مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

الإعلامي الهيبة ولد الشيخ سيداتي: "أخطر ما أظهرته الانتخابات تكريس تصدر الأحزاب العائلية"

كتب الإعلامي البارز الهيبة ولد الشيخ سيداتي قائلا: "الأحزاب العائلية والتزوير

من أخطر ما أظهرته انتخابات 2023 تكريس تصدر الأحزاب العائلية وامتداد ممارسات التزوير من المناطق الريفية إلى نواكشوط التي وصل التلاعب فيها مستويات غير مسبوقة.

يتصدر حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم، المعروف شعبيا بحزب منت مكناس، يتصدر الآن المشهد الانتخابي في نصف الدوائر التي تشملها جولة الإعادة. وهو حزب ورثته رئيسته من أبيها المرحوم حمدي ولد مكناس وليست له هيئات معروفة ولا يعلن عن اجتماعات أو مهرجانات أو أي نشاطات أخرى خارج المواسم الانتخابية، ولم تتجاوز بياناته الصحفية عدد أصابع اليد خلال عمره الممتد لأكثر من عشرين سنة.

ينضاف إلى هذا الحزب حزب التحالف الوطني الديمقراطي، أو حزب ولد امين، وهو الحزب الذي يمكنه اليوم أن يتباهى بكونه أول حزب يدخل شقيقين للبرلمان الموريتاني في عهدة واحدة.

كما شهدت الانتخابات بوادر صعود أحزاب عائلية أخرى، في ظاهرة تعكس اتجاها نحو تأميم للسياسة لصالح الأسر ونزوعا نحو تكريس نظام العوائل السياسية، وهو اتجاه ينسجم تماما مع ظاهرة التصويت القبلي الفاضح العابر للأحزاب وتفاخر القبائل الآن بأعداد ممثليها في البرلمان. في مشهد يمثل نكوصا خطيرا عن الديمقراطية وتقويضا لمقومات الدولة الحديثة.

أما التزوير فأغرب ما فيه هذه المرة أنه ضرب أطنابه بانواكشوط التي كان يتفاداها أو يلم بها على استحياء، مراعاة لمستوى الحضور الحزبي فيها وقوة المعارضة ونشاط المتاح من الاعلام الحر والمراقبين.

وأخطر ما في الأمر أن التجاوزات لم تقع خفية ولم تقتصر على محاولات التأثير في مجريات التصويت؛ بل حصلت بشكل معلن وموثق: التصويت المفتوح، وإعلان التمديد من طرف حملة حزب الإنصاف دون قرار من اللجنة، وامتدت إلى التلاعب بنتائج الاقتراع بعد اكتمال عملياته: التلاعب بالمحاضر وتغيير بياناتها بعد تسليمها للأحزاب، باعتراف اللجنة المشرفة التي تغاضت عن ممارسات التزوير التي باشرتها بعض الأحزاب، ولم تعاقب ممثليها المتواطئين، ولم تفتح تحقيقات جادة في عمليات التزوير التي تمت، ولم تعد الفرز في المكاتب التي شهدت عمليات تزوير أو تلاعب بالمحاضر.

يحتاج البلد الآن لرؤية متبصرة ومواقف وقرارات راشدة، فكل الاضطرابات التي حصلت في بلدان الإقليم كانت في منطلقها مرتبطة باستحقاقات انتخابية متعثرة. والمثال المالي بالغ الدلالة في هذا السياق، حيث انطلقت شرارة الاحتجاج بحركة رافضة لانتخابات برلمانية ونيابية أريد تقديمها على انتخابات رئاسية كان مفترضا أن لا يترشح لها رئيس الجمهورية. صحيح أنه كانت هناك عوامل أخرى متراكمة أكثر عمقا وأشد تأثيرا من تزوير الانتخابات، لكن الساسة الذين كانوا موحدين في مواجهة تلك التحديات فرقهم الموقف من الانتخابات فضيعوا بلدهم.

جمعة, 19/05/2023 - 18:39