كشف الوزير السابق، الأستاذ سيدي محمد ولد محم، أن: "غالبية النخب تحارب القبيلة في العلن وتتخندق وراءها في السر في تناقض يشي بعدم التصالح مع الذات والواقع".
وقال في تدوينة له: "القبيلة تنظيم إجتماعي سائد في مجتمعات ما قبل الدولة، وهو الأرقى من بين كل تلك التنظيمات التي عرفتها هذه المجتمعات، إذ يتسع هذا التنظيم للتعدد العرقي والثقافي والمهني وحتى الديني عادة، ويساس وفق تقاليد مرنة في الغالب تتسم بالمركزية واللامركزية وفق متطلبات تمليها السمات الغالبة للأفراد والحالة الاقتصادية والمحيط.
ورغم المآخذ على ما في القبيلة في تكريس للطبقية، إلا أنها ظلت مع ذلك تعطي أمثلة عديدة في كسر القاعدة الطبقية لصالح المكانة العلمية والوضعية الإقتصادية، وهي قادرة الآن أكثر من أي وقت مضى على تذويب الحواجز الطبقية داخلها بفعل ارتفاع مستويات الوعي وسيادة مفاهيم المساواة والحاجة إلى التعاضد الاجتماعي.
ولا يمكن للقبيلة أن تشكل بديلا عن الدولة ولا نقيضا لها، فالأولوية أولا وأخيرا هي للدولة، إلا أن القبيلة كما الأسرة والقرية والمدينة والفريق تبقى دوائر انتساب وإنتماء أضيق، لا حساسية منها ولا تستحق كل هذا الجدل المثار حولها ما لم توظف كبديل عن الدولة أو تستغل للمساس بثوابتها ومقدساتها، كما هو الحال في كل دول المحيط الإفريقي والعربي وأبعد من ذلك بما فيه الدول المحكومة بأنماط يسارية.
أما الأغرب فهو أن الذين تستفزهم القبيلة لا يجدون غضاضة في المجاهرة بالانتماء العرقي الذي تتعفف عنه القبيلة، والانتصار للشريحة والفخر بها وهو ما تحاول التنظيمات القبلية تجاوزه مع الوقت.
ناهيك عن أن غالبية نخبنا يحارب القبيلة في العلن ويتخندق وراءها في السر في تناقض يشي بعدم التصالح مع الذات والواقع الذي يجب تغييره وفق آليات التطور الطبيعي بعيدا عن أساليب الكسر والحلول الطفرة".