أجرى الرئيس محمد ولد الغزواني مساء الأربعاء، تعديلا في حكومة وزيره الأول محمد ولد بلال، شمل بعض الشخصيات البارزة في عهد النظام الحالي.
التعديل استحدثت فيه حقائب وزارية جديدة، وأجري تعديل على أسماء وزارات. وذلك بعد نقل مسؤوليات وقطاعات منها أو إليها.
إبعاد ولد حامد وبنت بوكه وولد سالم
بموجب التعديل غادر ثلاثة وزراء التشكيلة الحكومية، ويتعلق الأمر بـ:
وزير الصحة نذيرو ولد حامد، الذي تولى المنصب في أول حكومة في عهد الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني، حيث تم تحميله مسؤولية تأزيم الأوضاع داخل البلاد، من خلال حملته على الصيدليات، بعد عجزه عن خوض حرب على الأدوية المغشوشة وفشله في تقريب الخدمات الصحية من المواطنين، بينما سارع لتعيين "الأهل والرفاق" في الوظائف السامية والهامة في القطاع. وجاءت أزمة "كورونا" لتؤكد فشل الوزير وارتجالية القرارات التي اتخذها وتصريحاته المتناقضة من وقت لآخر، فتسبب في أزمة دبلوماسية مع الصين، عندما أعلن أن أجهزة الفحص التي قدمتها متعطلة، كما كانت تصريحاته حول بعض الحالات المتعلقة بـ"كورونا" متناقضة. وأقدم على إبعاد بعض من أهل الإختصاص عن الواجهة، وإنجرف مع قلة من مافيا فساد تتحمل مسؤولية الفساد الذي تعيشه وزارة الصحة، وتواجه وزارته اليوم العجز عن مواجهة المخاطر المحدقة جراء الحديث عن تزايد حالات "كورونا" في عموم التراب الموريتاني، خصوصا في ظل بوادر موجة ثالثة من هذا الوباء.
وزيرة الإسكان خديجة بنت بوكه:
دخلت أول تشكيلة حكومية في عهد الرئيس محمد ولد الغزواني، وحافظت على منصبها خلال تغيير حكومة اسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا، لتواصل مسؤولية إدارة الوزارة في عهد الوزير الأول محمد ولد بلال. ويعتقد بأن إقالتها جاءت على خلفية "توازنات" قبلية داخل الحكومة الموريتانية.
وزير التعليم العالي سيدي ولد سالم:
تولى المنصب خلال السنوات الأخيرة من عشرية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، والذي كان مديرا لحملته خلال آخر مأموريته الثانية وكان من أركان نظامه، وبعد رحيله تم الإحتفاظ به من طرف الرئيس محمد ولد الغزواني، حيث حافظ على وجوده في تشكلتين حكوميتين، رغم المآخذ عليه، وهو الذي كاد يوقع نظام ولد الغزواني في ورطة سياسية خلال الأيام الأولى، لتوليه مهمة "الناطق الرسمي بإسم الحكومة"، من خلال تصريحاته التي حاول من خلالها إيهام الرأي العام، بأن هذا النظام إنما هو إمتداد لنظام الرئيس السابق ولد عبد العزيز. كما أن قراره المنع من التسجيل على أساس السن للحاصلين على الباكالوريا كان موضع استياء واسع، وهو نفس ما قوبل به قراره المتعلق بطلاب جامعة نواكشوط، والذي زاد من التوتر بعد تراجع الحكومة عن قراره الأول.
كما عمد إلى تعطيل تنفيذ أحكام قضائية في عدة قضايا تتعلق بقطاعه، ضاربا عرض الحائط بها. وتدخل في انتخابات رئيس جديد لجامعة نواكشوط، من أجل فرض أحد مقربيه لشغل هذا المنصب، وأثار مشكلة من خلال تصريحاته الصحفية الأسبوعية، خصوصا تلك المتعلقة بنقل جامعة تجكجة إلى مكان آخر، وهي الخطوة التي أحدثت ردة فعل غاضبة في المدينة والولاية عموما، إلى جانب رفضه التجاوب مع مطالب أساتذة الجامعة وإقدامه على تهديد العشرات من أصحاب الخبرة والكفاءات بالفصل إذا لم يقدموا شهاداتهم، مما فاقم من الأزمة بينه مع الأساتذة. كما كانت تصريحاته الأخيرة التي أثنى فيها على الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بمثابة الضربة التي قصمت ظهر البعير، لأنها جاءت خارج المألوف. ويعتقد البعض بأنه قد يفوز بمنصب إقليمي تم ترشيحه له من طرف الحكومة الموريتانية.
وجوه جديدة تدخل التشكيلة الحكومية
دخلت التشكيلة الحكومية شخصيات جديدة، كلف كل منها بمسؤولية داخل حكومة الوزير الأول محمد ولد بلال، ويتعلق الأمر بـ:
وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة المخطار ولد داهي:
الذي هو إحدى أبرز الشخصيات الناشطة في حملة الرئيس محمد ولد الغزواني خلال الرئاسيات الماضية، وأحد الأقلام البارزة التي ظلت تدافع عنه بإستماتة عنه، وهو سفير سابق بعدة دول، وسبق أن شغل منصب أمين عام سابق للوزارة التي كلف اليوم بإدارتها، كما أدار من قبل الأمانة العامة لوزارة الإسكان.
وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي آمال بنت سيدي ولد الشيخ عبد الله:
موظفة سابقة برئاسة الجمهورية خلال حكم والدها تغمده الله بواسع رحمته، قبل أن تلتحق بالعمل موظفة في الاتحاد الإفريقي، إلا أن بعض المراقبين يعتقدون بأنه من الصعب عليها إدارة هذا القطاع الهام.
وزير المياه والصرف الصحي محمد الحسن ولد بوخريص:
مدير سابق للإدارة العامة للعقارات ومستشار سابق للوزير الأول، كان يشغل منصب مفوض حقوق الإنسان، لم يتمكن خلال فترة إدارته له من الدفع به إلى الأمام، بل إن قطاعه كان أداؤه دون المستوى في المحافل الدولية، فيما تتحدث بعض المصادر عن غيوم في العلاقة بينه مع الشركاء.
وزير الزراعة سيدنه ولد سيدي محمد ولد احمد اعلي:
مدير سابق لشركة التمور بولاية آدرار، ينحدر من ولاية لبراكنه، وجد نفسه على إثر مغادرة الوزير ولد حامد التشكيلة الحكومية من ضمن أعضائها، دون معرفة القوة التي دفعته إلى هذا المنصب الوزاري.
وزير الصحة سيدي ولد الزحاف:
موظف سابق في منظمة الصحة العالمية، كان يتولى منصب مدير الصحة العمومية وهو أحد أبرز الشخصيات التي ارتبط بها الرأي العام منذ ظهور جائحة "كورونا" في البلاد، حيث كان واجهة وزارة الصحة لتقديم الحصيلة المتعلقة بالفيروس، وكان من أقرب الشخصيات إلى الوزير المقال نذيرو ولد حامد، بل إن البعض يعتبره ذراعه الأيمن، مما يعني أنه يتحمل جزء من المسؤولية المتعلقة بما آل إليه القطاع خلال فترة تولي نذيرو إدارته.
استحداث حقائب وزارية جديدة
شهد التعديل الجزئي في حكومة الوزير محمد ولد بلال، الذي جرى الأربعاء، ظهور حقائب وزارية جديدة، منها وزارة "التحول الرقمي والابتكار وعصرنة الإدارة" والتي كلف بإدارتها عزيز ولد داهي الذي كان يشغل منصب وزير الصيد والاقتصاد البحري. فتم نقله من القطاع رغم فشله في الدفع به خطوات إلى الأمام، نظرا لكون المجال الذي عين على إدارته غير تخصصه، فهو "معلوماتي" لا خلفية لديه في تسيير هذا القطاع الحيوي الهام، بينما تطارده لعنة الفضيحة المالية التي هزت البنك المركزي، والتي لها علاقة بالفترة التي كان يسيره فيها، وبدلا من إبعاده تم نقله إلى وزارة الصيد، التي كان يديرها صديقه الشخصي الناني ولد اشروقه، ليباشر إدارة القطاع من بعده. وذلك بعد أن ساهم في تعزيز نفوذ رجال الأعمال "النهمين" ومافيا العمالة للأجانب على وزارة الصيد وأهمل قطاعه حتى تفاقمت فيه المشاكل خلال السنة الأولى من حكم ولد الغزواني.
كما تم فصل وزارة التنمية الريفية إلى وزارتين إحداهما للبيطرة والأخرى للزراعة، فتولى لمرابط ولد بناهي الأولى، وكان يشغل منصب وزير الثقافة والعلاقات مع البرلمان والصناعة التقليدية، بينما تولى الثانية سيدين ولد سيدي محمد ولد أحمد اعلي.
تغييرات في تسميات بعض الوزارات
تم تغيير اسم وزارة التهذيب والتكوين التقني والإصلاح إلى "التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي"، بينما تم نقل قطاع التكوين المهني إلى وزارة التشغيل، وأضيف "الشباب والرياضة إلى وزارة الثقافة التي تعززت بمسؤولية النطق باسم الحكومة والذي كان من مسؤوليات وزير التعليم العالي، فيما فصلت "الصناعة التقليدية" عن وزارة الثقافة وأضيفت إلى وزارة التجارة.
كما تم نقل قطاع عصرنة الإدارة من وزارة الوظيفة العمومية إلى الوزارة الجديدة "للتحول الرقمي والابتكار" والتي أضيف إليها قطاع تقنيات الإعلام والاتصال الذي كان ملحقا بوزارة التعليم العالي.
أما وزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة، فتم تغير اسمها لتصبح وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة.
ويمكن القول بأنه تم السعي للحفاظ على التوازنات القبلية والجهوية، من خلال مغادرة خديجة بنت بوكه ليدخل المخطار ولد داهي من نفس الوسط القبلي، ويغادر نذيرو ولد حامد ليدخل سيدين ولد سيدي محمد ولد أحمد اعلي الذي ينحدر من نفس الولاية وكذلك آمال بنت الشيخ عبد الله التي هي من ولاية لبراكنه التي ينحدر منها ولد حامد بل إنها من نفس وسطه القبلي، ويغادر سيدي ولد سالم ليدخل محمد الحسن ولد بوخريص من منطقة الشمال التي ينحدر منها الوزير المبعد.
وزراء إحتفظوا بوظائفهم رغم الفشل
كان من المثير للإنتباه، إحتفاظ عدد من وزراء حكومة ولد بلال بمناصبهم، رغم المآخذ عليهم وفشله في التسيير، ويتعلق الأمر بكل من:
وزير الخارجية اسماعيل ولد الشيخ أحمد:
تمسك طيلة الـ20" من حكم الرئيس ولد الغزواني بنظرته "الدبلوماسية" الخاصة، التي من خلالها "حدد" علاقات الدولة بأشقائها وأصدقائها، طبقا لعلاقاته هو وماضيه، بدلا من سعي للدفع بالدبلوماسية إلى الأمام. وخلال الـ20 شهرا المنقضية من مأمورية ولد الغزواني، تراجع الحضور الدبلوماسي الموريتاني بشكل ملحوظ إقليميا. فغابت أية مساهمة من موريتانيا لإيجاد حل لأزمتي مالي وليبيا، وهو ما يتحمله وزير الخارجية الذي يفترض بأن يقدم رؤية للرئيس ووزيره الأول بشأن هذا الدور المفترض أن تلعبه البلاد.
وزير التهذيب الوطني ماء العينين ولد اييه:
لم يتمكن من تهيئة إفتتاح السنة الدراسية بالطريقة المثلى على مستوى وزارة التعليم الثانوي التي كان يديرها، وهو ما إنعكس على العملية التربوية، وعاشت المؤسسات التعليمية خلال فترة الدراسة في واقع مأساوي، حيث غياب الكم الكافي من المدرسين وعدم العناية بالمباني التي هي في وضعية أسوأ، دون أن تقوم وزارته بأي شيء ملموس إتجاه تلك الوضعية، وفجأة أعيد له الإعتبار ليدمج له التعليم الثانوي والتعليم الأساسي، وليصبح وزيرا للتهذيب الوطني رغم المآخذ عليه، وذلك في وقت لم يتمكن الرجل من تقديم أي شيء ملموس لقطاع هام وأساسي، كما تعرف العلاقة بينه مع النقابات توترا شديدا، أدى بها لتحديد مواعيد للإضراب عن التدريس في ظرفية حساسة، حيث النصف الأخير من السنة الدراسية.
وزير الوظيفة العمومية كامارا سالم:
وزير تفاقمت في عهده الأزمات خلال الـ20 شهرا من حكم ولد الغزواني، وذلك بشكل بات هل تأثير على مصداقية الدولة الموريتانية، وعرف القطاع من الإرتجالية ما لم يشهده من قبل، ولم يتمكن من تسوية المشاكل العالقة في هذا القطاع الحكومي الهامز
وزير التجهيز والنقل محمدو ولد امحيميد:
عجز عن مواجهة التراكمات داخل قطاعه، فلم يصدر أي قرار من شأنه تسوية المشاكل هناك أو الدفع به إلى الأمام، ولا حتى منع التلاعب الحاصل في رخص السياقة، وعمد إلى تصفية الحسابات داخل قطاعه مع الأطر الذي لا يروقون له، كما أن الطرق التي باشر قطاعه إنجازها أعدت بإرتجالية تامة في ظل غياب الرقابة اللازمة عليها، حيث حاصرت الرمال بعضها وتصدعت أخرى.
وزير التشغيل الطالب ولد سيد أحمد:
يتميز هذا الوزير برحلات سياحية وإلتقاط الصور هنا وهناك، بدلا من تقديم الملموس للقطاع وإنتشاله مما هو فيه من أزمات متفاقمة، فالقطاع في عهده تراجع دوره وغابت استيراتيجية محكمة للتقدم به إلى الأمام، وتعرف العلاقة بينه مع أغلب أطر التوتر الشديد، الذي بات له تأثير قوي على سير العمل الإداري هناك.
وزيرة الشؤون الإجتماعية: الناها بنت هارون ولد الشيخ سيديا:
لم تتمكن الوزيرة بنت الشيخ سيديا منذ توليها الوزارة من تقديم الملموس لهذا القطاع الحيوي الهام، وإنشغلت بتعيينات هنا وأخرى هناك لبعض "أولي القربى"، حيث تولى "البعض" منهم وظائف هامة وأبعد بعض أطر الوزارة عنها، كما أنها لم تتمكن من تحسين صورة الوزارة مع شركائها الأساسيين، ويحتج عشرات المعوقين من وقت لآخر على عدم التجاوب اللازم معهم من طرف الوزارة.
وزير الشؤون الاقتصادية وترقية القطاعات الانتاجية كان ممادو عثمان:
هذا الوزير العائد إلى التشكيلة الحكومية الموريتانية، بعد أن غادرها خلال عشرية ولد عبد العزيز لم يقم حتى الساعة بأي جديد يتعلق بالعلاقات بين موريتانيا والشركاء الدوليين وأصبح قطاعه شبه غائب عن المشهد، بل يكاد يكون مشلولا. كما أن تسريب فيديو للرجل يعتبر فيه نفسه "أجنبيا" داخل وطنه، قد أدى لزيادة الإحتقان داخل قطاعه وزاد من انتقادات أطره له كما يلاقي الإنتقادات الشديدة في الرأي العام، التي وصلت حد المطالبة بإقالته من منصبه.
وزير البترول والمعادن والطاقة عبد السلام ولد محمد صالح:
تعيش وزارة النفط غليان داخلي منذ وصول الوزير عبد السلام ولد محمد صالح إلى منصبه فيها، لأنه تنازل عن كل شيء لصالح أمينه العام، الذي لا يحظى بثقة أغلب أطر القطاع. ورغم ذلك منحه الوزير من الصلاحيات داخلها ما لم يحصل عليه من قبل، فأنعكس ذلك على القطاع وأداءه. كما أن علاقة الوزارة مع شركات التنقيب منذ تولي عبد السلام إدارتها على غير ما يرام، وفشلت في فرض الإجراءات اللازمة على تلك الشركات، كما أن الوزير لم يقم حتى الساعة بأي جهد في سبيل التغلب على أزمات الكهرباء المتفاقمة في عموم التراب الموريتاني.