لا شك أن أولي الخطوات التي لا مراء فيها نحو التطرف و الإرهاب هو التحريض و الدعوة لحمل السلاح في وجه أمن الدولة و المس بسلامة المواطن و الإضرار بالسكينة العمومية.
انتشرت في الأيام الأخيرة عبر مواقع التواصل الإجتماعي و علي نطاق واسع تسجيلات صوتية و محتويات فيديو و تدوينات تحوي دعوات هدامة علي وقع خلفية الإعلان الرسمي لنتائج الجزء الأول من انتخابات تشريعية و محلية لم تكتمل بعد في انتظار نتائج حصيلة الشوط الثاني يوم السبت القادم إن شاء الله.
سادت فيها لغة الكراهية و عبارات التحريض و إثارة النعرات التي تجاوزت الشتيمة و البذاءة في حق رموز الدولة و النيل من أعراضهم إلي التهديد بالسلاح و التلويح بإثارة الفتن و المساس بالسلم الأهلي و المطالبة بتغيير نتائج الإنتخابات عن طريق العنف.
في إطار ردود فعل معارضة متباينة وصلت الي حد التشكيك في مصداقية الإنتخابات و المطالبة بإلغائها إثر السقوط الحر لأحزاب المعارضة التقليدية و تراجع شعبية بعض المرشحين من بوابة أحزاب أخري كانت ممثلة علي كل المستويات داخل تشكلة اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات المشرف الأول و الأخير علي العملية الإنتخابية برمتها.
لم يشر أو يؤكد أي من ممثليها علي مستوي اللجنة حدوث تجاوزات تذكر مخلة بالعملية الإنتخابية.
علي الرغم من أن طرق الطعن معروفة و مبوبة قانونيا و مصانة دستوريا .
تصعيد يري البعض بانه يدخل في سياق البحث عن تبريرات الإخفاق و صدمة الخروج من الإنتخابات صفر اليدين و عجز حصول البعض علي الحضور المؤثر داخل المشهد السياسي.
كانت البداية من عمق الشرق الموريتاني وبالتحديد من مدينة تمبدغة .
حينما كان العمدة الخاسر في الإنتخابات اعل ولد الشيخ محمد الامين يخاطب حشدا من مناصريه قبل حسم النتيجة لصالح منافسه حيث صرح بأنهم مسلحون و مستعدون لحمل السلاح دفاعا عن أحقيتهم في النجاح تحت أي ظرف كان إنه جنون عدالة الإنتقام للذات .
سبقتها تصريحات مماثلة للعمدة النائب القاسم بلال علي مستوي الحملة الإنتخابية بانواذيب ليست بالأقل حدة
متعهدا بنسف و حرق المدينة عن آخرها إن لم يفز في حالات التزوير وصفها البعض بشحنة حملة زائدة مجرد كلام ليل يمحوه النهار شكلت خروجا عن اللباقة و تهديدا للأمن العام.
تلتها دعوة النائب بيرام اداه اعبيد في خضم مؤتمر صحفي لمناصريه حمل السلاح لحماية اصواتهم في حال تمسك النظام بنتائج الإنتخابات الأخيرة في ظل دخول اطراف المعادلة الإنتخابية الأخري من المعارضة في محادثات و تشاورات مع الداخلية و اللجنة الوطنية المستقلة الإنتخابات للوقوف علي الحقائق و القرائن والإستماع إلي الشروح من أهل الإختصاص من اللجنة الوطنية المستقلة و احتواء الوضع و الخروج برؤية توافقية .
مما تسبب لاحقا في اعتقاله من طرف السلطات الأمنية لنفس الأسباب و الدوافع دون غيره من أصحاب التصريحات الهدامة.
لم يتضح بعد للرأي العام الوطني حيثيات وجزئيات تفاصيل ظروف الإعتقال .
ماعدي تصريح الوزير الناطق الرسمي بإسم الحكومة وكالة و الذي قلل من شأن تصريحات بيرام واصفا إياها بانها كلام عابر لايترتب عليه شئ .
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا تم اعتقاله إذن ؟
و هل يعني حمل السلاح انتظار سيل الدماء ؟
أم هو كلام عابر كعبور المارة لدينا أمام إشارات المرور الحمراء ؟
إن حرية التعبير و الديمقراطية تشترط ضرورة التقيد بالمسؤولية و الإلتزام بالقانون و ما يمليه الدين والأخلاق.
و أن هذه الدعوات في عمومها هي استثمار رخيص لملف الإنتخابات لأغراض شخصية علي حساب المصلحة العامة و تجاوز خطير للخطوط الحمراء .
فالهدم أسهل من البنيان و الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.
دعوات تستوجب المساءلة القانونية و المحاسبة و إنزال أقصي العقوبات لأن المراد منها التأسيس لممارسة العنف و التسبب في ايجاد حالة من عدم الإستقرار و إثارة الفوضي و إشاعة ثقافة التطرف لا تخدم التعايش السلمي إطلاقا.
فكما يقول الشاعر :-
قتل امرء في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر.
في حين يرى بعض المراقبين للساحة الوطنية أن تنامي هذه الظاهرة في ظل التطاول علي الدولة عائد إلي المرونة و التراخي الحاصل في تطبيق القانون و عدم احتواء النظام بالسرعة المطلوبة القضايا الحساسة ذات البعد الوطني.
كما أن دعوات حمل السلاح المتكررة لم تلق حجم الإدانة المطلوب وطنيا من مختلف الفرقاء و الأحزاب السياسية و المجتمع المدني و منظمات حقوق الإنسان .
إن دولة القانون والمؤسسات ينبغي ان تفرض علي الجميع سواسية الإنصياع لأحكام القانون بعيدا عن أي تعسف أو تمييز فبذلك وحده تتحقق و تستديم ثقة المواطنين في السياسات العمومية التي لا يمكن ان يتسني لها النجاح دون تلك الثقة .
فلا أحد فوق القانون و مهمة الدولة حفظ الامن و السلم الأهلي و هي أهل لذلك في ظل جاهزية تامة لقواتنا الأمنية و العسكرية.
موريتانيا أمانة في أعناقنا.
حفظ الله موريتانيا من شر الفتن ماظهر منها و ما بطن.