جاء في إيجاز صادر عن حزب "الإصلاح": "في إطار دورة عادية للمكتب التنفيذي لحزبنا، خلُصتْ المداولات إلى أنه بعد إعلان تعليق الحوار وإصدار قطب التحقيق المختص في الجرائم الإقتصادية قراره بختم التحقيق في ما بات يُعرف بـ »ملف الفساد«، قرر المكتب التنفيذيأنيخاطب الرأي العاممن أجل توضيح موقف الحزبحيّالهذه المستجدات الوطنيةمن خلال إبداء الملاحظات التالية:
- من حيث المنطلق، يعتبر حزب الإصلاح بأن الأصل في فكرة التشاور الوطني إنما ينبع من إرادة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، المُعبّر عنها بوضوح في برنامجه الإنتخابي» تعهداتي«، حيث أكد فيه بأن »البحث عن مناخ سلمي سيوجه عمله باستمرار للجمع بين مواقف الفاعلين السياسيين بشأن قضايا المصلحة الوطنية«؛ وأنه »يؤمن إيمانا عميقا بأن موريتانيا بحاجة إلى جميع قواها الحية، وأن الجميع يمكن ويجب أن يساهم في عملية البناء الوطني«، قائلا »إننا يمكن أن نتفق أو لا نتفق ولكن يجب أن نكون قادرين على مناقشة جميع الأمور التي تهم المصلحة الوطنية«. وقد تعهد فخامة رئيس الجمهورية »بتهيئة الظروف اللازمة لتحقيق ذلك« وأنه سيحرص »في هذا السياق على وضع إطار للتشاور يُمَكّن من لقاء زعيم المعارضة بانتظام، والتشاور مع قادة الأحزاب الممثلة في البرلمان حول القضايا الإستراتيجية للبلاد «؛
- وإنسجاما مع هذا المنطلق المبدئي، قام فخامة رئيس الجمهورية بجهود مشهودة في سبيل خلق أجواء التهدئة وأخْلَقَة الممارسة السياسية وتطبيع المشهد السياسي في بلادنا منذ توليه الرئاسة في خريف 2019 من خلال استقبال الفاعلين السياسيين والإجتماعيين في البلاد بمن فيهم قادة الأحزاب السياسية والفاعلين في الحياة الاقتصادية والإجتماعية للبلد، الذين أعربوا جميعا عن ثقتهم به وعن ارتياحهم لقدرته على الإستماع إليهم بقلب رحب كرجل متزن ومنفتح؛
- والتزاما بهذا التعهد، تبنى فخامة رئيس الجمهورية بكل أريحية مبادرة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان والداعية لتنظيم تشاور وطني رغم أن البعض قد حرص منذ البداية، على تسميته بـ »الحوار«دزن مراعاة لاختلاف السياق الوطني جذريا عن كل ما يستوجب الحوار كأسلوب للتفاهم سياسي يتم اللجوء إليه عادة في دول تعيش فعليّا أزمات حادة وتبحث عن صيغ توافقية للخروج منها؛
- لا شك بأن فكرة التشاور قد انبثقت من أجواء التهدئة والإنفتاح التي تطبع الساحة السياسية منذ تولي فخامة رئيس الجمهورية للسلطة. وهو المُناخ الذي شجع أكثر الفاعلين السياسيين على المضي قُدمًا في هذا الإتجاه؛
- عبّر فخامة رئيس الجمهورية من خلال قبولهمبادرة التشاور عن روح الإنفتاح والإعتدال التي تطبع شخصيته، حيث يدرك جليا بأن البلاد بحاجة بالفعلً للخروج من وضعية سياسية كانت فيما مضى تتسم بالسلبية وبالمواجهة المفتوحة بين الفاعلين السياسيين بشكل يعرض البلاد للإنزلاق نحو الإنسداد؛
- من هذا المنطلق، جاءت تصريحات فخامة رئيس الجمهورية في عدة مناسبات وطنية، مؤكدا إلتزامه بتنظيم تشاور وطني لا يقصي أي طرف ولا يستبعد أي موضوع؛
- أجمع الفاعلون السياسيون على الإنخراط في مشروع التشاور الوطني الشامل خاصة بعد قرار فخامة رئيس الجمهورية المتعلق برعاية التشاور بين الفاعلين في الحياة السياسية رغم عدم وجود أزمة ولاضرورة لتحقيق توازن للقوى قد يجعله مضطرا لذلك، بل لأن الأمر يدخل بالنسبة له في باب تنفيذ برنامجه السياسي الذي عبّرفيه - بشكل صريح- عن نيته إرساء تقليد سياسي راسخ يكرس التشاور المستمر كطريق مفضّل للبحث عن حلول مناسبة لمشاكل البلاد وسبل مواجهتها بالشكل الأمثل؛
- أما اليوم وعلى ضوء استقراء المعطيات التي أدت إلى تعليق ترتيبات التشاور الوطني رغم ما بُذل فيه من جهود مفيدة حتى الآن، فإنه لا بد من الإعتراف بأن حيثيات المشهد تُعبّر عن فشل بالغ في أداء الطبقة السياسية حرمها –للأسف- منحسن استغلال جو التهدئة الذي وفّره فخامة رئيس الجمهورية طيلة السنتين الماضيين،دون أن يكون هو نفسه بحاجة ماسة إليه سواء فيما يتعلق بشرعيته أو بمشروعية؛
- لقد أتضح في النهاية بأن جزء مُهمّا من الطبقة السياسية سواء في الأغلبية أو في المعارضة، قد سيطرت عليها إغراءات السهولة من خلالاللجوء إلى الشحن الشرائحي. وبذلك يتبين أنتلك النخب لم تكن- للأسف- على مستوى تحمل المسؤولية الوطنية والأخلاقية للتعاطي الإيجابي مع جوهر التشاور من أجل تعزيز المكتسبات الوطنية والحفاظ على مصالح الدولة والمجتمع بعيدا عن المزايدات السياسوية ومنطق المحاصصة وغواية المصالح الضيقة؛
- وتأسيسا على ما تقدم، فإننا في حزب الإصلاح نرى بأن التشاور أوالحوار هو دائما شيء إيجابي بل هو فضيلة في حد ذاته، لكن بالنسبة للإنتظارات حول مدى مساهمته المتوقعة في توفير حلول لجميع مشاكل موريتانيا، فلا بد من التذكير بأنه ليس عصا سحرية لحل مشاكل بينوية عويصة مثل التخلف والفقر والفساد التي تعاني منها البلاد منذ زمن طويل. بل تقتضي الموضوعية والصدق أن نقول بأن سقف التشاور الذي كان منتظرا إنما يمكن أن يشكل أرضية لتحقيق إجماع وطني مرغوب فيه حول الإشكالات الإستراتيجية التي تعوق مسيرة البلد حتى الآن، والتي سبق أن حددها الفاعلون السياسيون ضمن وثيقة خارطة الطريق وهي فعلا تتعلق -إضافة إلى قضايا الأمن والإستقرار والتنمية المستدامة- بجملة من المحاور والقضايا الجوهرية مثل تعزيز الوحدة الوطنية واللحمة الإجتماعية، واصلاح المنظومة الإنتخابية، وتعزيز دور وأداء المؤسسات الديمقراطية، وتطوير نظام الحكم الرشيد وتكريس الشفافية ومحاربة الفساد الذي تظل السلطة القضائية تتحمل المسؤولية الأولى والأكبر عن تدبيره وبالتالي عن ما قد يحصل فيه من نجاحات واخفاقات؛
- إننا في حزب الإصلاح-في الوقت الذي نصارح فيه الشعب الموريتاني وقيادة البلاد حول تقييمنا للظروف التي أدت إلى تعليق ترتيبات إجراء التشاور الوطني-نطالب بترشيد أي فرصة قادمة للتشاور أو الحوار حتى لا تضيع بين نمطين من التصورات دأبت عليهما في الماضي ممارسة الحوارات التي كانت تُجرى إما من أجل تخفيف الخناق عن نظام يعاني من أزمات، وهو أمر لا ينطبق طبعا على حالة فخامة رئيس الجمهورية الحالي الذي هو منتخب وقد تجاوز نصف مأموريته الرئاسية بهدوء وثبات، مُستفيدا من شبه إجماعي وطني شامل حول شخصيته المتزنة وأسلوب عمله الهادئ. أما الصنف الثاني من الحوار، فقد انكفأ في الماضي على تكريس استفادة الطبقة السياسية وتوسيع مكاسبها على حساب الإهتمام بواقع المواطنين والعمل على تحسين ظروفهم المعيشية القاسية؛
- إننا في حزب الإصلاح نأمل من أي تشاور وطني قادم أن يكونحوارا من أجل الجمهورية. وأن يكون هدفه الأساسي هو بلورة قواعد لتدبير حكامة رشيدة من أجل التنمية الشاملة في البلاد، خاصة في المجالات السياسية والإقتصادية والتنموية، بما يعزز قيام دولة المؤسسات، ويحقق فصل السلطات، ويعطي نتائج ملموسة على الأرض لصالح تنمية الوطن والرفع من المستوى المعيشي للمواطنين، وتحقيق الأمن الإنساني بمعناه الواسع لصالحهم؛
- إننا في حزب الإصلاح نتطلع بصفة جدية إلى أن يكون أي تشاور في المستقبلحوارا مجتمعيا من أجل الجمهورية وليس من أجل السياسيين. يُسهم في إخراج البلاد نحو آفاق أفضل وأرحب للمشاركة السياسية الواعية والمسؤولة.. وأن تُساعد مُخرجاته على فرز طبقة سياسية نظيفة اليد واللسان، خالية من التعصب والإنتهازية، وقادرة على تدبير التغيير المطلوب وبسط حكامة رشيدة حقيقية، تَعدِل وتُنْصف، تُعالج وتُقوّم، تبني وتُعمّر، تُصلح وتُثمّر، تحمي وتُؤّمّنُ..
وبناء على ما تقدم، يوصي حزب الإصلاح بما يلي:
أولا:بالنسبة لما يعرف بـ »ملف الفساد«، يتطلع الحزب -ونحن على أبواب العتبة الحالية من مسار التقاضي- إلى أن يتم التعامل مع »ملف الفساد« بكل صرامة وجدية من أجل يأخذ القضاء مجراه، ويتم تطبيق القانون ولا شيء غير القانون من أجل استئصال مرض الفساد الذي أنهك البلد وأعاق مساره التنموي بل ويُهدده في صميم كينونته؛
ثانيا :بخصوص التشاور الوطني، وبغض النظر عن تقييمنا لتعليقهحاليا، فإننا نثمن إجماع النخب السياسية في بلادنا على الإعتراف بوجود اختلالات جوهرية قانونية وسياسية وإجرائية ما فتئت تعرقل ترسيخ الممارسة الديمقراطية وتعيق تسيير العمليات الإنتخابية بصورة شفافة ومنصفة؛
ثالثا:نطالب من فخامة رئيس الجمهورية معالجة الثغرات المشار إليها أعلاه، خاصة بعد أن استمع إلى آراء الأحزاب السياسية بخصوص مراجعة النصوص القانونية الإنتخابية، وقواعد عمل اللجنة المستقلة للإنتخابات، والتركيبة المكونة من غير أهل الإختصاص للمجلس الدستوري الحالي، ووضع آلية فعالة للحد من سطوة المال السياسي والصراع القبلي على المشاهد الإنتخابية، سعيا لتوسيع النسبية الإنتخابية أكثر وتشجيع مزيد من المشاركة السياسية الآمنة للقوي الحية الوطنية الواعيةمن الشباب والنساء والمغبونينخاصة في العملية الإنتخابية على المستويات الوطنية والجهوية والمحلية".