مع الخيوط الاولي من فجر يوم الخميس 12 يناير 2006 رحل عميد الأدب الشعبي : الاستاذ محمدن ولد سيد أبراهيم ،في هدوء وصمت كما يرحل الكبار في الغالب، ولا نشعر بحجم عطائهم وقيمتم إلا بعد رحيلهم ،وأحيانا لا نشعر فيلفهم النسيان وتأتي رحى الأيام على ما بقى من ذكرهم .
بعد مرور 10 سنوات على رحيل العميد فإن فراغا أطل الساحة الأدبية يصعب ملؤه ، حيث كرس العميد حياته لحفظ الموروث الثقافي لساكنة الصحراء وإشاعته، الشيء الذي ساهم في خلق إحساس بالانتماء لهذا الفضاء لذي لم يعرف سلطة مركزية .
ولعل الرئيس المؤسس الأستاذ :المختار ولد داداه كان يعني شيئا من ذلك حين قال : شيئين ساهما في وحدة الموريتانيين :
1- إذاعة موريتانيا .
2- وطريق الأمل.
تمر 10 سنوات على ذكرى رحيل عميد الادب الشعبي الاستاذ :محمدن ولد سيد أبراهيم
و كلما حلت ذكرى رحيله قلت في نفسي ما أحوجنا إلى المواظبة على الاحتفال بذكرى رجال من نوع عميد الادب الشعبي الاستاذ :محمدن ولد سيد أبراهيم ، ليس من باب الاعتراف بالجميل ، ولكن أملا في صيانة بعض قيمنا المهددة بالزوال، ذلك أنني أخشي بالفعل أن يكون كثيرا مما كان يلتزم به العميد من مبادئ أخلاقية آخذة في الانحسار ليس من حياتنا اليومية بل من ذاكرتنا أيضا .
وهناك خوف حقيقي من أن يأتي اليوم الذي نروي في للجيل الأصغر منا سنا بعض المواقف النبيلة التي كان يتمثلها هذا الرجل ،فيفغرون أفواههم ليس إعجابا أو أحتراما ،ولكن من الدهشة والاستغراب .
يقول العلامة :محمد سالم ولد عبد الودود رحمه الله تعالى واصفا تشبث العميد بضرورة تهذيب الألفاظ حتي تلائم البث على الأثير .
لكلت أعز غيدي وال كلت الريم
إكولن ول سيدي صرحت أبراهيم
واكب الاستاذ محمدن ولد سيد أبراهيم الاذاعة الوطنية منذ إنشاءها ،فعمل بجد ونشاط ، وكان بحق ذاكرة موريتانيا ،وموسوعتها الثقافية والاخلاقية، ومكتبها الزاخرة بالتراث الحساني
عمل علي صقل الادب من الشوائب وجعله أدبا أجتماعي يمكن أن يتداوله الجميع – الكبار والصغار - بدون حرج ، عمل كذلك على تدوين التراث الشعبي وحفظه وصيانته ،متعاليا به عن الإسفاف ،رافضا أن يكون الادب للتكسب أو مصدرا للدعاية الرخيصة ، مفضلا أن يلعب الاديب دوره التوجيهي والانحياز للقضايا الوطنية .
عاصر عميد الادب الشعبي حكومات مختلفة لم يقل في مدح أي منها حرف واحد ،رغم موقعه كعميد للأدب الشعبي ،وخابت محاولات عديدة لسياسيين حاولوا أستقطابه إلى صفوفهم والاستفادة منه إعلاميا ، ولا أدل على ذلك من رثاء الاديب التقي ولد الشيخ له حيث يقول :
محمـدن لــــــــــديب أنعاووه الخـــــلط
يذاك من التـهذيـب والترش والضبط
محمـدن مـكــــــان كون اطفل موريتان
وأخدمه فلـميـــدان بمســـايل مرتــــبط
بلـفتــــــو والشــان وعمــــــر فيه ذ الط
ماكط اشكر سلطان ألا كط أشكر سلط
كان الاستاذ عميد الادب الشعبي الاكثر صيتا في هذا البلد ،والصوت الاكثر أنتشارا والذي يشنف أذان الموريتانيين على أثير إذاعة موريتانيا على أمتداد التراب الوطني وخارجه، فحكاية محمدن ولد سيد أبراهيم للأدب الحساني جعلته يدخل القلوب ، وأخلاقه الفاضلة وأدبه الرفيع جعلا منه عميدا للأدب الشعبي بلا منازع .
رحم الله عميد الادب الشعبي محمدن ولد سيد أبراهيم