كنا خلال شهري مايو ويونيو منشغلين بالإضافة إلى واجباتنا المدرسية بتنظيم أنشطة مدرسية والتعبئة لمسيرة مؤيدة لقرار المرحوم الرئيس المختار ولد داداه تطبيق الشريعة الإسلامية بالبلاد، وقد كانت توجيهات أخينا محمد الامين ولد عبد الرحمن الشيخ أطال الله عمره وتشجيعاته وقتها أكبر دافع ومحفز، وكانت الأنشطة باهتة برغم ما أسبغنا عليها من أهمية، والمسيرة التي كان أولها بباب القصر الرئاسي القديم وآخرها يصل بالكاد إلى إقامة النواب كانت أكثر تواضعا بمعايير الحشد اليوم.
ولأن عددا من أفراد قيادتنا وقتها كانوا صحفيين من الإذاعة (محمد الامين، الحسن ولد مولاي علي، محمد الحبيب ولد أحمد) وكانوا منشغلين بالمسيرة تنظيما أكثر من اهتمامهم بتغطيتها، فقد كان انتباهنا مشدودا إلى سيارة النقل الحي للإذاعة، والتي ترجل عنها الجميع، ولم يبق على متنها سوى العميد انغايدي الحسن والذي تولى النقل الحي والتعليق بالفرنسية والبولارية مع محاولة جادة لأحد أبناء زوايا جَوَلْ يُصر كل الإصرار على التحدث بالعربية مهما كلفه الأمر.
وفي اليوم التاسع من يوليو كان كل عملنا منصبا على الحشد في المدارس والمساجد لمحاضرة عن أبعاد قرار تطبيق الشريعة ودلالاته يلقيها وزير الدولة للتوجيه السياسي وعضو المكتب السياسي لحزب الشعب الموريتاني وقتها الشيخ عبد الله ولد بيّه بدار الشباب مساء التاسع، والتي شكلت بالفعل آخر نشاط حكومي لنظام الرئيس المختار ولد داداه.
غادرنا دار الشباب القديمة فخورين بالمحاضرة والمحاضر، والزهو يعلو الوجوه بما أنجزنا من حشد وعمل وفي الصباح الباكر كانت عبارة جديدة تدخل إلى قاموسنا السياسي لأول مرة هي البيان رقم ١.