كشف النقاب خروقات وتجاوزات في "الصفقات العمومية" وهيئاتها التي تباشرها.
فقد قال اعل طالب عبد القادر: "مما لا يدع مجالا للشك أن التراجع و الأزمة تلو الأزمة التي تعيشها البلاد منذ تعيين الحكومة الحالية بات الحديث والشغل الشاغل لكل المواطنين الذين بلغ بهم الأمر إلى تشويم بعض أفرادها ليس فقط لانهيار المعيشة بل لنوعية المشاكل التي بلغت حتى الأوبئة.
إن تجلي التراجع في تسيير الشأن العام يكمن اليوم في المسلسل التآمري الذي كان ضحيته أهم إنجاز قد يفخر به النظام لو كتب له النجاح وهو مدونة الصفقات العمومية التي بدأ العمل بها 2012.
لعل قوة تلك المدونة كانت تتجلى في مبدأ فصل سلطات ابرام ومراقبة و تنظيم الصففقات. ويجب الاعتراف ان الحكومة السابقة نجحت إلى حد ما إلى احترام عمل تلك السلطات وكانت النتائج باعتراف من الهيئات الخارجية مشجعة. لكن بدا جليا ،بعد وصول رئيس الوزراء الحالي الذي وجد أمامه صديق دربه رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة للصفقات العمومية، أن استقلالية تلك السلطات لا تخدم أهداف الرجلين الواضحة قطعا لمن يعرفهم أو يخدمهم.
ثم بدأ مسلسل المؤامرة بشكل دقيق و محكم :
أولا : تم التمديد تلقائيا لفترة رئيس لجنة رقابة الصفقات السيد احمد باب ولد الشيكر لولاية جديدة بدون أي انتقاء تنافسي كما ينص على ذلك المرسوم المنظم لجنة رقابة الصفقات رقم 179/2011 المادة 8.
ثانيا : يتم تعيين السيد أحمد باب من طرف رئيس الوزراء لاختيار الرؤساء السبعة للجان الصفقات العمومية لتكون أول ضربة قاتلة لمبدأ فصل السلطات وخرقا آخر لمرسوم تنظيم لجان ابرام الصفقات 178/2011 المادة4. وكانت النتائج تبرر الوسائل حيث أرسل السيد أحمد باب اثنين من افراد لجنته كرؤساء بما فيهم ابن عمه وصهره الذي يتولى حاليا ابرام أكبر صفقتين في البلد وهما تزويد موريتانيا بالمحروقات والغاز.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يتم التجديد تلقائيا لشخص دون غيره مع أن منصبه يخضع لنفس الأوامر القانونية لجميع رؤساء اللجان ؟ ربما يكفي الحال عن السؤال.
ثالثا :أما الضربة القاضية فتكمن في انتهاء المؤامرة بالسيطرة على اعضاء لجان ابرام الصفقات الذين بدونهم لا يمكن تمرير قرارات منح الصفقات ولذلك تم اعلان اكتتاب جديد اظهرت نتائجه الأولية تصميم المتآمرين على انتقاء متقن للجان التي ستكون فقط صورية من أجل إحكام السيطرة على كل المنظومة.
وهنا حاولت لجنة تنظيم الصفقات العمومية إنقاذ ما يمكن إنقاذه لأن تزكيتها واعتمادها لاختيار اللجان يحتمه القانون ليس عبثا ولكن سدا لجعل الرؤساء يختارون الأعضاء على مقاساتهم. ولذلك نشبت أزمة منذ شهرين لأن سلطة التنظيم طلبت فقط أن تطلع على ملفات المشاركين في المسابقة.
تركزت الأزمة ، على ما يبدو، بين رئيس لجنة مراقبة الصفقات، أحمد باب ولد الشيكر، الرجل القوي والمصر على إحكام القبضة على اللجان ، و سلطة تنظيم الصفقات العمومية.
مرة أخرى يتدخل الوزير الأول لصالح رفيقه لإرغام لجنة تنظيم الصفقات لاعتماد اختيارات أعضاء اللجان كما هي و بدون أي ملاحظات. تجري هذه المؤامرات في غياب تام للرئيس محمد ولد عبد العزيز والذي وحده يستطيع الوقوف في وجه هذه المؤامرة التي وراءها أقوى شخصيات الدولة.
إن هذا الوضع جعل من لجان الصفقات التي سلمت بفساد كل المنظومة وكرا للرشوة المنظمة والممنهجة على جميع المستويات. وفي الحقيقة كل الكفاءات تراجعت خوفا على لقمة عيشها حتى في لجنة تنظيم الصفقات التي تراجع دورها ليس لجهلها ولكن في وجه جماعة لا طاقة لها بها.
ومن هنا أرى أن هذه المنظومة لم تعد تستحق ما تكلف الدولة من مصاريف و امتيازات طائلة في ظل ضعف تام و عجز واضح لصفقات بعض قطاعات الدولة.
وفي الأخير أدعو كل وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و المكتوبة إلى الإهتمام بهذا القطاع الهام والذي يعتبر الميزان الحقيقي لمحاربة الفساد.
وأخيرا، إني في أتم الإستعداد- إن دعت الضرورة إلى ذلك- أن أواجه كل من يفندون ما كتبته عبر مناظرة حضارية أمام الرأي العام ولا أظنهم يقبلون لأنهم ويعلمون أني أمتلك الحنكة و الأدلة الكافية لكشفهم".