مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

بائعات التبغ .. معاناة مستمرة من أجل لقمة عيش كريمة

منذ زمن طويل تكافح بائعات التبغ، متحملات  لفح الشمس ووعصف الريح واستنشاق غبار التبغ، وتعاقب البرد القارس والحر الشديد على أبدانهن، في ظروف تستقبل الزائر بمظاهر البؤس والاستياء،  كدا من أجل معيشة لها تجمعن، ولأجلها تصبرن وتتحملن.

 

 لا يدرين أن وضع صحتهن وصحة غيرهن على المحك، منهن معيلات للأسر على تدني مردودية بضاعتهن كما يروين.

 

أم المؤمنين سيدة طاعنة في السن تعمل بائعة للتبغ في تلك الظروف الصعبة، وهي معيلة لثلاثة من الأولاد كانت تتلقى المعونة على شأنهم من والدها فمات، ظلت يومها الطويل في مكان عملها فباعت قيمة 450 أوقية، منها سيكون نصيب الأولاد الثلاثة وأم المؤمنين وحظ رأس المال!

 حال أم المؤمنين يمثل صورة حية من أحوال جاراتها وزميلاتها في العمل اللاتي شاطرنها الوجيعة والحال بلسان حال واحد ولسان مقال يعزف على وتر المعاناة ذاته.

وأبرزت البائعات في معاناتهن ما يلاقينه من الويلات عندما تقوم السلطات بحملاتها لمطاردة الباعة المتجولين مشيرات إلى نجاتهن من الحملة الأخيرة بسبب مكانهن المتواري نسبيا عن الأنظار لأنهن لسن على واجهة شارع رسمي كبير، كما أنهن يحتمين أحيانا بأصحاب مستودعات  البضائع وأصحاب المحلات حواليهن وذلك ما يرجعنه إلى أن أصحاب تلك المحلات يعتبرونهن راعيات لها ومصدر حفظ وأمن.

 

ومن جانب آخر فإن المؤشرات والدراسات التي قامت بها الحكومة الموريتانية والمكتب الوطني للإحصاء حملت حقيقة خطيرة وهي أن التبغ بلغ المرتبة الثانية في البلاد من حيث الاستهلاك بعد المواد الغذائية، مما يدق ناقوس الخطر من انتشار استخدام وتعاطي هذا النوع من المنتجات.

 

 

ولعل انتشار مادة التبغ في موريتانيا وكونها على رأس سلم الاستهلالك من المفروض أن يقابله انتعاش في تجارتها وسوقها، ينعكس على أوضاع البائعات ومستوردي المادة الخام قبل الصناعة، وقد قالت مصادر من التجار أن بعضا من بائعات التبغ تمتلك ودائع مالية تقدل بالملايين لدى التجار في السوق المركزي بالعاصمة.

 

 

الأمر يثير أكثر من تساؤل حيث وضعية وحالة بائعات التبغ إلا أنها لا تعدو حسب مراقبين أن يكون الأمر مرتبطا بقلة من البائعات اللائي نجحن في التجارة نظرا لكونهن موردات للمادة الخام وموزعات لها، حيث أخذن معظم العملية من الصناعة إلى التوزيع والبيع.

 

 

لقطة كواليس من الفلم الموريتاني بائعة النعناع للمخرج سالم دندو أثناء تصوير خارجي بمقاطعة توجنين بالعاصمة الموريتانية نواكشوط (أرشيف - السراج)

 

تتحدث البائعات عن جمعيات توعوية تنبههن بين الفينة والأخرى إلى مخاطر تجارتهن، إلا أنهن يعتبرن أنفسهن بريئات من تداعيات تلك المخاطر لأنهن لا طاقة لهن على الإيراد ولا التصدير والمسِؤول هو المستورد لنبتة التبغ من الأصل.

 

أما زبناؤهن فثلاثة، أكثرها وفرة المدخن العادي ذو الكم الشرائي البسيط، يليه الباعة من أصحاب المتاجر الصغيرة وصاحبات الطاولات التي توجد عادة على جنبات الطرق، أما النوع الثالث من الزبناء فهم القادمون بالتبغ ورقا لتكسيره وتفتيته مقابل أجرة يتم الاتفاق عليها وتختلف من اتفاق لآخر.

 

 

 

ففي السينما الموريتانيا الحديثة وعلى شاشتها طفت معاناة بائعات التبغ من خلال قصة فنية جسدها فلم "بائعة النعناع" للمخرج الموريتاني سالم دندو والذي سرد حياة أسرة موريتانية فقيرة تعيش على بيع التبغ والنعناع، كوسيلة للبقاء وكسب لقمة العيش، الفلم عبر في جزء منه عن معاناة بائعات التبغ وصعوبة عملهم ومخاطره إلى جانب ضعف المردود.

 

وهكذا إذن في تلك الظروف المزرية تنتظر بائعات التبغ وطنا يحنو عليهن ويترفق بهن وبمن تعلن وقد طال الانتظار، وتحت تعاقب الأيام وتبادل حالات الطقس تعري الأقدار الحالة البائسة التي تعرض حياة كثيرين للخطر، وتكافح النسوة المفترشات من قارعة الطريق وساحات الرمل قرب الأسواق لأجل الحصول على لقمة العيش دافعهن إليها عدم وجود بديل كريم عن عملهن الخطر.

 

http://essirage.net/node/4393

أربعاء, 30/12/2015 - 15:53