د: مريم حدمين باحثة في مجال القانون
تعتبر 2015سنة أزمة في جميع قطاعات الدولة، حيث شهد قطاع الصحة تدهورا كبيرا وغياب شبه تام للوزارة عن مسؤولياتها، وذلك يتجلى من خلال ظهور وباء حمى الضنك، الذي عانت منه كل أسرة موريتانية ، بل وتسبب للأسف في الكثير من الوفيات، فلو كانت هناك إحصاءات دقيقة لاكتشفنا حجم الكارثة، لكن غياب هذه الإحصاءات جعل الوزارة تتستر وتعطي أرقام غير دقيقة، لكن الأطباء الذين لديهم ضمائر حرة يعرفون حجم الكارثة وتعالت أصواتهم بذلك، فمن ذهب إلى الحالات المستعجلة في المستشفى الوطني أو مستشفى الشيخ زايد او مستشفى الصداقة او الأمومة والطفولة في تلك الفترة سوف يتبين له الامر بوضوح، حيث تتواجد طوابير المرضى هنا وهناك، ولا يوجد في المداومة إلا طبيب عام واحد، يشرف على الاستشارات والنظر في الحالات المستعصية ، بل والذهاب في نفس الوقت إلى غرفة المتوفين، لإلقاء النظرة الأخيرة عليهم، فأين الوزارة ياترى؟ وأين التدخل اللازم منها في هذا الوقت العصيب؟
كان من المفروض أن تقوم بحالة استنفار لجميع طواقمها وتحضرهم إلى عين المكان، وتتابع الوضع عن كثب، وتوفر الأطباء الكافيين، وغرف الحجز، والإسعافات الأولية، والأجهزة والمخابر التحليلية اللازمة، لكنها غابت للأسف عن مسؤولياتها، وكأنها ليست معنية بالأمر، بل وان معاناة المواطنين لاتهمها، بل يكفيها الظهور في وسائل الإعلام تارة وأخرى وإخفاء الحقيقة والتدليس على الرأي العام بكلمات لاتمت للحقيقة بصلة ،كالقول مثلا الأمور تحت السيطرة ، وفعلنا مايلزم....... لكن الأمور صارت واضحة للجميع، فالمواطن الموريتاني لم يعد كما كان، يرضى بالكلام بل أصبح يميز بين الحقيقة والكذب.
ومادام وزير الصحة اخفق في مهامه، كان يجب عليه أن يقدم استقالته، ويعترف بخطئه، او يعفى من مهامه، فذلك هو ادني ماينتظره من العقاب، ، نتيجة تقصيره وتلاعبه بأرواح المواطنين.
أما في ما يخص قطاع التعليم فحدث ولا حرج، فكأن إعلان سنة التعليم ،هو إعلان خيبة وريبة وتهاون، فلم تأخذ الوزارة هذا الإعلان بعين الإعتبار، ولم تاخذ تعليمات رئيس الدولة في هذا الإطار بالجدية والعمل الكافي بل تهاونت وتلاعبت بهذا القطاع الحيوي الذي بدونه لايمكن للدولة ان تتقدم، فمثلا كانت مشكلة الاكتظاظ موجودة ومازالت.
كذلك تدني مستويات التلاميذ هي الأخرى كانت ومازالت، أما في مايخص البنى التحتية المدرسية فالمشكلة في غاية الصعوبة، فعلى مستوى انواكشوط مازالت بعض المدارس تعاني من التهالك وعدم الصيانة وقلة الفضاءات التنزهية للأطفال، وقلة الأمن، بل إن هذه المدارس أصبحت مسرحا للجرائم وتعاطي المخدرات والتسيب وغيرها من المشاكل التي تجلبها هذه المدارس للأطفال، فلا توجد رقابة حقيقية ولا رعاية للأجيال، وكأن الوزارة غائبة عن دورها، أما في ما يخص المدارس في الداخل فالحالة أسوأ ما تكون.
كما اصبح التعليم في البلد للأسف يشجع على إثارة الفوارق الاجتماعية، فمثلا أصبحت المدارس النظامية لايدرس فيها إلا أبناء الفقراء، واللذين لاحيلة لهم، أما أبناء الأغنياء فلا يدرسون إلا في المدارس الأجنبية، او المدارس الخاصة الوطنية، وكأن التعليم النظامي أصبح متجاوزا ولا يصلح لشيء.
فالوزارة هي من عملت على تهميش التعليم النظامي، وعدم إعطائه المكان اللائقة به، ولم تعالج المشاكل والنواقص، والتراكمات التي عانى منها هذا القطاع.
وخير دليل على ذلك تسريب الباكلوريا هذه السنة، كذلك، اكتتاب الكثير من المعلمين والأساتذة العقد ويين، والذين لم يخضعوا لتكوين ولا تأهيل بل من البيت إلى المدرسة، وهذا مالا تحمد عقباه، بل سيؤخر التعليم سنوات كثيرة للوراء،بسبب هذه السياسة الممنهجة للأسف.
كما أن عدم وجود تكوينات مستمرة في هذا القطاع، هي الأخرى خير دليل على عدم قيام الوزارة بمسؤولياتها، كذلك عدم متابعة المنهج الدراسي وتطويره وملائمته للتحديات العالمية، هي الأخرى دليل على تقصير الوزارة،أيضا ضعف أداء هيئات الرقابة والتفتيش في هذا القطاع، خير دليل على ذلك ،وكأن الباب متروك على مصراعيه، فهل سيراقب المعلم أو الأستاذ على نفسه، أم الوزارة هي المسؤولة؟
كما أن الوزارة تستخدم المحسوبية والزبونية في التعيينات والترقيات والاكتتابات، وكأن لا رقيب عليا،فلا وجود لمعايير محددة لذلك، بل الفوضى والتلاعب بحقوق العاملين في هذا القطاع، فإلى متى سيظل التعليم على هذه الحالة ؟
أما على مستوى التعليم العالي، فالوضع ليس أحسن بل هناك تردي في الخدمات الجامعية وضعف المستوى الأكاديمي لدى الطلاب، وغياب الرقابة، واستعمال المحسوبية والزبونية في هذا القطاع، وتهميش الأساتذة المتعاونين وحرمانهم من الاكتتاب ، رغم كفاءاتهم وما عانوه من الدراسة في الخارج وتكاليفها وصعوباتها، فكل هذه التحديات قبلوا بها من اجل خدمة الوطن، وحين عادوا لهذا الوطن وجدوا العقبات أمامهم ،من طرف الأساتذة القدامى الذين تخرجوا من معهد الجامعة العربية في مصر والذي لم تعترف جميع دول العالم بشهاداته، إلا موريتانيا، فهؤلاء يعتبرون أنفسهم هم حماة الجامعة وهم من سيبقى فيها إلى الأبد ولا يريدون لهذا الصرح العلمي ان يتقدم بفضل كفاءات أبنائه، بل ظلوا يسيطرون على كل شيء، وكأن الوزارة غائبة عن حل هذا المعضل الحقيقي الذي ينعكس سلبا على مستوى أداء التعليم العالي، كما أن غياب الوزارة واضح من خلال إهمال البحث العلمي فلا توجد مكتبات كبيرة غنية بجميع الكتب وفي جميع التخصصات، توازي المكتبات في الدول المجاورة، فبدون البحث العلمي لايمكن للتعليم أن ينهض او يتقدم، او حتى يفي بدوره المنتظر منه.
أما في ما يخص البني التحتية الجامعية فقد أعطى الرئيس تعليماته ببناء الجامعات، لكن الوزارة لم تأخذ بعين الاعتبار المكان المناسب لهذه الجامعات ولم تدرس التحديات والعوائق التي ستترتب على البعد، بل تجاهلت ذلك، وتركت الطلاب يعانون من مشاكل النقل والسكن والمطعم والمكتبات والمنح، فهل هذا من مسؤوليات الطلاب ام الوزارة هي المسؤولة عن توفيره؟
إذن الوزارة غائبة في كل شيء، ولا وجود لها إلا في وسائل الإعلام، لتضليل الرأي العام وإيهامه بأن التعليم في أحسن حال.
سيادة الرئيس هؤلاء يخونون وطنهم ولا يستحقون التسامح معهم بل إبعادهم عن التعليم والصحة، وتخريب مشاريعهم الفاشلة والمصلحية فقط.
لنا عودة إنشاء الله لتقييم أداء جميع القطاعات الأخرى خلال السنة المنصرمة 2015
دامت موريتانيا للجميع.