سم الله الرحمن الرحيم وصلى على خير البرية ابتداء وانتهاء وعلى آله وصحبه أجمعين
إخوتي ورفاقي في حزب التجمع من أجل موريتانيا "تمام":
أعزائي الشباب، مواطني بلدي الغالي موريتانيا:
يطيب لي أن أبعث لكم بهذه الخاطرة وفاء لحق الصحبة، وأداء لواجب النصيحة، وإسهاما في تنوير الرأي العام الذي يجب على كل سياسي مخاطبته بصدق.
لقد سعيت منذ الإعلان عن موعد الانتخابات البلدية والتشريعية والجهوية لتجهيز ملف ترشحي وخوض غمار المنافسة للحصول على تزكية الشعب من أجل دخول الجمعية الوطنية وتبليغ صوتكم جميعا والدفاع عن حقوقكم وطرح مشاكلكم على صناع القرار الوطني.
وقد استطعت بعد عدة لقاءات مع بعض المسؤولين وصناع القرار واستشارة بعض الخبراء من أهل الرأي والحكمة أن أتجاوز مسألة إقصاء حزبنا من التشاور المحضر للانتخابات رغم حصوله على حكم من المحكمة العليا يبين بطلان قرار حله ضمن مجموعة الأحزاب التي تم حلها بعد انتخابات 2018 وما حملته من تناقضات مثيرة لسنا الآن بصدد الحديث عنها.
وكنت خلال سعيي لإعلان ترشحي متحمسا جدا للمشاركة في هذه الاستحقاقات فكل الأمور تشير بالنسبة لي إلى أن المسار الانتخابي سيكون مميزا وهادئا وسيجد كل المتسابقين فيه حظهم دون ظلم ولا حيف.
فقد تم اختيار حكماء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بعد مسار توافق شارك فيه قادة أحزاب عريقة في الديمقراطية الوطنية، وغير متهمين على مصلحة البلاد والعباد، وباركته الحكومة، وحددت مواعد متفق عليها للإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي ومواعيد أشواط الاقتراع، ولم يبق إلا أن يقول المواطن الموريتاني كلمته ويختار ممثيله بحرية واحترام.
وقد تابعت باهتمام بالغ كل التفاصيل المتعلقة بالموضوع، وبعد دراسة متأنية للساحة حسمت قراري بعدم الترشح.
واليوم وبعد اكتمال فرز النتائج بشكل نهائي سأشرح في نقاط مختصرة أسباب هذا القرار وحيثياته.
1- تمكن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بأسلوبه الهادئ وكياسته وبخطابه الأخلاقي المتزن أن يخمد جذوة الخطاب النضالي الذي كانت تتبناه الأحزاب الراديكالية وتسوق من خلاله أنفسها، وهو ما أفرغ خطاب المعارضة من محتواه وقلص من تأثيره في نفوس شعب أكبر همه الحصول على لقمة العيش الكريم، وخلق إجماعا وطنيا حول شخص رئيس الجمهورية، كما أقنعت البرامج الاجتماعية التي أعلن عنها تباعا السواد الأعظم من الشعب بضرورة إعطائه فرصة لتحقيق إنجازات لصالح المواطن الضعيف، ولو أحسن المكلفون بتنفيذ هذه البرامج تسييرها وأعطوها حقها لكان الوضع اليوم أحسن بكثير مما هو عليه.
2- استغل بعض المتنفذين في حزب الإنصاف مستوى القبول الذي لقيه خطاب رئيس الجمهورية للتخلص من الأغلبية والمعارضة، ونسوا أو تناسوا أن العملية الديمقراطية برمتها قائمة على الرأي والراي الآخر، وأن إضعاف الأغلبية الرئاسية والتخلص من المعارضة ومحاولة العودة إلى نظام الحزب الواحد والحكم بمنطق: "من ليس معنا فهو ضدنا" لا يخدم رئيس الجمهورية ولا يفيد المصلحة الوطنية، وهذا ما أثمر وجود عدد كبير من المغاضبين ليسوا بالضرورة أقل شأنا ولا خبرة ولا وفاء لرئيس الجمهورية ممن تحكموا في قرارات الترشيح داخل حزب الإنصاف.
3- أسهمت عملية تهجير الناخبين من مواطنهم الأصلية عبر خاصية التسجيل عن بعد في الإحصاء الإداري في تغيير الخريطة السياسية بشكل مفاجىء، وفقدان أحزاب وأشخاص لقوة تأثيرهم في أماكن خبروا دروبها وشعابها وتعودوا ولاءها منذ انخراطهم في العمل السياسي قبل عدة عقود.
4- فقد الشعب الموريتاني الثقة في الخطاب الشعبوي للطبقة السياسية الذي تكرر كثيرا على مسمعه، وزادت الهوة بينه وبين هذه الطبقة بشقيها القديم والجديد نسبيا، بعدما خبر التصويت لها وتأكد أن هدف بعض السياسيين من خطاباتهم المغرضة والهجومية والاستفزازية أحيانا هو مجرد الوصول إلى مناصب انتخابية أو سياسية، وبمجرد حصولهم على نصيب من الكعكعة ينسوا آلام وهموم من أوصلوهم، ولا يتذكرونهم إلا في مناسبة انتخابية أخرى.
وأمام هذه الوضعية فقد قررت التريث وعدم المشاركة، على أن أواصل مشروعي في أقرب فرصة وبوسائل وأسباب تعزز الثقة بيني وبين من أتفق معهم في الرؤية وأومن وإياهم بأن الوطن يستحق علينا الكثير من الصبر والتضحية من أجل العبور به إلى بر الأمان.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
الدكتور يوسف ولد حرمة ولد ببانا
رئيس حزب التجمع من أجل موريتانيا (تمام)