" إن لم تكن إبل فمعزى "
كنت أطالب في مقالات سابقة بإنشاء جامعة في مدينة كيفه وبينت أسباب ذلك ودواعيه ومزاياه وأهميته بالنسبة لمعظم السكان في الوسط والشرق والجنوب من كافة بلادنا ؛ حيث ستخدم هذه الجامعة سبع ولايات ذكرتها فيما سبق فموقع كيفه الوسطي يمتاز بأهمية جغرافية جعلت منها واسطة العقد بين المدن الموريتانية، ومازلت متمسكا بمطلبي لما له من أهمية.
وإذا كان ذلك المطلب لا يمكن إنجازه الآن فأنا أطالب إنشاء مدرسة زراعية (فإن لم تكن إبل فمعزى ) أو معهدا خاصا بالزراعة ، يكون مرشدين وخبراء في الزراعة ، لما للزراعة الآن من ضرورة وأهمية ودواع بالنسبة لبقائنا كشعب كان رعويا في معظمه واستقر في قرى ومدنا غير منتجة لحاجاتها من الغذاء ، وتعتمد على الاستيراد من الخارج الذي أصبح الحصول عليه الآن غير مضمون نظرا للأوبئة والكوارث والحروب والصراعات والضغوط السياسية ؛ حيث أصبحت المنتجات الزراعية وسيلة ضغط وتحكم وقوة يمارسها منتجوها على المحتاجين لها ، وقد أنتبه السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى ذلك وأعلنه في زيارته لولاية اترارزة .إن هذه الأهمية التي وعاها السيد الرئيس أصبح من اللازم علينا الآن أن ندعمه في هذا الاتجاه، وأرجو أن يكون السيد الرئيس جاد في اهتمامه بهذا المجال .
وأنا كأخصائي في الجغرافيا النباتية أأكد له أن الأراضي الموريتانية غنية بالموارد الزراعية من حيث التربة والتساقطات المطرية واليد العاملة الجائعة خاصة في ولاية لعصابة.
إن اهتمام الرئيس المنصب الآن على النهوض بالطبقات الهشة والمتعففين من الفقراء ، أقول له مع كامل الأسف أنه سلك طريقا لا يخدم هذه الطبقة إلا مؤقتا. فالصدقة لها كثير من الأجر على المتصدقين بها إلا أنها لا تخدم الفقير إلا مؤقتا وتعوده على الاتكال والكسل والاعتماد على الآخرين بدل الاعتماد على نفسه.
صحيح أنه وزع سلات غذائية كثيرة ونقود وبطاقات تأمين صحي على المحتاجين من هذه الطبقة ، إلا أن لهذا العمل نتائج مؤقته ولايمكن يحل مشكلة المحتاجين نهائيا ولايجعل أرضنا تنتج ما نحتاجه من الغذاء .
وأنا أقترح على السيد الرئيس أدامه الله وسدد خطاه الحلول التالية ، بصفتي خبيرا في الزراعة درست أربع سنوات الجغرافيا الاقتصادية في جامعة عين الشمس" بمصر وكان بحث تخرجي عن النبتات .
والحلول التي أقترحها هي كالتالي:
1) ـ جعل الأراضي الموريتانية البور ملكا للدولة بدل الملك القبلي .
2) إنشاء مدرسة أو معهدا زراعيا في السنة الدراسية المقبلة، فنحن في كيفه لدينا مكانا مناسبا لهذه المنشأة وهو مبنى مستشفى الصين القديم الذي أصبح شاغرا..
3) إنشاء مصرف خاص بالمزارعين الفقراء.
4) توجيه رأس المال العام والخاص إلى الزراعة وتشجيعه على الاستثمار في هذا الميدان.
5) مكننة الزارعة بدل اعتمادها على سواعد الفقراء البدائيين الجياع بحيث تحل الآلة محل اليد، بقروض ميسرة قبلها إعفاء حتى يعتمد المزارع على نفسه.
6) توفير البذور الجيدة المحصنة من الآفات وتوزيعها مجانا على العاملين فعلا من المزارعين الفقراء.
7) توفير المبيدات للآفات الزراعية المتنوعة والتي تستهلك الآن ثلث إنتاج المزارع الضعيف.
8) توفير السياج للمزارعين بقروض ميسرة .
9) إنشاء سدود صغيرة وكبيرة تضمن التحكم في كل قطرة ماء تسقط على هذه الأرض. هذه بعض المقترحات المستعجلة الضرورية والتي ستغني وتكون أكثر أهمية عن الدعاية السياسية لتأمين ستمائة ألف شخص من السكان الفقراء وتوزيع السلات الغذائية والنقود وبناء المساجد والمدارس بدون مؤطرين في القرى النائية.
إنني أكرر أن ما يقام به الآن هو حلول مؤقتة. وهو دعاية سياسية رغم أهميته. أرجو أن ألا أواخذ بهذا القول لأنني لا أريد به إلا الإصلاح وقد يخطئ المجتهد.
بديـــــن ولد أميـــــن