كتب الدكتور يوسف ولد حرمه ولد بابانا رئيس حزب "تمام" حول "مهرجان وادان":
حقا كان مهرجان مدائن التراث ناجحا بكل المقاييس! وقدم صورة واضحة لموريتانيا التي نريدها والتي نفتخر عند ذكر اسمها ونتشرف بالانتساب إليها، فشكرا من أعماق القلب لوزير الثقافة الأستاذ المختار ولد داهي ولطاقمه الممتاز الذين بينوا بالدليل القطعي والبرهان أن النجاح في هذه البلاد ممكن إمكانا صحيحا يصدقه الواقع والعقل وتشاهده العين عيانا وكفى بالعيان شاهدا عدلا رضى.
شكرا مرة أخرى لأنكم رسمتم البسمة على وجوهنا وأدخلتم السرور على قلوبنا، شكرا لأنكم خططتم بإحكام لهذا المهرجان منذ اللحظة الأولى وحضرتم في جميع تفاصيله حتى تجسد واقعا ملموسا..
شكرا لكم فخامة رئيس الجمهورية على خطابكم القيم الذي يليق بالحدث، شكرا للغتكم الفصيحة، شكرا لنظرتكم الواقعية، شكرا لصراحتكم في تشخيص الواقع، فالتشخيص نصف العلاج. وهمة الرجال قاهرة لجميع الأكوان.
غمرني شعور عارم بالفرحة وأنا أستنشق عبق التراث الواداني الزاخر بكنوز التاريخ العظيم، الذي قاوم بشموخ وإباء تسعة قرون من قساوة الجغرافيا، وعجز الساسة وإهمال المثقفين وضعف وعيهم الحضاري.
تجولت مزهوا بين رفوف مكتبات وادان ومعارضها ولمست حجم تأثير التراكمي للحضارات التي تعاقبت عليها، في ساكنتها، في تآلفهم، في تناغمهم وتنوعهم، في أخلاقهم، في معاملتهم للآخر، في كرم ضيافتهم في كل زاوية من زوايا مدينتهم القائمة.
كانت تجربة ممتازة تفقدت فيها تراث المقاومة المسلحة، واطلعت على نماذج من تحف الحضارة الغنية بتنوعها وثرائها لأهلي وأخوالي الأعزاء.
لقد وضع مهرجان مدائن التراث قطار إعادة الإعمار والاعتبار للمدن التاريخية على المسار الصحيح، وأثمر بفضل جهود القائمين بنية تحتية أعطت للمهرجان الثقافي مردودا اقتصاديا ملموسا على السكان سيسهم دون شك في تثبيتهم بمواطنهم الأصلية ودمجهم في الحياة النشطة.
خرجت من مهرجان المدائن بنتيجة واحدة هي أن موريتانيا تتسع لجميع أبنائها، وأن مختلف مكونات شعبنا تسعى لتحقيق التكامل وتهدف له، وأن ما يجمعنا أكثر بكثير مما قد يفرقنا، فقط يجب أن نلتقي كثيرا ونتحدث بصدق ونعبر لبعضنا عن مشاعر الحب، نعم يجب علينا القيام بذلك بسرعة، فالفرصة مواتية اليوم أكثر من أي وقت مضى وجو الهدوء والانسجام الذي نعيشه تحت قيادة فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يوفر بيئة خصبة لفتح صفحة جديدة نتجاوز فيها أخطاء الماضي ونبني بالوحدة والعدل والإنصاف صرح الحاضر، ونتطلع بالأمل والعمل إلى رسم المستقبل.
وبالمناسبة فإننا نلتمس من رئيس الجمهورية مواصلة السير في إحياء المدن التاريخية على عموم ترابنا الوطني من الضفة إلى الصحراء الكبرى ونفض الغبار عن كنوزها الثمينة وثرواتها العلمية والمعرفية، وسيسجل التاريخ له ذلك ويشكره عليه كل من يحمل في قلبه حبا صادقا لموريتانيا.