إلى السيد اللواء محمد ولد احريطاني:
تودع اليوم سلاح الجو الوطني، الذي يفوق إعتزازك به، قوة كل محركات أسطوله وخدمته بتفان، يترجمه كيف وكم أفراده وعتاده، وهو وداع يمنح سانحة لمطالعة القراء الكرام بصورة عنكم، لا يدعي مقدمها القدرة على إستيفاء كل أبعادها. بقدر ما يفهم أن ما لا يدرك كله لا يترك جله، وهي صورة يراد لها أن تنصف حد المستطاع مسار ضابط، خدم وطنه من بوابة مجاله الجوي كطيار عسكري، وهو ما يشي مبدئيا بأعلى درجات الجاهزية للتضحية.
السيد اللواء:
سيفهم ويثمن تلك التضحية القراء الكرام، الذين يتذكرون سيل أدعيتهم ذعرا من رحلاتهم المدنية العادية التي يتخللها الشاي والقهوة، فما بالهم لو كانت تلك خدمتهم اليومية: حربا وسلاما. وما بالهم أيضا لو عرفوا أنكم خدمتم الوطن في ثمانينيات القرن الماضي بما تتيحه موارده، لا بما يجب أن يكون وأحيانا بدون طيار مساعد، لأن الحصول عليه كان ترفا لقلة الطيارين حينها، والذي في غيابه يرتفع خطر الخطئ والنسيان، اللذين يعدا في مجال الطيران أسرع تأشيرة إلى الموت.
السيد اللواء:
سيقدركم اليوم من علم، أنه عندما تقررت مغادرة مطار نواكشوط القديم 2016 إلى مطار "أم التونسي"، بقيت حينها طائرة توقفت عن الخدمة منذ فترة، وأصبح المطار القديم طرائق قددا، عدتم شخصيا وطلبتم إغلاق المدرج القديم لمدة الإقلاع وأقلعتم بها وأنتم قائد سلاح الجو حينها. وكان هامش التصرف يغص بالخيارات، التي أبسطها إصدار أمر بتنفيذ المهمة لأي طاقم آخر.
السيد اللواء:
لا يمكن إلا أن يقدركم من يتذكر سنوات الإرهاب والتهريب، التي غيبتها تضحيات الجيش الوطني عموما، ودور سلاح الجو في الاستطلاع والقصف، وإسناد وحدات الجيش الوطني، وهو ما يستدعي تثمين تضحياتكم والطلب لكم بالتوفيق في المهام الموكلة إليكم مجددا. وهنا أسجل بكل موضوعية أنكم ككل، من يتحمل تلك المسؤوليات الجسام اجتهدتم فأصبتم، وقد لا يغيب من الخطئ ما هو في حدود الآثار الجانبية، التي لا تخلو منها أي عملية بناء. وفوق هذا وذلك من حقك على الجميع، ومن حق كل قادة وأفراد الجيش الوطني، التقدير كأبناء لوطن يضحون من أجله بالنفس والنفيس. فلكم جميعا منا َكامل العرفان، تأسيا بقولة الدكتور محي الدين عميمور 'إن أمة تتنكر لخيرة أبنائها قد تصبح في لحظة ما فريسة لأسوئهم".
بقلم: محمد الأمين ولد دده