مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

دعاة الفتن وركوب الأمواج

أستوقفني محتوي فيديو لناشطة موريتانية مقيمة في المنفي نشر علي نطاق واسع عبر مختلف منصات و وسائل التواصل الإجتماعي .
يفتقد للدقة والمصداقية في سرد الوقائع والأحداث ،جاء وفقا لميول ورغبات الناشطة الخاصة و المثيرة.
كما حمل الكثير من المغالطات و المعلومات الكاذبة والمضللة ، في ظل التحامل الكيدي و التهويل المفتعل علي الوطن و استهداف وحدة و تماسك شعبه من قبل بعض دعاة الفتن و إثارة النعرات في محاولة يائسة للنيل والتقليل من شأن مكونة البيظان بأطيافها العريضة و الواسعة نكرانا وجحودا لدورها التاريخي و المحوري في قيام الدولة المركزية.
كأنها نست او تناست عن قصد او غير قصد حجم جهود و تضحيات ابطال مقاومتنا الباسلة التي قدمها ابناء هذه المجموعة ضمن مقاومتهم الشرسة للمستعمر داخل ربوع الوطن بشهادة المستعمر نفسه و الحق ما شهدت به الأعداء.
الشئ الذي يؤكد جليا أن أرض إفريقيا لكل أبنائها بيضا و سودا عربا و عجما و أن عشر دول عربية من أصل إثنين وعشرين قطرا عربيا منتشرا في قارات العالم شكلوا امتداد جغرافيا و انتماءا تاريخيا للقارة السمراء و جزءا من همومها بكل فخر واعتزاز وشعور إفريقي حتي النخاع بدون مزايدة أو نكران ربما امتثالا لما قيل شعرا في السابق :
                               كل أرض لأهلها شام         و شمامة لأهلها شمامة.
حيث أن ما أثارته الناشطة الموريتانية من مسوقات وافتراءات في خضم طرحها لا يخدم القضايا الوطنية العادلة  و لا التعايش الأهلي السلمي بقدر ما يخدم آجندات خارجية ذات نوايا و ابعاد سياسية سيئة مبيتة .
أرتأيت في إطار التعاطي مع هذا المحتوي و ردا علي المضمون أن أعرج علي بعض الأمور رفعا للبس الحاصل في المفاهيم الخاطئة و تبيانا للحقائق و الشواهد و الأحداث التاريخية.
إنطلاقا من قبول الآخر و إلتزاما بالرأي والرأي الآخر.
في الوقت الذي أصبحت فيه وسائل التواصل الإجتماعي إحدي الأدوات المهمة و المهيمنة علي الساحة الوطنية والدولية،فيما يطلق عليها الإعلام الإجتماعي أو البديل بالنظر لما يقوم به من ادوار متعددة الأبعاد منها ماهو سياسي اجتماعي او ثقافي ...الخ.
فإنها تظل في الوقت ذاته حاملة او مروجة لأحد مصادر التهديد للأمن الوطني للدول والمجتمعات و ملاذ آمن للتقول و التهويل وبئة حاضنة للعنف اللفظي و نشر الكراهية والحقد الدفين ..،في ظل لجوء البعض الي توظيفها بشكل سيئ في نشر الشائعات و إشاعة الأكاذيب المغرضة ،تارة بحجة حرية التعبير أو بدوافع و مصالح ضيقة.
لاشك ان المجتمع الموريتاني بمختلف مكوناته يتقاطع تاريخيا في جملة من العادات و التقاليد و الظواهر الإجتماعية و الثقافية لا يمكن علي الإطلاق نكرانها و لا تجاهلها و إن كانت تتفاوت في ابعادها الإجتماعية و حجم اشكالها و أنماطها بإختلاف  و تنوع الموروث الثقافي بين المكونات 
كظاهرة العبودية المقيتة و المدانة و المجرمة وطنيا و دوليا والتي نجد بقايا رواسبها و مخلفاتها  لدي بعض مكونات الزنوج بمواصفات و ممارسات و أساليب بشعة وخطيرة مقارنة بما كان يحصل لدي مرتكبيها من مكونة البيظان دون أن يثير ذلك شعور او حفيظة منظمات حقوق الإنسان بنفس درجة الإهتمام و المسافة من فئات أخري أي مفارقة إذن.
في ظل ضرورة حرص الجميع وطنيا علي محاربة أشكال الرق و العبودية داخل و خارج الأوساط الإجتماعية تحت أي ظرف كان أو في أي مناسبة و تجريم و معاقبة ممارسيها و التخلص من رواسبها و تجلياتها نهائيا.
إن دعوات الإنفصال و التمسك بلغة المستعمر و الإرتهان الي الخارج في حلحلة القضايا الوطنية أمر مفروغ منه و لم يعد بالمجد في ظل نظام ديمقراطي وطني كفيل بضمان الحقوق المدنية و غيرها وفي ظل المتغيرات الجيوسياسية الحاصلة و تراجع اللغة الفرنسية في مناطق نطقها بإعتراف الرئيس الفرنسي ماكرون علي مستوي القمة الفرنكوفونية الأخيرة في تونس.
بالإضافة الي تراجع النفوذ الفرنسي هو الآخر في مناطق مستعمراته الإفريقية القديمة علي غرار ما حصل في مالي و بوركينافاسو وغيرها ....
في ظل تزايد و تصاعد النفوذ الروسي داخل منطقة غرب إفريقيا و احتمال ان تشكل اللغة الروسية محط اهتمام و استقطاب و إقبال شعبي كبديل للغة الفرنسية .
اللغة مهما تكن و بالمفهوم الأوسع لم تعد تشكل عائقا ابسيتيمولوجيا في التواصل او التخاطب
او التعامل نتيجة أن العولمة أختزلت العالم في قرية صغيرة.
لكنها بالمقابل تظل امتدادا وتأصيلا لهوية الشعوب و انتماءاتهم ، حيث شكلت اللغة العربية تاريخيا داخل المجتمع الموريتاني عامل وحدة و استقرار في ظل وطن واحد ودين واحد 
تم ترسيمها دستوريا كلغة رسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية رغم تحفظ واستنكاف بعض الجماعات الزنجية من اصحاب النزعة الفرنكفونية الرافضة للعربية بدوافع و اغراض شخصية.
للوقوف علي حيثيات حقيقة ما أثير من جدل وتناقض حول قضية إعدامات انقلابيي 1990م
فإن ثمة مجموعة من العسكريين الزنوج كانت لديهم طموحات في الإستلاء علي الحكم و إرساء دولة علي أسس آجنداتهم الخاصة و مشروع نظام ذات بعد طائفي.
تم إفشال محاولتهم و ضبطهم و إخضاعهم لمحاكمة عسكرية في ظل حكم استثنائي نفذت فيهم أحكام إعدام رحمهم الله صادرة من محاكم عسكرية قد نتفق علي أنها خارج الإطار القانوني المعهود مقارنة بما يحصل في المحاكم الآن
 و إنسانيا بأنها خطوة خاطئة و صادمة وغير مبررة .
لكن ماذا سيكون الوضع لو نجحوا في طموحاتهم ستشرد و تنفي مجموعات كاملة قد يعدم بعضها احتمال وارد وقائم .
لماذا يتم إضفاء الصبغة العنصرية علي حالة هؤلاء الإنقلابيين الزنوج لكونهم فشلوا في محاولاتهم الإنقلابية ؟
ثم لماذا لم يتم إضفاء صبغة حقوقية علي قضية قادة انقلاب 16 مارس 1981 م أمثال الأمير احمدسالم ولد سيدي و البطل الطيار عبد القادر الملقب  ( كادير ) و غيرهم ؟
والذين أعدموا نهارا جهارا رحمهم الله بدم بارد لنفس الخطيئة و الأسباب و لم يحرك أحد أي ساكن لا من ذويهم ولا من غيرهم و لا من منظمات حقوق الأنسان .
ماهذا التباين في المقاربات و في طرح القضايا الإنسانية و الحقوقية  ؟
تأسيسا علي ماسبق فإن ما حدث مع مأساة احداث دكار العنصرية  1989 م ليس بمعزل عن ما جري لا حقا .
فأحداث السينغال  تم اختزالها في قضية مبعدين تمت تسويتها لاحقا بالتعويض لهم و قيام صلاة الغائب علي ارواح موتاهم و إعادة الإعتبار لهم مع كل الإمتيازات و دمجهم في المجتمع .
في حين كان السبب الرئيسي لإندلاع الأحداث المؤلمة و المؤسفة بين الشعبين الشقيقين 
هو حادثة إتلاف حقل لمزارع سينغالي بالخطأ عن طريق مواشي ابقار لمواطن موريتاني من
أصول فلان. كانت الشرارة الأولي المنتظرة لإستهداف مكونة البيظان بكل اطيافها.
إنه حق أريدبه باطل أو حاجة في نفس يعقوب .
و كأن الموريتانيين من أصول عربية و الذين تم التنكيل بهم و سحلهم و إحراقهم في أفران المخابز و نهب ممتلكاتهم و خيراتهم علي مرأي ومسمع من الجميع .
لا حقوق لهم و لا لذويهم ولم يتلقوا أي ضمانات للتعويض حتي الآن و لم تقم صلاة الغائب علي ارواح موتاهم علي غرار ما حصل مع المبعدين و لم يتبن قضيتهم أي حزب سياسي ولا منظمات  حقوقية محلية أو دولية .
فهم الضحية والخاسر الأكبر في القضية تم تجاوزهم بكل سهولة كأن شيئا لم يحدث .
عن أي عتصرية أو أي حقوق يتكلمون إذن ؟!
يجب استنطاق التاريخ والعودة الي الذاكرة من اجل ان يجد الكل حقه غير منقوص بدون تزييف للواقع و دون إقصاء لأي مجموعة هكذا الإنصاف و غير ذلك باطل.
و ما بني علي باطل فهو باطل.
إننا اليوم نتطلع أكثر من أي وقت مضي في ظل الإستقرار الحاصل و الإرادة الجادة في إحداث التغيير إلي خطاب موحد وجامع و الإنخراط في عمليات إصلاح وبناء شاملة من أجل موريتانيا حاضنة لجميع ابنائها الكل يجد نسفه فيها قوية بتنوعها العرقي و الثقافي وتنوع ثرواتها .،يؤسس لقطيعة تامة مع الفساد في كل تجلياته و يعزز من دولة القانون والمؤسسات في إطار عدالة اجتماعية تصان فيها الحقوق و تقسيم عادل للثروات تذوب فيه الفوارق الإجتماعية من غبن وتهميش ليس إلا.

حفظ الله موريتانيا .
اباي ولد اداعة.

.

جمعة, 10/02/2023 - 13:37