أعلن الكسندر غارسيا سفير الجمهورية الفرنسية في موريتانيا، أنه يجب العمل: "سويًا من أجل بناء نظام مالي دولي أكثر تجاوبًا وأكثر عدلًا وأكثر تضامنًا"
وقال السفير في مقال له: "لم تعد الهيكلية المالية الدولية التي خلفتها حقبة ما بعد الحرب تتكيّف بصورة ملائمة مع فجوة اللامساواة والتحديات المتعلقة بالمناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتحديات المتعلقة بالصحة العامة التي يعرف بها القرن الحادي والعشرون. وتعد الإجابات التي يقدمها المجتمع الدولي اليوم متصدعة وجزئية وغير كافية. ولا تحقق الموارد الميسرة التي توفرها مؤسسات التنمية أقصى إمكاناتها، ولا سيما على صعيد التأثير والتمويل المشترك وتلبية الاحتياجات. ويكبح ارتفاع كلف التمويل وزيادة حدة الديون الاستثمارات في البلدان النامية ولا تزودها بالوسائل اللازمة من أجل التصدي للتحديات التي تواجهها.
إلا أنّ التضامن الدولي أصبح ضروريًا أكثر من أي وقتٍ مضى ولا سيما في إطار استشراء الأزمات التي تفاقم ضعف البلدان الأكثر فقرًا والأكثر ضعفًا. وينبغي قلب المقاييس من أجل إتاحة خروج البلدان الأكثر تعرّضًا للخطر من أزمة فيروس كورونا ومواجهة تداعيات العدوان الروسي في أوكرانيا على الأمن الغذائي والطاقوي وتمويل تكلفة الانتقال في مجال المناخ الباهظة الثمن وعواقب الظواهر المناخية المتطرفة.
وبلغ النظام المالي الدولي الموروث عن بريتونوودز حدّه في حين يهدد مستقبل كوكبنا خطران كبيران أولهما افتقار التنمية وحماية المنافع العامة العالمية للدعم بسبب عدم حشد الموارد، وثانيهما التفتت الجغرافي السياسي بينما أصبحنا بحاجة ماسّة وملحّة لتعدد أطراف فعال وتعاون معزز.
وتشارك عدة بلدان من مجموعة الدول السبع ومجموعة الدول العشرين ومنظمات وجمعيات الاستنتاج عينه مع فرنسا وترغب جميعها في الترويج لهذه القناعة إذ ينبغي لنا أن نتصرف بسرعة ومعًا من أجل تصحيح أوجه انعدام التوازن والعدل التي تؤدي إلى تلك الانقسامات. ولذلك ندعو اليوم إلى مراجعة طرق عملنا وإلى إنشاء صدمة تمويلية. وينبغي لنا أن نطور نظامنا المالي الدولي معًا من أجل أن يصبح أكثر تجاوبًا وأكثر عدلًا وأكثر تضامنًا بغية التصدي لللامساواة وتمويل التحول في مجال المناخ وحماية التنوع البيولوجي والاقتراب من بلوغ أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
وذلك ما يصبو إليه مؤتمر القمة من أجل اتفاق مالي دولي جديد الذي سيعقد في باريس في 22 و23 حزيران/ يونيو القادم. ويرمي هذا المؤتمر إلى أن يكون شاملًا على نحوٍ يتيح التعبير لجميع البلدان والأطياف والإدلاء بالمقترحات كافة.
ويندرج مؤتمر القمة في حركية إيجابية إذ يمثل كل من استهلال إصلاح البنك الدولي ورئاسة الهند مجموعة الدول العشرين ورئاسة البرازيل القادمة واستعراض منتصف المدة لأهداف التنمية المستدامة والالتزامات التي قطعت أثناء مؤتمرات الأطراف دوافعًا من أجل الحفاظ على هذا الاندفاع. وتمت المباشرة بحلول عملية بالفعل إذ استهل كل من نادي باريس ومجموعة الدول العشرين مبادرة من أجل معالجة الديون وتؤدي فرنسا دورًا محوريًا في تنفيذ حلول منسّقة في هذا "الإطار المشترك". واقترحنا حشد مبلغ قدره 100 مليار يورو على هيئة حقوق سحب خاصة في صندوق النقد الدولي في صالح البلدان الأكثر ضعفًا ونُفّذ ذلك بالفعل. وينبغي لجميع البلدان القادرة على المشاركة أن تضطلع في هذه الجهود. وبدأت عدة مصارف إنمائية متعددة الأطراف بتلبية مطالب مجموعة الدول العشرين بالفعل وذلك من خلال تنفيذ أولى تدابير تحسين رأس المال بغية زيادة قدرتها على الإقراض.
ولكن ينبغي اليوم أن نحقق المزيد مستلهمين مثلًا من مبادرة بريدجتاون، وهي مجموعة من الحلول المبتكرة التي استهلتها بربادوس من أجل التصدي لقابلية التأثر بتغير المناخ التي تعاني منها عدة بلدان نامية ومتوسطة الدخل.
وسنعتمد جدول أعمال من أجل إصلاحات المصارف الإنمائية وصندوق النقد الدولي بغية تمويل البلدان التي هي في أمس الحاجة والتصدي للتحديات العالمية على أفضل وجه. ويرمي جدول الأعمال هذا إلى تحسين الأدوات ورؤوس الأموال الموجودة والترويج لنهج وأدوات مبتكرة بغية مواكبة البلدان الأكثر فقرًا والأكثر ضعفًا. ويجسد أيضًا الرغبة في حشد المزيد من التمويلات الخاصة من خلال آليات ضمان وتشارك المخاطر بغية إعادة توجيه التدفقات المالية إلى هذه البلدان ودعم القطاع الخاص المحلي والبنى التحتية المستدامة. ويستدعي ذلك حشد أدواتنا وتمويلاتنا الجيدة والمبتكرة الخاصة والعامة بصورة أكبر.
على سبيل المثال، في شراكتها مع موريتانيا،وضعت فرنسا، عن طريق الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، حلولًا مبتكرة في كل من الموضوعات الرئيسية التي نوقشت أثناء قمة باريس:
-تمويل القطاع الخاص ، مع ضمانات بنكية للشركات الصغيرة والمتوسطة مقدمة منProparco، وهي مؤسسة تابعة للوكالة الفرنسية للتنمية ؛
-بشأن تمويل البنية التحتية المستدامة ، مع بدء تشغيل محطة الطاقة الهجينة في مدينة كيفه ومشاريع جديدة في قطاعي الكهربة وإمدادات المياه الشروب في الأرياف ؛
- الدعم في مواجهة التغيرات المناخية، مع دعم كبير لمشروع السور الأخضر العظيم وتمويل صندوق الاستجابة للأزمات الغذائية والتغذية لصالح السكان الأكثر هشاشة المتأثرين بالأزمات المرتبطة بالتغير المناخي.
وينبغي لمؤسساتنا المالية الدولية أن تزيد انخراطها أكثر من ذي قبل من أجل العمل سويًا مع الحرص على حشد المدخرات الخاصة بصورة أفضل. ويجب علينا قبل أي شيء أن نعطي صوتًا أكبر للبلدان الأكثر ضعفًا في المحافل الدولية لكي نكون أكثر شمولاً.
وسيضع مؤتمر القمة من أجل اتفاق مالي دولي جديد التحديات المالية الدولية في صميم أولوياته وسيولي حضور مختلف رؤساء الدول والحكومات الزخم الضروري من أجل تحقيق التحولات التي تفرض نفسها.
ينبغي ألا نجبر على الاختيار بين التصدي للفقر والتصدي للاحترار العالمي وتبعاته وحماية التنوع البيولوجي. ويمثل الانتقال العادل الحل الوحيد"