الداه ولد إسلم
تشهد موريتانيا منذ أكثر من سنة هجرة الفئات الشبابية المنتجة، وتزداد هذه الهجرة يوما بعد يوم، يرجع البعض أسبابها للبحث عن تحسين الظروف المادية والبعض الآخر للبحث عن الحرية بشتى مفاهيمها، ويلاحظ المتابعون لتطورات هذه القضية وانعكاساتها على المجتمع إيجابية كانت أم سلبية, الي أن الوجهة المفضلة لهؤلاء المهاجرين هي الولايات المتحدة الأمريكية، عبر المنفذ الجنوبي مع جارتها المكسيك..
أسباب هجرة الشباب الموريتاني الى الغرب
تعود أسباب هذه الهجرة في معظمها إلى الحاجة إلى تغيير وضع اجتماعي واقتصادي الى الأحسن، وتحسين الظروف المعيشية والمادية للمهاجر، وهي رغبة كبيرة للشباب، وتتعمق هذه الرغبة بسبب غياب رؤية واضحة تستهدف تشغيل الشباب في موريتانيا، رغم وفرة الخيرات وتنوعها ورفع الحكومة الموريتانية لشعارات التشغيل والتوظيف وتكليف الدولة عشرات المليارات لهذه السياسات والتي تذهب أدراج الرياح في معظمها...
تكاليف الهجرة باهظة الثمن..
هذه الظاهرة المتفاقمة، والتي لا أمل في الأفق لوقف هذا النزيف ، تكلف الاقتصاد الوطني عشرات المليارات أيضا، فالعائلات محدودة الدخل تنفق سنويا مبلغا يتجاوز العشرة آلاف دولار على هجرة أبنائها والوصول الى بلاد الحلم الأمريكي، ورغم أنها رحلة ليست مضمونة النتائج ولا أحد يمكنه التنبؤ بنتائجها، إلا أن الشباب يصرون على المغامرة، من أجل تحسين أوضاعهم في المستقبل.
آثار الهجرة على الفرد والمجتمع
في الأمد القصير لا شك ستكون لهذه الهجرة آثارا سلبية على المجتمع في ظل صعوبة الحصول على وظيفة للمهاجر ووقوفه على الأحلام الوردية التي كان يتصورها وكيف سيتغلب على تلك المصاعب ويحولها إلى نجاحات تعينه في قادم الأيام بعيدا عن الوطن، ولا شك سيعاني المهاجر من مشاكل في اللغة والإندماج في مجتمع غربي غير مسلم وليست له نقاط تقاطع مع المهاجر من افريقا...
السؤال الجوهري هنا هو كيف ستواجه الدولة هذه الظاهرة وهل تضع حلا جذريا لتشغيل الشباب يكون له أثر على وقف نزيف الهجرة، هل تضع الدولة حلولا وتصورات لهذا الوضع الكارثي المتزايد،
لو كانت الدولة جادة في تشغيل الشباب لوظفت هذه الطاقات الشبابية الهائلة من خريجي الجامعات ومعاهد التكوين المهني، ولخلقت فرص عمل لا متناهية للعمال اليدويين ولأنفقت كثيرا على تكوين وتدريس الشباب، في مختلف القطاعات الانتاجية ولخلقت ثورة وطنية في الطب والهندسة والعمران ومختلف مجالات الحياة، لكن العقول القادرة على إحداث هذه الثورة الاقتصادية مازالت مفقودة، وإلى ذلك الحين ستبقى موريتانيا حبيسة واقعها المتفاقم...