أعلن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن الحاجة إلى عالم إسلامي آمن ومستقر ومتكامل اقتصاديا أشد إلحاحا من أي وقت مضى "نظرا لما يجتاح العالم اليوم، من أزمات أمنية واقتصادية وبيئية هدامة، يحتاج الصمود في وجهها للكثير من التعاضد وتوحيد الجهود". مضيفا القول في افتتاح الدورة التاسعة والأربعين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إن موريتانيا تجدد الدعوة للحل العاجل والسلمي والمستدام لكل النزاعات في العالم الإسلامي، كالنزاع في اليمن وسوريا وليبيا.
وجدد ولد الشيخ الغزواني التأكيد على دعم موريتانيا لكل المسارات التفاوضية والحوارية، الهادفة إلى تجاوز الخلافات، وإلى التقريب بين الدول والشعوب الإسلامية، وجاء في الخطاب ما نصه:
"معالي السيد حسين ابراهيم طه – الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي؛
أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي؛
المدعوون الكرام؛
أيها السادة والسيدات؛
أرحب بكم جميعا، بين إخوتكم وعلى أرضكم، في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، راجيا لكم مقاما طيبا، في مدينة نواكشوط، التي تضاعف تشريفها، اليوم، بعد إعلانها عاصمة للثقافة الإسلامية، باستضافتها الدورة التاسعة والأربعين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
ويطيب لي، بهذه المناسبة، أن أهنئ جمهورية باكستان الإسلامية، على النجاح الكبير الذي ميز رئاستها، للدورةَ الثامنة والأربعين، لهذا المجلس، شاكرا الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، معالي السيد حسين إبراهيم طه، على ما يبذله من جهود لتطوير العمل الإسلامي المشترك، والدفع به إلى أرحب الآفاق.
كما أود الإعراب، في هذا المقام، عن جزيل الشكر لخادم الحرمين، جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، ولولي عهده، رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان، على ما تقدمه المملكة العربية السعودية، لمنظمتنا من قيم الدعم ودائم المساعدة.
أيها السادة والسيدات؛
إن القيم التي تأسست عليها منظمتنا، منظمة التعاون الإسلامي، من تآخ، وتسامح، وتآزر، وصهر للجهود خدمة لمصالح وتطلعات شعوبنا، تشكل كنه ديننا الإسلامي الحنيف، الذي هو في جوهره، رسالة سلام، ودين وسطية، واعتدال.
وليس من المعقول، ولا من المقبول، لأمة، هذه قيمها، أن يسود فيها غير الأمن والتعاضد والوئام.
ولذا، فإن علينا جميعا، بذل كافة الجهود الممكنة، في سبيل فض كل النزاعات، القائمة بين بعضنا البعض، على نحو، يحفظ لكل دولة من دولنا، حوزتها الترابية وسيادتها، ويجعل منها، عنصرا فاعلا في تحقيق التطور والتنمية المستدامة، في فضائنا الإسلامي بمجمله.
كما يتعين علينا الدفع بعملنا الإسلامي المشترك، في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي بين بلداننا، بتعزيز تبادل الخبرات، وتنمية التجارة البينية، وترقية الاستثمارات، وخلق مناخ يشجع رأس المال الإسلامي ويوجهه، إسهاما في بناء تنمية مستديمة.
وأنوه في هذا السياق، باحتضان نواكشوط يوم أمس "منتدى الاستثمار لمنظمة التعاون الإسلامي وموريتانيا".
إن حاجتنا اليوم، إلى عالم إسلامي آمن، ومستقر ومتكامل اقتصاديا، أشد إلحاحا من أي وقت مضى، نظرا لما يجتاح العالم اليوم، من أزمات أمنية واقتصادية وبيئية هدامة، يحتاج الصمود في وجهها للكثير من التعاضد وتوحيد الجهود.
وتأسيسا عليه، فإننا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، نجدد الدعوة للحل العاجل والسلمي والمستدام لكل النزاعات في العالم الإسلامي، كالنزاع في اليمن وسوريا وليبيا.
كما نشجع كل المسارات التفاوضية والحوارية، الهادفة إلى تجاوز الخلافات، وإلى التقريب بين الدول والشعوب الإسلامية.
وننوه في هذا السياق، بالمفاوضات السعودية – الإيرانية الأخيرة راجين لها التوفيق.
وبخصوص، قضيتنا المركزية قضية فلسطين المحتلة، فإننا نجدد موقفنا الثابت، والمتمثل في التمسك بضرورة قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة، على الأراضي المحتلة عام 1967، عاصمتها القدس الشرقية، وفقا لمبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. كما ندعو إلى أن تنال دولة فلسطين العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة.
أيها السادة والسيدات؛
يعكس شعار دورتنا هذه: «الوسطية والاعتدال صمام الأمن والاستقرار"، عمق إدراكنا جميعا، لضرورة ترسيخ ثقافة الاعتدال والتسامح والتآخي، عملا بتعاليم ديننا الحنيف، وضمانا للسلام، وتوفيرا لشروط التنمية والازدهار.
ولذا بذلت بلادنا، ولا تزال تبذل، جهودا كبيرة في محاربة الغلو والتطرف، وفي العمل على ترسيخ ثقافة التسامح والاعتدال، ولنا في هذا المجال شراكة مثمرة مع أشقائنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال تنظيم مؤتمر سنوي لتعزيز السلم في إفريقيا.
وتندرج جهودنا هذه، ضمن استراتيجية وطنية متكاملة ومندمجة، لمحاربة الإرهاب نعززها إقليميا بالعمل المشترك مع إخوتنا في مجموعة دول الساحل الخمس، التي نتولى حاليا رئاستها الدورية.
لكن علاوة على محاربة الغلو والتطرف والإرهاب، لا بد لنا جميعا، من أن نواجه بحزم وصرامة، محاولات تشويه ديننا الحنيف، عبر الحملات الإسلاموفوبية المتكررة.
ولا يسعنا في هذا السياق، إلا أن نثمن عاليا، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، القاضي باعتماد اليوم الخامس عشر من شهر مارس من كل سنة، يوما عالميا لمكافحة الإسلاموفوبيا.
أيها السادة والسيدات؛
لن تدخر بلادنا جهدا، خلال رئاستها للدورة التاسعة والأربعين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، في سبيل دعم وتطوير العمل الإسلامي المشترك.
وإنني إذ أعلن على بركة الله افتتاح هذه الدورة، لأرجو لأعمالها كل التوفيق والنجاح".