بقلم : الشيخ بدو
الشيخ أحمد بن دهاه الملقب الحسين، الإطار البارز في قرية بوخشيبية، مثقف عضوي من طراز رفيع، جمع ثقافات عالمية، متحدث لبق بلغات عدة عالمية، يتميز بخبرة دولية عمرها ربع قرن في تنمية المجتمعات و البلدان، أورثته إياها تجربته الطويلة كمنسقٍ لدى برامج منظمة الأمم المتحدة التي تعنى بأزمات الصحة و التعليم و الأمن في القارة الإفريقية.
الشيخ احمد الحسين كذلك سياسي مخضرم، عاصر مختلف الأنظمة السياسية و العسكرية التي تعاقبت على البلاد منذ نظام و لد الطائع و أبصر و لاحظ نقاط القوة لديها و كذالك نقاط الضعف.
الحسين كذالك سليل أسرة دهاه، فهو الرجل المتواضع و المتصوف الواصل، و لا غرو إذا عرفنا أنه غصن من دوحة المجد المباركة للولي الصالح و القطب العارف خديم الحضرة الأحمدية التيجانية الشيخ محمد مختار بن دهاه، مؤسس قرية بوخشيبية، و والده المباشر الذي رباه فأحسن تربيته و أدَبه فأحسن تأديبه. و ربما يكون لهذه التربية الدور الأبرز في نظافة الرجل السياسية و التي جعلت قلوب غالبية ساكنة المقاطعة تهفو و تحُن إليه.
الحسين كذالك هو نتاج تصالب عرقي عجيب فقد اختلطت فيه الدماء البيظانية العَلوية والهالبولارية الفلانية، فوالدته هي المغفور لها بإذن الله خدي سي، بنت العارف بالله أمادو سي، العارف التيجاني الذي خدم الطريقة التيجانية في موريتانيا و السينيغال و ربط أواصر الأخوة و المحبة بين دولتي الشعب الواحد.
هذه الازدواجية العرقية الجميلة للحسين و الروافد المتعددة لشخصيته تجعله المرشح الأبرز لحزب الإنصاف لنيابيات 2023، خاصة و أن هذا الانتماء له أهميته الخاصة في منطقة أركيز التي تتميز بفسيفسائيتها العرقية التي تلقي بظلالها على الاختيارات الواعية للساسة. و هذا الغنى في شخصيته يجعله يتميز بتحالفات واسعة مع الطبقة السياسية في انتيكان و مناطق واسعة من شمامة و مناطق الضفة.
مقاطعة أركيزأو لخشيم كما عرفه تروبادور الصحراء،هذا الهلال الخصيب، الذي يرزح تحت رمال النسيان و عوامل التعرية الجيولوجية دون بسيط استغلال حتى وقت قريب. هذا الهلال الخصيب الذي لو استغلت موارده استغلالا معقلنا لغطت الحاجة الغذائية للبلد قاطبة و لتحولت بفعل نشاطها الاقتصادي ذاك إلى بستان الدولة الخلفي الذي يؤمنها من خوف و يطعمها من جوع.
غير أن للسياسة المحلية دورها كذالك في خلق (أو قتل) هذا الحلم الذي طالما راود ساكنة المنطقة الزراعية الكبرى في البلد، و هذه السياسة ثنائية الاتجاه ظلت عبر التاريخ القريب في حالة مدٍ و جزرٍ بين تيارين اثنين : تيار تمثله الطبقة السياسة المنتخبة حالياً، نُواباً و عُمداً، و الذي يبدو من حصيلتها التي شارفت على العقدين تقريبا أنها عاجزة عن تقديم جديد في ما يخص التنمية المحلية و استجذاب المشاريع و الإقلاع بواقع الساكنة نحو الأفضل.أما التيار الثاني و الذي تمثله الطبقة السياسية الصامتة المراقبة و الغير موجودة في المناصب الانتخابية منذ عقدين من الزمن، والتي كانت شاهدة على إخفاقات الأولى، و لهذه الطبقة ينتمي الشيخ أحمد الحسين.
مقاطعة أركيز التي تتميز بخصائصها المناخية الفريدة لكونها اللسان الرملي داخل شمامة، ما يجعلها بستان الولاية بلا منازع لو أحسن استغلاله من طرف الفاعلين السياسيين و الاقتصاديين في ولاية الترارزة. ظلت ترزح تحت نير الإهمال و يكفي مثلاً أنها من بين مقاطعات الوطن ربما تكون الوحيدة التي لا تمتلك طريقاً مُعبدا داخلها، و هي التي تضرب البطالة جذورها في شباب المقاطعة دون بسيط أملٍ لتنمية لتغيير واقعهم.
ليس هذا تقصيراً من النظام السياسي الماضي أو الحالي بالضرورة، بقدر ما هو تقصير من المنتخبين، نواباً و عُمدًا، الذين لم يزيدوا المقاطعة بقطميرِ تنمية أو إصلاح و هم من يتربع على منصة السياسة منذ عقدين من الزمن.
أمام هذه الوضعية الكارثية للمقاطعة و أمام غياب الأفق لدى شباب المدينة، و مع دخول خطابات رئيس الجمهورية على الخط: انه لن يترك أحداً على قارعة الطريق... و أن الكفاءة هي شرط تولي شؤون الناس... و إلا فالاستقالة. و مع تصامم الساسة عن مطالب الشباب حول تنمية المقاطعة و توفير خدمات الماء و الكهرباء و الانترنت، قرر شباب المقاطعة حرق المقاطعة!! يحركهم حماس المراهقة الشبابي، الذي ليس بالضرورة عقلانيا و لكن وجاهته(بقطع النظر عن الموقف منه) أن الخدمات الأساسية للمواطن حينما تُمس فإن علينا أن نترقب الأسوأ.
هذه الملاحظة بالذات هي التي تضمنها بيان والي ولاية الترارزة عشية أحداث أركيز و الذي حمّل فيه منتخبي المقاطعة مسؤولية هذه الأحداث الأليمة التي خرّبت المنشآت الحيوية في المقاطعة. و نتيجة لتلك الأحداث كان لزاما على الدولة أن تتدخل بإجراءاتها الاحترازية ساعتها لنزع فتيل الازمة.
حدث كل هذا التدخل الحكومي في غياب تام من طرف المنتخبين الذين فضلوا التواري عن الأنظار و رفع القضايا على شباب مراهق يحركه غياب الأفق التنموي و انعدام الرؤية الإستراتيجية داخل مقاطعته.
أمام وضعية من هذا الطراز الخطير، كان لزاماً، على ابن المقاطعة البار الحسين، أن يعلن عن نفسه مرشحاً للتغيير في مقاطعته التي شاهدها تحترق أمام نيرون الإهمال والعجز السياسي.
طبعاً للرجل ما يقدمه للمقاطعة و هو صاحب التجربة الطويلة في مجالات الإنماء و برامج الأمم المتحدة التي تُعنى بالسكان و الأزمات.
لذا فقد كانت تظاهرته السياسية في قريته بوخشيبية، على عكس مناوئيه، الأكثر تنوعاً و حضورا لكافة الأعراق و الألوان و الفئات و الشرائح و المشيخات و المرجعيات الصوفية و المجتمعية، وهذا القوس القزحي الذي شكله الحسين في مقاطعة تعصف بها الأزمات حريٌ بأن يكون رسالة مشفرة إلى حزب الإنصاف، حتى لا يعيد الجوق السابق إلى مسرح الأحداث و أن يفهم أن زلزالا سياسياً أحدثه رئيس الفرع المقاطعي لحزب الإنصاف الذي قرر حمل مشعل التغيير بيده و وفق فلسفته في الحياة و على ضوء تجاربه التنموية في القارة.
فكم سيكون من الإنصاف لو أنصف حزب الإنصاف الشيخ أحمد الحسين و قرر ترشيحه نائباً لعل تغيير الطبقة السياسية المحترقة بأيادي تنموية قوية و أمينة يكون هو الضامن لاستقرار المقاطعة.