مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

الدورة التاسعة و الأربعون لمجلس وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي: المشاركة الواسعة والتنظيم الموريتاني الناجح و المتميز

بقلم:  اباي ولد اداعة

إذا كانت مدينة انواكشوط تم إختيارها منذ أسابيع قليلة عاصمة للثقافة الإسلامية بحكم الدور العلمي المشرف الذي اضطلعت به مدننا التاريخية ( شينقيط ، وادان ، تيشيت ، ولاتة..) و هو من أهلها أن تكون مسجلةعلي لائحة التراث الإسلامي.
فإنها اليوم علي موعد أن تكون ايضا عاصمة للتعاون الإسلامي سياسيا إعلاميا إقتصاديا بإمتياز لمجموعة دول منظمة التعاون الإسلامي في إطار استضافتها و احتضانها للدورة 49 لمؤتمر وزراء خارجية التعاون الإسلامي ،بفضل جهود موريتانيا الحثيثة في دعم و تطوير العمل الإسلامي المشترك 
و اهتمام المجموعة الكبير بحجم و تنوع فرص الإستثمار داخل موريتانيا في إطار المصالح المشتركة مما سيفتح آفاقا واعدة و متزايدة بين مختلف أعضاء المنظمة علي مستوي المنطقة الإسلامية، بالإضافة إلي ما تشهده موريتانيا من أمن و إستقرار دائمين وهي علي مشارف إقتصاد واعد و مستقبل أفضل في ظل مراحل إنتاج نفط وغاز واسعة منتظرة  و مرتقبة .
حيث أضحت وجهة و قبلة للعالم الإسلامي ثقافيا سياسيا و إقتصاديا.....و كيف لا وهي بلاد المنارة و الرباط.
تأسست منظمة التعاون الإسلامي 1969 م و خرجت من رحم مأساة حريق المسجد الأقصي في القدس و هي منظمة دولية تضم 57 دولة إسلامية تهدف إلي تعزيز التعاون و التنمية بين الدول الأعضاء.
واجهت العديد من التحديات علي غرار نظيراتها من أهمها الصراعات و النزاعات السياسية التي تؤثر علي الإستقرار في بعض الدول الأعضاء كما تعاني المنطقة من التطرف و الإرهاب الذي يشكل تهديدا للأمن والإستقرار في محيط الدول الأعضاء.
بالإضافة إلي تداعيات و تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة و انعكاساتها علي منطقة التعاون الإسلامي و ما سببته دوليا من إضطرابات في الأسواق و ارتفاع مذهل في اسعار المحروقات و الحبوب .
في حين تواجه المنظمة ايضا تحديات أخري في مجال البئة مثل تلوث البحار و المحيطات و التغيرات المناخية الناجمة عن النشاط الصناعي و التجاري ناهيك عن المخاطر المتكررة للظواهر و الكوارث الطبيعية كالفيضانات و الزلازل ......الخ.
بينما تسعي و تحاول منظمة التعاون الإسلامي في هذا الصدد توعية المجتمعات الإسلامية 
حول أهمية الحفاظ علي البئة و تشجيعهم علي المشاركة في حمايتها و تحسينها و التعبئة علي
استخدام الطاقات المتجددة و الحفاظ علي الموارد المائية و الحيوانية. 
ومع ذلك فإن المنظمة تحمل آمالا كبيرة في تعزيز التعاون و التنمية بين الدول الأعضاء لتحقيق تكامل إقتصادي و تجاري و ثقافي........
كما تسعي إلي تعزيز دور المرأة في المجتمع و دعم حقوق الإنسان و الحريات العامة.
و تشجع المنظمة أيضا علي التعاون بين الدول الأعضاء في مجالات عديدة : مثل التعليم ، العلوم ، التكنولوجيا ،الزراعة،الطاقة......و إلي توفير و خلق فرص عمل و تحسين مستوي المعيشة داخل المنطقة.
بالإضافة إلي ذلك تعتبر منبرا لتعزيز التضامن بين الدول الإسلامية و دعم القضايا الإسلامية المشتركة مثل الدفاع عن حقوق الفلسطينيين  و التصدي للإسلاموفوبيا و التعرض للإسلام و المسلمين و النيل منهم .
أما علي مستوي العاصمة انواكشوط فقد انطلقت فعاليات مؤتمر وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بقصر المؤتمرات ( المرابطون ) بحضور رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الذي أفتتح بدوره الدورة العادية للمجلس بمشاركة واسعة لوزراء خارجية الدول الأعضاء و بعض ممثليهم بالإضافة إلي المراقبين الدوليين و ممثلي المنظمات الدولية .
تحت شعار : الوسطية و الإعتدال صمان الأمن والإستقرا .
عكس هذا الحضور المتميز و النوعي علي مستوي الدورة و المشاركة الكبيرة الهامة حجم المكانة التي تحظي بها موريتانيا علي الصعيدين الإقليمي و الدولي .
ودورها الفعال ضمن الجهود المشتركة لمنظمة التعاون الإسلامي.
في حين شكل حفل الإفتتاح مناسبة تاريخية لإستلام موريتانيا رئاسة منظمة التعاون الإسلامي ،ألقي خلالها رئيس الجمهورية خطابا إفتتاحيا قيما و هاما لامس هموم و قضايا الأمة الإسلامية و جسد مقاصد و أهداف المنظمة .
تميز في المضمون بالوضوح في المقصد و الدقة في الطرح و تحديد الأولويات .
حيث قال بالحرف الواحد في مستهل حديثه : إن القيم التي تأسست عليها منظمتنا منظمة التعاون الإسلامي من تآخ و تسامح و تآزر و صهر للجهود خدمة لمصالح و تطلعات شعوب المنطقة الإسلامية تشكل كنه ديننا الإسلامي الحنيف الذي هو في جوهره رسالة سلام ودين وسطية واعتدال و ليس من المعقول ولا من المقبول لأمة هذه قيمها أن يسود فيها غير الأمن و التعاضد و الوئام ...
لذا فإن علينا جميعا بذل كافة الجهود الممكنة في سبيل فض كل النزاعات القائمة بين بعضنا البعض علي نحو يحفظ لكل دولة من دول المنظمة حوزتها الترابية و سيادتها و يجعل منها عنصرا فاعلا في تحقيق التطور و التنمية المستدامة في فضائنا الإسلامي بمجمله.
كما يتعين علينا الدفع بعملنا الإسلامي المشترك نحو تحقيق التكامل الإقتصادي بين بلداننا .
كما نوه و رحب رئيس الجمهورية في هذا السياق بالمفاوضات السعودية الإيرانية و حرص علي ضرورة تجاوز الخلافات البينية.
وبين من جهة أخري حرص موريتانيا الدائم علي تجديد الدعوة للحل العاجل و السلمي و المستدام لكل النزاعات في العالم الإسلامي كالنزاع في اليمن و سوريا و ليبيا و غيرها ....
مؤكدا أن بلادنا لازالت تبذل جهودا كبيرة في محاربة الغلو و التطرف و في العمل علي ترسيخ ثقافة التسامح و الإعتدال.
و تدرج في حديثه إلي القول :  لن تدخر بلادنا جهدا خلال رئاستها للدورة التاسعة والأربعين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في سبيل دعم و تطوير العمل الإسلامي المشترك.
وقد بحث المشاركون علي مستوي المؤتمر جملة من قضايا الساعة تخص المنطقة الإسلامية شملت مجالات مختلفة سياسية اجتماعية ،اقتصادية، علمية و انسانية فضلا عن مستجدات القضية الفلسطينية و تطورات الوضع في منطقة الساحل الإفريقي ،مالي و جامو و كشمير و قضايا الأقليات المسلمة العالقة و ما تشهده من اضطهاد و ظلم و تمييز من حين لآخر.
دعا وزراء دول المنظمة في ختام اجتماعهم إلي تقديم المزيد من المساعدة و الدعم لدول الساحل في ظل تصاعد الإرهاب و تفاقم الأزمات الإنسانية.
كما أشادوا ايضا بمقترح القرار المقدم من طرف موريتانيا و المتمثل في طلب إنشاء صندوق لدعم الشباب في منطقة الساحل كجزء من استراتيجية متكاملة لمكافحة التطرف ودعم الفهم الوسطي الصحيح للدين الإسلامي.
في حين دعت منظمة التعاون الإسلامي دولها الأعضاء إلي الضغط علي المجتمع الدولي من أجل قبول العضوية التامة و الدائمة لفلسطين في الأمم المتحدة .
كما رحبت علي مستوي الدورة بالإتفاق بين السعودية و إيران برعاية الصين.
بينما خلص إعلان انواكشوط إلي رفض دول التعاون الإسلامي التام للإرهاب في كل تجلياته و بجميع صوره و اشكاله و إدانة كل المحاولات الرامية إلي ربطه ببلد أو دين أو جنس او عرق أو حضارة معينة.
لاشك أن نجاح الدورة 49 لمجلس وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي بكل المقاييس و علي مستوي المخرجات و التنظيم و في هكذا ظروف دولية خاصة وخاصة جدا .
هو ثمرة جهود أعضاء المنظمة معا وبالدرجة أولي الدبلوماسية الموريتانية .

كل التهاني من أرض المنارة و الرباط.

جمعة, 17/03/2023 - 17:08