بقلم: الشيخ ولد محمد
ها هي الدورة العادية للمجلس الأعلى للقضاء قد انتهت، وتلك التحويلات قد استكملت وهناك التعليقات لاشك قد بدأت، مجلس انفض اجتماعه بعد اكتمال جدول الأعمال المقررة بنجاح وسط عاصفة من الحزن ألمت بالشعب الموريتاني كله للأسف الشديد اثر وفاة المغفور له بإذن الله الشاب احمد و لد عبد العزيز والذي بالمناسبة انتهز فرصة كتابة هذه السطور لأتقدم بأحر التعازي للسيد محمد ولد عبد العزيز رئيس الجمهورية وأسرته الكريمة و من خلالهما لكافة أفراد الشعب الموريتاني راجيا من الولي جلت قدرته تغمد الفقيد بالرحمة والغفران وان يلهم ذويه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
شخصيا لم يكن بوسعي الخوض في مقال النتائج ولا التحويلات من باب أولي الترقيات وذلك بهدف الابتعاد عن السجال مما لا يقتضيه المجال، والنأي بنفسي عن أمور تجاوزتني.
غير أنني و رغم كل ذلك ارتأيت تبيان بعض الملاحظات، لا تعليقا أو نقاشا بقدر ما ذاك تبيانا وتوجيها لمن ظن غير الحقيقة.
إن قطاع العدالة، بحق هو من أكثر القطاعات تعقيدا وأكثرها حساسية وبالمقابل قدرة علي المشاركة بفعالية في إنجاح أي مخطط تنموي، فالقضاء الموريتاني معروف بثرائه وتنوع مصادر المعرفة فيه، إلا أنه لابد من تحديثه وعصر نته والتضحية في سبيل ذالك مهما كلف الأمر، وجعله وسط القافلة وفق رؤى القائمين عليه، فهؤلاء وحدهم من وقع عليهم الاختيار دون غيرهم فلا اشمئزاز ولاضير.
من هذه الزاوية اذن يتوجب علي الجميع، فهم قدسية العدل وأهميته والتحفظ إذا ما تعلق الأمر بالعدالة أو القضاة. فجل الناس اليوم ممن ليست علي قلوبهم أكنة أن يفقهوا ما للموضوعية وهضم الذات من مميزات حضارية وقيم مدنية مجمعون علي أن البلد يعيش مرحلة إعادة تأسيس، تتطلب مراجعة هيكلة الإصلاح من خلال وضع أسس جديدة تبني عليها المناهج وترسم الخريطة. فمنذ غابر الأزمان كانت هذه البلاد وستظل إسلامية اقتنت قيم الجمهورية ونهج الديمقراطية، أساس وحدتها الدين الإسلامي الحنيف ومنهجها الشريعة السمحاء وهدفها النمو ومسايرة ركب التحضر دون تمييز فالكل سواسية كأسنان المشط.
استوقفني كثيرا حديث البعض ووصفه للتحويلات الأخيرة بأنها جهوية أو قبلية وان الموضوعية غابت عن تلك القرارات، وهنا أقول للأمانة، من وجهة نظري الخاصة، إن تلك التحويلات ما افتقرت لمعيار أكثر من افتقارها لمعيار الجهوية والقبلية إن قبلت به معيارا؛ فما جري ، وهذا ما يجب علي الجميع استيعابه وفهمه بموضوعية، ثائرا بذلك علي عادات وتقاليد الوساطة التليدة غير المفيدة، كان وفق معايير موضوعية أو هكذا خيل للقائمين علي القطاع وفقوا أم لا؟ تلك مسألة أخري، قطعا اجتهدوا فلهم الحد الأدنى.
ختاما، الأمر يتعلق بإستراتيجية قطاع حساس القائمون عليه أدري بحيثياتها والميكانيزمات المتبعة من اجل تحقيقها وما يحتاجونه والقطاع هو عون الجميع وتكاتف جهود الكل نابذا الحساسيات غير الشريفة والتحاسد فالكل من موقعه له واجبات ويتحمل مسؤوليات تفضي لاستعداده للتضحية بما يمليه الظرف، وبذلك تنتفي الحاجة للقيل والقال وبهذا وحده يتحقق العدل ويعم الرخاء وان لم يتساووا في الأجران ففي الواحد هم متساوون ولمثل هذا فليعمل العاملون.