصف ايضا بمعني آخر  بانه انحراف سلوكي او تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة و المحاباة .
شكلت مخلفات عهود الأنظمة السابقة في مجال الفساد تركة ثقيلة شملت جميع مناحي الحياة الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية لامست في عمومها مقاصد الآية الكريمة ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت ايدي الناس ..) صدق الله العظيم .
إن من بين جملة الأسباب والعوامل التي كانت وراء الإنتشار الواسع لهذه الظاهرة التي اعاقت النهوض بالتنمية الإقتصادية و الإجتماعية للبلد و ساهمت في عرقلة جهود التنمية و إعاقة المنجز و المأمول من المشاريع الوطنية الخدمية و الإنمائية و كرست الفوارق الإجنماعية من خلال الغبن و التهميش كادت ان تلقي بظلالها علي التعايش والسلم الأهلي .
مايلي : ‐ 
1 - هو أن المتغير الثابت    في أطراف النخبة السياسية الحاكمة le système منذ قيام الدولة المركزية هو رأس النظام أو السلطة فقط.
2 ‐ غياب إرادة وطنية صادقة لمحاربة الفساد .
3 ‐ ضعف سيادة القانون .
4 ‐ جشع المال و الرغبات .
5 ‐ احتكار الفساد ضمن طائفة من المحظوظين  ذوي القرابة و النفوذ .
6 ‐  عدم قيام الجهاز الرقابي  بالدور المنوط به و ازدواجية التعامل المتبعة .
7 ‐ ثقافة الإفلات من العقاب ّ.
8 ‐ تسييس قضايا الفساد من خلال تصفية الحسابات ّ
9 ‐ النفاق السياسي وتكريس الحكم الأحادي 
10 ‐ غياب الوازع الديني والحس الوطني .
11 ‐ تعطيل دور الأسرة القضائية .
12 ‐ تدني الأجور وارتفاع المعيشة .
13 ‐ غياب استراتيجية وطنية ناجعة  في هذا الشأن .
حيث يمثل الفساد تحديا خطيرا في وجه التنمية .
فهو علي الصعيد السياسي يقوض الديمقراطية و الحكومة الجيدة بتعويم أو حتي تغيير مسار العملية الرسمية.
أما الفساد في الإنتخابات و الهيئات التشريعية فيقلل من المساءلة و يشوه التمثيل النيابي في عملية صنع القرار السياسي كما يؤدي إلي :
1 ‐ تشويه الدور المطلوب من الحكومة بشأن تنفيذ السياسة العامة للدولة و تحقيق مستهدفات خطط التنمية.
2 - انهيار و ضياع هيبة دولة القانون و المؤسسات بما يعدم ثقة المواطن فيها.
3 - إضعاف كل جهود الإصلاح المعززة للديمقراطية بما يتزعزع معه الإستقرار السياسي.
4 - إقصاء الشرفاء و الأكفاء من النخب الوطنية و من أصحاب الخبرة و المؤهلات عن الوصول للمناصب القيادية مما يزيد من حالات السخط بين الأفراد و نفورهم من التعاون مع مؤسسات الدولة.
5 -- إعاقة و تقويض كافة الجهود الرقابية علي أعمال الحكومة و القطاع الخاص.
بينما يؤدي الفساد علي الصعيد الإقتصادي إلي : 
1 ‐ إعاقة النمو الإقتصادي مما يقوض كل مستهدفات خطط التنمية علي المدين الطويل و القصير. 
2 -  إهدار موارد الدولة أو علي أقل تقدير سوء إستغلالها بما يعدم الفائدة المرجوة من الإستغلال الأمثل.
3 - هروب الإستثمارات سواء الوطنية او الأجنبية لغياب حوافزها.
4 - إضعاف الإيرادات العامة للدولة نتيجة التهرب من دفع الرسوم الجمركية و الضرائب بإستخدام و سائل الإحتيال و الإلتفاف علي القوانين النافذة.
5 ‐ تدني كفاءة الإستثمارات العامة و إضعاف مستوي الجودة في البني التحتية الأساسية بفعل الرشاوي التي تدفع للتغاضي عن المواصفات و المعايير القياسية المطلوبة . 
    في حين يؤثر الفساد و يتسبب علي المستوي الإجتماعي في : 
1 -- إنهيار النسيج الإجتماعي و إشاعة روح الكراهية بين طبقات و فئات المجتمع نتيجة عدم العدالة و المساواة و تكافؤ الفرص.
2 - التأثير المباشر و الغير مباشر لتداعيات الفساد الإقتصادية و السياسية علي إستقرار. الأوضاع الأمنية و السلم الإجتماعي.
امام هكذا وضع وتحدي فان النظام الحالي ليس مسؤولا عن اخطاء الماضي بقدر ما هو مسؤول عن ضبطها وتصحيحها وتصحيح مسارها انطلاقا من قوله تعالي في الآية الكريمة من سورة البقرة ( ولاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل و تدلوا بها الي الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وانتم تعلمون ...)  صدق الله العظيم .
الأمر الذي جعل مؤخرا السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يخرج عن صمته من خلال خرجاته الإعلامية الغاضبة خارج وداخل الديار  ليقود البلد بثقة وحزم  و بمكاشفة و مصارحة 
نحو مرحلة جديدة  من الحداثة و التحديث لامست طموحات وتطلعات الشعب  بغية بناء واصلاح اقتصادي واداري سريع سيخفف من وطأة هموم المواطن  في ظل ازمة ارتفاع أسعار خانقة عالميا داخل أسواق المحروقات و الحبوب بسبب تداعيات و تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة .
ووفق رؤية واضحة قائمة علي التشاركية لتكريس مفهوم الشراكة بين الدولة ومجتمع الأعمال والمسثمرين المحليين و الخارجيين. 
كما عكست زيارة رئيس الجمهورية الميدانية الأخيرة إلي منطقة بني نعجي التابعة لمقاطعة كرمسبن التي تضم منشآت آفطوط الساحلي التي تزود انواكشوط بالماء الشروب علي وقع أزمة العطش الحادة داخل العاصمة انواكشوط مستوي الإهتمام بحجم معاناة الساكنة و مكنت من الوقوف علي الإختلالات و التلاعب والتقصير الحاصل علي مستوي تشغيل و صيانة منشآت آفطوط الساحلي مما تسبب في تعطيل مصالح المواطن نتيجة حجم الفساد المتراكم.
و ما صاحبها لاحقا من إقالات بالجملة لمسؤولي الشركة الوطنية للماء.
أسس لمرحلة جديدة تميزت بتكريس مبدأ العقوبة و المكافأة و الرفع من أداء القطاعات و مواصلة الإنجازات بكل مهنية و وطنية.
و الإنفتاح علي المواطن و الإستماع إليه و التعاطي الإيجابي مع مطالبه و معاناته.
يأتي إجتماع رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الأخير بعيد عودته من إجازته السنوية و التي يتطلع البعض أن تكون إستراحة محارب بحكم ما ينتظرها من تحديات و ما تتطلب من رؤية و إرادة جادة للقضاء علي الفساد .
من أجل تحسين الأداء في مختلف المرافق و الأجهزة الحكومية و التسريع بجهود البناء و التنمية بما يترجم كافة التطلعات المنشودة.
تجلي ذلك في تحذيرات و تعليمات رئيس الجمهورية بخصوص المشاريع الخدمية و وضع المؤسسات.
وإلزام الحكومة و مقاولي المشاريع بالتقيد بشروط دفتر الإلتزامات
بالإضافة إلي إستحداث آليات متابعة مستدامة تتيح متابعة المشاريع الخدمية الأساسية في كل مرحلة من مراحل تنفيذها بما يضمن تقليل فرص التأخير في إنجاز المشاريع و سبل الإرتقاء بمستوي الخدمات و متابعة تنفيذ المشاريع الخدمية والإنمائية و البني التحتية الأساسية مع ضرورة التقييم المستمر للأداء. 
خطوات و إجراءات تدخل في.إطار تبني
 مقاربة وطنية في مجال الحوكمة و محاربة الفساد حيث شدد رئيس الجمهورية في أكثر من مرة علي أن الفساد داء عضال و علي ان موارد البلد المحددة لا يمكن ان تصرف في غير ما رصدت له وأن الدولة لن توفر الغطاء علي اي مفسد مهما كان ،إلا ان محاربتها للفساد تبتعد عن الطرق الاستعراضية و أن الفاعلية تنافي الضجيج في أحيان كثيرة و ان تسييس القضايا الفنية مضر بالدول و المجتمعات .
مما جعل هذه المقاربة تعتمد رؤية شاملة ترتكز علي محددات اساسية منها : ‐
‐ خلق إرادة سياسية حقيقية 
‐ تكريس مبدأ فصل السلطات وذلك بمنح السلطات القضائية و الرقابية  كامل استقلاليتها في حماية المال العام وفق الضوابط القانونية المعمول بها .
‐ تفعيل الهيئات الرقابية التي تمتلك السلطة التنفيذية حق الوصاية عليها كهيئات التفتيش الداخلية ..الخ
وقد تجسدت هذه الاسترتيجية جليا في الإجراءات المتخذة اخيرا في شأن نقل الوصاية علي مفتشية الدولة الي رئاسة الجمهورية مباشرة .
وما تلاها لاحقا من تجريد اشخاص من مناصبهم  وإقالات بالجملة إثر تقارير فساد في مفاصل مختلفة من الدولة دون أيما إثارة أو تذمر .
في إطار تبنينا وتقاطعنا  مع الاسترتيجيات الوطنية الرامية الي الإصلاح الشامل  والنهوض بالبلاد و العباد الي بر الأمان من خلال مكافحة الفساد.
اقترح جملة من الإجراءات والآليات من بين أخري ستساهم لا محالة في الحد من مخاطر هذه الظاهرة .
1‐ إدماج المحافظة علي المال العام و والإلتزام بمصلحة الشعب والدولة الموريتانية في التربية المدرسية.
2 ‐ خلق الوعي لدي المجتمع بمخاطر الفساد علي الإنسجام الإجتماعي و اهداف التنمية .
3  - الإهتمام بالموارد البشرية والإستثمار في العنصر البشري و تحسين الأوضاع المادية و المعنوية لكافة موظفي القطاعات العمومية .
4 - الإقلاع التام عن توظيف و تدوير المفسدين وإعادة التدوير العائلي و القبلي .
5 - تجديد الطبقة السياسية .
6 ‐ ضرورة إستغلال كل المنابر الإعلامية والدينية في التوعية و التنوير بمخاطر الفساد .
7 ‐ العمل علي توجيه منظمات المجتمع المدني و المدونين  الي محاربة الفساد وخلق رأي عام يهتم بحماية المال العام ،
8 ‐ عدالة إجتماعية تشمل الجميع .
وفي الأخير يبقي المؤشر الوحيد القوي لمدركات الفساد هو المقاربة القائمة علي ( دولة غنية بتنوع مصادرها الطبيعية وشعب فقير....) .
إننا في محيط إقليمي إفريقي مضطرب سياسيا و أمنيا نؤثر كما نتأثر !!

حفظ الله موريتانيا .

أحد, 10/09/2023 - 14:56