الحاج سيدي إبراهيم سيدي يحي - مهندس في مجال البترول
بالنسبة لي فإن هذه الانتخابات القادمة بصفة عامة لن تغير المعادلة بشيء يذكر.
تعود المواطنون على اختيار مرشحيهم على أسس بعيدة عن كونهم قادرين على تلبية مصالحهم، وأصبح نجاحهم أو فشلهم هو الآخر لا علاقة له بكفاءاتهم لأنها لم تكن أصلا معيارا لاختيارهم من طرف المواطن.
إن نجاح مرشح ما في هذه الظرفية لا يعطي أي دلالة على كونه هو الأمثل، رغم أن هناك من سيفرح ويمرح لنجاحه، ومن سيكتئب ويحزن في الطرف المنافس له.
هذا كله لا يعني بأننا لا حظ لنا في أن نجد "le prince charmant" الذي قد ينقذنا لكننا لم نتخذ له مسلكا.
إن تكلفة هذه الاستحقاقات التي تزيد الأزمة عمقا في بلد فقير يسوده الجهل والغبن باهظة جدا. فتكلفة المنتخب الواحد في الدوائر تتجاوز مليار أوقية إذا أخذنا بعين الاعتبار مصاريف المتنافسين وما ستنفقه الدولة مما جعل الكلفة الإجمالية هي الأخرى تتجاوز مائة مليار أوقية وهذا الأمر سنعيشه بعد سنتين فى الانتخابات الرئاسية القادمة، وسيتكرر من جديد بعد كل سنتين أو ثلاث سنوات.
كان من الأحسن بنا أن نقف وقفة جادة لتقييم هذا المشهد الفيلكلوري المكلف المسمى بالديمقراطية التي لم تساهم على مدى عشرات السنين في تطوير وتنمية بلادنا، ولعل استغلال هذه الأموال الضخمة التي تصرف فيها قد يغنينا عن المساعدات الأجنبية إن تم إنفاقها حقا في التعليم والصحة والبنية التحتية.
أليس من الأجدر بنا أن نطالب بانخراط الأحزاب السياسية والمثقفين والفاعلين السياسيين والسلطة في بناء أسس تمكن المواطن من المشاركة الجادة في الديمقراطية الحقيقية بعيدا عن إنتاج أرقام قد تعطي الشرعية لنظام يسوده الوهم بأننا كنا وما زلنا وسنبقى المثل الأعلى في الشفافية والنمو وحسن التسيير والعدالة والمساوات…
إن النجاح الذي حققته سنغافورة معجزة حقا. فهو البلد الفقير الذي لا يملك أي شيء رغم ذلك استطاع رئيس وزرائه "لي كوان يو" القفز به إلى مستوى الدول المتقدمة. وقد تم ذلك عن طريق الاستثمار من خلال المدخرات المنزلية القسرية وهي تحتل اليوم المركز الثالث في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد. الأمثلة في هذا المجال كثيرة ولا مجال لسردها.
نحن اليوم أمام تحد كبير، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار المشاكل الأمنية في المنطقة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والهجرة غير الشرعية لأبنائنا وانعكاسات تراكمات الحكامة السيئة التي خلفتها الأنظمة السابقة على نمو بلادنا.
قال الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إن إفريقيا بحاجة إلى رجال عظماء أكثر مما هي بحاجة إلى رجال أقوياء.
من هذا المنظور فإننا نتطلع إلى اختيارات سياسية شجاعة قد تحدث قفزة نوعية في مسار ديمقراطيتنا الناشئة توصلنا بها إلى برِّ الأمان.