لاشك ان كل مستمع أو قارئ لاحظ في خطابات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد الشيخ محمد أحمد الغزواني، رغبة صادقة في قلب معادلة، شكلت نمط التسيير العام للحياة في موريتانيا في مختلف جوانبها.
فموريتانيا -كما هو معروف- لم تعرف النظام الإداري الجامع بشكله العصري، إلا من خلال سطوة وجبروت المستعمر، حيث رسمت إدارة المستعمر نمطا إداريا بسيطا مقتضاه أن الموظف والإداري العام هو الغاية والهدف من حيث التبجيل، فضلا عن كونه غير مسؤول الا عن خدمة المستعمر، على حساب المواطن. و من المعلوم أن الإدارة الوطنية لم ترث إدارة المستعمر من حيث الشكل فقط، بل ورثته للأسف من حيث المضمون وهي حقيقة ظلت طاغية رغم بعض الجهود الخاصة التي لم تؤثر على شمولية التطبيق العام.
و تجسد ذلك من خلال اقتصار مهمة الإداريين و الموظفين إلى خدمة أنفسهم ومراعاة مصالح النظام في إبقاء الأمور تحت السيطرة -كما ورد في الخطاب الأخير- و عدم حل أي مشكلة للمواطنين بل خلقها أو تعقيدها كما جرى مثلا في المنح المزدوج للقطع الأرضية وما نجم عنه من صراعات ضاعت فيها أسر وعائلاتـ بفعل متعمد ممن كلفوا أصلا بخدمتهم وليس هذا إلا مجرد مثل بسيط من واقع مملوء بكثير.
لقد قالها السيد رئيس الجمهورية بشكل صريح وواضح أن الوظيفة خدمة للشعب لا سيادة عليه، كما أنها خدمة معوضة ومن لا يجد في نفسه القدرة أو الاستعداد فعليه أن يتركها لغيره.
ختاما، أود أن أقول أن نبرة الصدق في الخطاب الاخير وحسن الطبع تجعلنا نقرأ ما لم يذكر ودل عليه الخطاب، و هو ترك المكان: استقالة قبل أن يكون إقالة أو تجريدا.