قبل تسع سنوات ، رحل عنا ، بجسمه الفاني إلى رحاب خالقه، أعظم قائد تكاملت فيه معاني الخلود، ووصل إلى أعلى نقطة في قمة المجد على سلم الانسانية في العصر الحديث..
إنه القائد الرفيق الشهيد صدام حسين، الذي جاد بروحه النقية في سبيل أمته غير طالب لجزاء ولا شكور، حاملا على كتفيه أثقال الأمة وأحمال الزمان الرديء ، وفي قلبه الكبير ما فيه من غيظ مكتوم وبين جوانحه صبر جميل وعفو عميم عمن أسلموه من "رويبضة" الأعراب الذين أسلموه إلى عدوه غدرا، وتناجوا معه بالإثم والعدوان على حياته غيلة وزين ذلك في قلوبهم في يوم مشهود برمزيتين دينيتين معجزتين: إحداهما رمزية يوم الأضحى عند المسلمين ، والأخرى تتعلق برمزية ميلاد نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام. لقد مكر المجرمون مكرا عظيما باختيار ذلك اليوم المشؤوم على قيم الانسانية ، ولكن الله مكر وهو خير الماكرين فجعل صعود روح القديس صدام حسين في يوم تصادف، عجبا، فيه ميلاد نبي كريم ورسول أمين من رسل الله مع أعظم فداء وأقدس منجاة لنبي آخر هو اسماعيل بن إبراهيم، خليل الرحمن ، ذلك الذي كان أمة. فشتان بين ما أراده الأرذلون من جريمتهم وما اختاره الله من تكريم وتبجيل لذلك الرمز العظيم ، بصعود روحه الطاهرة إلى أعلى رفيق وأرحم رحيم. في ذلك اليوم، يخيل للمرء كأن الشهيد صدام حسين تخير كيف يموت كما تخير اليوم الذي فيه يموت، فجاءت موته على تلك الدرجة من الرقي المدهش ، الذي تطلع إليه كل العظماء من الأولين والآخرين، وقل منهم من نال ذلك الحظ. فالرفيق صدام حسين ولد ولادة جديدة بالمعاني الانسانية التي ضحى من أجلها في ذكرى ميلاد عيسى ابن مريم، رسول المحبة والصفح، فعلا بذلك علوا كبيرا، وتقبل ثمن الشهادة في سبيل الحق على سنة صبر أيوب ،في يوم الفداء الأعظم لنبي الله اسماعيل، رسول التضحية الكبرى، ليعلمنا، باستشهاده، معنى الحياة التي لا تفنى ونتذوق منه طعم الخلود. وهكذا أمعن المجرمون في إهانته وإيذاء أمته، من بعده، فأمعن الله في تعظيمه وتخليده؛ فمات مخلدا تاريخا يضوع بعبق الأبدية ، وخلد مفاخر ستظل ترنوا بالاحتقار إلى كهوف الأنذال ، وتردم كل يوم غديرا من غدران السوء وتلعن سرمديا ضباع البشر في أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني و ملالي ولاية الفقيه الشاهنشاهية من أتباع زرادشت ومرقيون و وديصان ومزدك... في بلاد فارس ، وتبصق على رؤوس رموز العملاء، في النظام الرسمي العربي، المذمومين المدحورين في حياة عديمة القيمة، إلى الأبد. آه.. لقد استشهد الرفيق صدام حسين من بعد ما استكمل واجبه تجاه أمته وتجاه الانسانية في سياق الظروف الدولية المحيطة به ؛ فكتب آخر سطر في سفر الخلود بالوصية بالجهاد لفلسطين والأمة، ثم ختم بنطق شهادتي التوحيد واخلاص العبودية لله على منصة الصعود الأبدي، في آخر لمح بالبصر إلى الدنيا .. و" من أكمل عمله يموت ظافرا" ومن عرف الغاية من حياته كان في راحة بال لكل "كيف" ، يقول الفيلسوف الألماني، افريدريك نيتشه. أو كما قيل من أرض الرافدين ، مهبط المعاني ومزرعة المفاخر الانسانية: فالموت نقاد على كفه جواهر يختار منها الجياد..
بقلم/ محمد الكوري ولد العربي- موريتانيا..