مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

السالكة همت .. رحلة بحث عن الدعم الحكومي دون جدوى/محمد محمد لحبيب

السالكه منت همت (31 عاما ) ربة أسرة تقطن بأحد أحياء العاصمة نواكشوط الشعبية ، من خلال تأجير منزل يبدو بهيئة تتماشى وطبيعة دخلها المحدود والمنعدم أحيانا .

تكابد السالكة يوميات الحياة المريرة منذ فترة زمنية ليست بالقصيرة عندما وجدت نفسها فجأة المعيلة الفعلية لأسرة تتألف من أربعة أطفال لم يتجاوز أكبرهم سنا 15 عما.

حضور زوج السالكة ووجوده الدائم في المنزل لايخفف من الأعباء التي تتحملها ، بل يزيدها عبئا بسبب مايعانيه من أمراض متعددة ومزمنة.

وضعية السالكة حدت بها إلى تلمس كل أوجه الاستغاثة المتاحة، لتعيش فترة هي الأشد وطئا بعد ظهور كوفيد19 ، الذي انسحبت انعكاساته السلبية على كل الأسر ذات الدخل المحدود ، تلك التداعيات التي لم تكن السالكه بمفازة منها _وكيف لها أن تنجوَ من التأثر وهي المستوفية لمختلف شروطه _ فكانت من الأوائل الذين سجلوا أسماءهم على لوائح  الأسر المحتاجة للمساعة ، والتي تشرف عليها "المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء -تآزر" وهي هيئة أنشأتها الحكومة الموريتانية لمؤازرة الطبقات الاجتماعية الهشة ، والمتضررين من الأوبئة والكوارث الطبيعية ،  ومن بين نشاطاتها توزيع مبالغ مالية وسلات غذائية على الأسر المحتاجة  والمتضررة ؛ 
 لكن عملية التسجيل والتوزيع التي أعقبت ظهور وباء كورونا  اكتنفتها بعض الاختلالات طبقا لشهادات متواترة من معنيين بها، من بينهم على سبيل المثال  منت همت التي وقفنا على وضعيتها المزرية في سكنها المتواضع  بمقاطعة تيارت شمالي نواكشوط.
تقول السالكة : إن عملية التسجيل مثلت فصلا آخر في رحلة المكابدة التي تعيشها ، حيث زارت بعثة من الهيأة أسرتها وسجلتها بعد الاطلاع على واقعها ، لتكون ضمن لائحة المسجلين المبرمجين للاستفادة من توزيعات "تآز"  التي تستهدف المتضررين من الانعكاسات السلبية للوباء ؛  لكن آمال السالكه في الظفر بمؤازرة السلطات لها تحطمت خلال  يوميات محاولة الحصول على الحصة المخصصة لها ، والتـي تحولت إلى مطاردة لاتكاد تنتهي مع مواعيدَ كان أولها موعد قررته الهـيأة من خلال اتصال هاتفي حدد للسالكه منـطقة غيـر بعيـدة من سكـنها في حـي دار البــركه ، وذلـك لاستلام حصـتها المبرمجه ، لكنها فـوجئت بعـد وصـولها إلى النقطة المذكورة ، حيث أخبرها العاملون بنفاد المبلغ المرصود للتوزيع لديهم ، ليتم توجيهها إلى الإدارة المعنية بالبت في هذا النوع من الحالات .

رغم استغراب السالكه للمبرر إلا أنها امتثلت لتلك التوجيهات من أجل استنفاد كل المحاولات المتاحه ، لتجد جوابا آخر تقول   إنه أثار حيرتها بعد وصولها إلى مقر تلك الإدارة في مقاطعة تفرغ زينه غربي نواكشوط ، فقد كان  جوابهم يحثها على انتظار مرحلة أخرى من التوزيعات مادامت أخطأتها المرحلة الأولى ، لتعود خاوية الوفاض إلى أبناء ينتظرون عودتها بفارغ الصبر  بناء على مامنتهم به  قبيل مغادرتها المنزل حول فرحة العيد ، إذ ربطت شراء ملابسه بما كانت تتوقع حصولها عليه من طرف المندوبية .

ما روته السالكه من تفاصيل مؤسفة حملنا على البحث عن الجهة المسؤولة عن ما آل إليه مصير حصتها ، فكانت إدارة السجل الاجتماعي ونظام المعلومات بالمندوبية مقصدنا التالي ، وفي ردها على تساؤلاتنا منحتنا على لسان مديرها العام "أحمد سالم بده" معلومات  عن تحديد الأسر التي يتم إقصاؤها من عملية التوزيع ، وتمثلت في :

 _الأسـر التي تكرر تسجيلها أكثر من مرة 
_ الأسر التي يعيلها موظف حكومي 
_الأسر التي يسجل نيابة عنها أكثر من ممثل واحد 
_ الأسر الغنية 

في المقابل تحدد إدارة السجل الاجتماعي ونظام المعلومات المعايير التي تتوفر في الأسر المستفيدة :
_الأسر التي يعيلها متقاعدون 
_الأسر العاطلة عن العمل 
_الأسر التي تعيلها أرامل
_الأسر محدودة الدخل ، ولديها أفراد يعانون من أمراض مزمنة ، أو معاقين.

ويضيف "ولد بده" أن النظم المعلوماتية التي تراقب وتتابع المندوبية من خلاها عمليات التوزيع، هي نظم متطورة جدا، يستبعد معها وقوع أي اختلات في العملية دون أن يتم رصده"

 الناشطة الحقوقية آمنة محمد المختار تقول إن التقسيمات التي قامت بها الحكومة الموريتانية خلال الجائحة لم ترق إلى المستوى الذي  يجعلها مفيدة حقا بالنسبة لهؤلاء  المساكين الذين عانوا كثيرا بسبب فايروس كورونا، بل كانت أكثر منها نفعا تلك المساعدات التي قدمتها  المنظمات والهيئات الخيرية غير الحكومية والأشخاص العاديين ، 
 وهي في مجملها _ أي تدخلات الحكومة_ كانت عبارة عن مبالغ زهيدة ، وسلات غذائية  موادها في الأغلب ذات جودة سيئة على الأقل إن لم تكن منتهية الصلاحية ، هذا إن هي وصلت أصلا إلى مستحقيها _تقول آمنة _ التي ترى أن هذه المساعدات لاتتم بالطرق الشفافة التي تضمن لها الوصول للمستضعفين  من الناس ، الذين هم وجهتها الطبيعية ؛
بل تذهب  بنت محمد المختار أبعد من ذلك لتقول إن معلومات حصلت عليها تفيد بأن هذه التوزيعات وخاصة الغذائية منها _ باشر ت توزيعها فرق من الجيش الوطني ، وإن الأخيرة أعطت الأولوية في تقسيمها لذويها ومعارفها، على حساب الضعفاء الذين لاصريخ لهم 

وتضيف بنت المختار : في كل التدخلات والتوزيعات الماضية التي قامت بها الحكومة، كان هناك قاسم واحد مشترك بينها _ بل وبين كل التقسيمات المشابهة التي قامت بها الدولة الموريتانية من لدن نشأتها حتى الآن_ وهذا القاسم هو  الحضور القوي  للواسطة والمحسوبية  ، وتلك الحملات  الإعلامية الكبيرة المصاحبة  التي  تعطي زخماكبيرا وحجما غير صحيح لهذه التوزيعات التي إن وقفت عليها في الواقع  وجدتها في الأغلب لاتسمن ولاتغني من جوع ، سواء منها ماوجه للمتأثرين بكوفيد19، أو الذي وجه  للمتضررين من الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية"

تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا .

أربعاء, 21/09/2022 - 00:02