يقصد بمفهوم الحملة الإنتخابية إلي المرحلة التي تسبق عملية الإقتراع و يتم خلالها الترويج للمرشحين و التعريف ببرامجهم الإنتخابية بهدف حشد أكبر عدد من المؤيدين و المناصرين .
وتتميز الحملة الإنتخابية بأنها جهد مدروس و مخطط له يتطلب اعداد طويلا و تنسيقا فائقا بين عدة أطراف ابرزها المرشح نفسه.
و بوجه عام تشير الممارسات الدولية في الإنتخابات إلي أن الحملات الإنتخابية تخضع لقوانين و ضوابط خاصة تصدر لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين كافة المرشحين في عرض برامجهم و نشر دعايتهم الإنتخابية بما يكفل مبدأ المساواة بينهم .
فعلي العموم تخضع الحملات الإنتخابية للمرشحين لعدة قواعد و ضوابط محددة تختلف من بلد إلي بلد و تتقاطع في بعض التفاهمات يتعين الإلتزام بها و إلا قد تعرض المرشح المخالف للمساءلة القانونية نذكر منها علي سبيل المثال : ‐
‐ يحظر القيام بأية دعاية انتخابية للمرشحين تنطوي علي خداع الناخبين أو التدليس عليهم.
‐ يحظر استخدام اسلوب التجريح أو التشهير بالمرشحين الآخرين في الدعاية الإنتخابية.
‐ يحظر استغلال الدين أو الإنتماء القبلي أو العرقي في الدعاية الإنتخابية.
ما ميز حملة الإستحقاقات التشريعية و الجهوية والبلدية الحالية لموسم 2023 م علي مستوي التنظيم هو مشاركة كل الأحزاب السياسية المعترف بها و البالغ عددها 25 حزبا دون أيما قطيعة أو استثناء يذكر .
وصل حجم مشاركة اللوائح بلغة الأرقام 1378 لائحة بلدية و 145 لائحة جهوية بالإضافة إلي 559 لائحة نيابية طبقا لبيان اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات .
بالتأكيد سيكون نصيب الأسد منها لحزب الإنصاف رغم الإنشقاقات و حالات المغاضبة بحكم طبيعة المشاركة الواسعة في كل الدوائر الإنتخابية و بحكم أمور أخري.
بالإضافة إلي تعزيز حضور و مشاركة المعارضة التقليدية و التي توصف بالحاضر الغائب داخل المشهد السياسي خلال المراحل الأخيرة.
إضافة إلي أحزاب اغلبية أملها الوحيد تسجيل و إثبات حضور داخل فلك مجموعة الأغلبية الداعمة للنظام انضم إلي بعضها مؤخرا مجموعات وازنة من المغاضبين ذوي التأثير علي الصعيد الإجتماعى بسبب إقصائهم من الترشح علي مستوي حزب الإنصاف قد يعزز من حظوظ فوز الأحزاب الحاضنة لهم في الإنتخابات المرتقبة.
لاشك أن التحدي القادم خلال الإستحقاقات الراهنة بالنسبة لللحزب الحاكم حزب الإنصاف سيكون حزب تواصل بدرجة اولي نظرا للقاعدة الشعبية الثابتة لديه ذات البعد العقائدي و نتيجة للحضور القوي عبر المشاركة في دوائر و مناطق واسعة من البلاد .
بالإضافة إلي ما ستفرزه تبعات المشاركة من بوابة حزب الصواب لمجموعات سياسية متطرفة ذات بعد و توجه شرائحي كحركتي ايرا وافلام في ظل تنامي خطاب الكراهية و إثارة النعرات لديهم و كشف المستور من نواياهم.
اتسمت حركية الحملة الإنتخابية للمترشحين علي مستوي بعض ولايات انواكشوط العاصمة بنوع من الفتور في التحضير و التعبئة و ضعف الحماس لدي المؤيدين والمناصرين بعد انطلاقها في اليوم الأول حيث أقتصرت علي ضرب الخيام و فتح المقرات و تعليق صور المرشحين و بياناتهم الإنتخابية في بعض واجهات الشوارع .
بينما احتدم الإستقطاب السياسي في مناطق من البلاد وسط تنافس حاد بين مختلف مرشحي الإنتخابات التشريعية والجهوية والمحلية وصل إلي درجة التجريح و الكلام العنيف علي مرأي و مسمع من القائمين علي شأن وضبط العملية الإنتخابية دون تحريك ساكن.
تباينت مستويات الخطاب السياسي الإنتخابي للمرشحين خلال افتتاح الحملة دون ان تلامس او تعكس طموحات و هموم المواطن الجريح و التائه .
مابين تمجيد المنجز الحكومي و أمل الوعود وركوب أمواج إثارة النعرات و القفز علي مخاطبة الجمهور باللغات الوطنية و رقص بعض كبار الساسة علي ايقاع نغمات الفلكلور الشعبي .
في ظل ترقب رفع العريضة المطلبية للشغيلة الموريتانية الكادحة إلي الجهات المعنية تزامنا مع ذكري عيد العمال الدولي أملا في تحسين مستوي الأجور و المعيشة و الحد من ارتفاع الأسعار و تحسين الخدمات الصحية وغيرها
مطالب قد تلقي بظلالها علي المشهد الإنتخابي خلال الحملة.
في حين يري بعض المراقبين للشان الإنتخابي أن أهداف الحملة و الشعارات الواهية لم تعد تؤثر في قناعة الناخب الموريتاني لتطور مستوي الوعي السياسي لديه .
بقدر ماهي فرصة و مناسبة أملتها ظروف الإنتخابات و نظم الديمقراطية و وسيلة تسلية مرح وترح و فرصة لقتل الوقت و هدر المال والطاقات يغذيها و يعززها الحضور الكبير لقوي المال و الأعمال من اصحاب المصالح الضيقة علي غرار ما يحصل في المناسبات الإجتماعية.
أعتادت الإنتخابات الموريتانية منذ عقود سيطرة الإعتبار الشخصي في تحديد وجهة التصويت علي حساب عامل الولاء الحزبي لعوامل عدة لعل ابرزها اعتماد غالبية الاحزاب علي الأعيان و النافذين في المجتمع من أجل ضمان المقعد الإنتخابي
نظرا لأنعدام و غياب الروابط بين الأحزاب و الناخبين بالشكل الموجود في المجتمعات الديمقراطية في العالم خارج إطار المواسم والمناسبات السياسية .
فالعلاقة القائمة لدينا كثيرا ما تكون بدوافع عائلية او قبلية او مصلحية ليس إلا.
بالمقابل فإن التعديلات التي طالت الترسانة القانونية للمنظومة الإنتخابية من شأنها الإسهام في تعزيز و تقوية الرقابة علي العملية الإنتخابية إضافة إلي جعلها أكثر شفافية و مصداقية مما يمنح الناخب الشعور بالتواجد في قلب الصراع السياسي بين الأحزاب بدوافع وطنية بحتة تخدم مصلحة البلاد والعباد ففي ذلك فليتنافس المتنافسون.
التوفيق والنجاح لمن يخدم مصلحة الوطن والمواطن.