مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

التراد ولد سيدي يتحدث عن تفاصيل في المسيرة النضالية لفقيد الوطن محمد يحظيه ولد بريد الليل

رحل الذي كان يجسد أملنا جميعا!!

لقد كنت رغم التردي والمآسي والضياع الذي تعيشه الأمة؛ أشعر بعناصر أمل لم تفارقني في أحلك الظروف وأقسى وأصعب المصائب والنوائب من أهمها وجود محمد يحظيه بن ابريد الليل وأمثاله الذين أرى الأمل مقرون بوجودهم في الأمة فكنت كلما احلولكت الأجواء وتلبدت الغيوم واختلطت الأمور والتبست السبل وانحرفت البوصلة وحار العقلاء في الطريق،أين الطريق!! أشعر أن محمد يحظيه الذي أنقذ القوميين من التلاشي والاندثار بعد نكسة حزيران في أواخر الستينات، فحافظ مع رفاق نادري المثال على التيار القومي الذي كاد ينمحي ويذوب أمام موجة "اتسونامي " فكري اجتاح القوميين من القدس والقاهرة ودمشق حتى طنجة وانواكشوط و جرف قوى هائلة كانت تشكل أكثرية العروبيون في موريتانيا أمثال بدر الدين وأحمدو بن عبد القادر ومحمد بن إشدو وعبدالله بن اسماعيل ومالو كيف بن الحسن وعشرات بل مئات الأسماء الشهيرة التي كانت أساس القوة القومية و التي اضطرت بعد حزيران وهزات أخرى وطنية ودولية إلى المراجعة وتبني خط ثوري لا يضع الوحدة العربية ضمن أولوياته!!!

لقد وقف محمد يحظيه مع قلة من العناصر أكثرها ناصريين مع بعثيين قلائل يندر وجود مثلهم كان منهم الرفيق محمد سعيد وممد بن أحمد ومحمد يحظيه بن الطلبة وعناصر أخرى ليست كثيرة

لكنها شديدة الاندفاع وقوية الفعالية إن مآثر محمد يحظيه ورفاقه في الصمود في وجه الزعازع والعواصف الآتية من الشرق ومن الغرب والمحيط وثباتهم في وجه تأثيرات ثورة الطلاب في فرنسا سنة 1968 و كانت فرنسا وقتها عندما تعطس ترتفع درجة الحرارة في موريتانيا وشمال وغرب إفريقيا لمالها من تأثير إعلامي هائل وأمام ثورة الصين الثقافية التي كانت أصداؤها في موريتانيا أقوى منها في فيتنام وكنبوديا وترافق ذلك مع الانقلاب الفكري الهائل في المشرق العربي وتبني قادة القومية العرببة جورج حبش ونايف حواتمه وعشرات المثقفين والشعراء للخط الماركسي اللينيني وتخليهم عن القومية لقد كان الوقوف في وجه كل هذه العواصف وتثبيت خط قومي قوي وصاعد إحدى خوارق القائد محمد يحظيه بن ابريد الليل!!!!

لقد التقيت أول مرة بالأستاذ أواخر شهر دجمبر 1970 بعد ثلاثة أيام من وصولي إلى انواكشوط وكان لقاؤنا في اجتماع أتى بي إليه الرفيق إسحاق بن جدو ضم في حدود العشرين فردا في بيت غرب قيادة الحرس الآن وكان ربع المجتمعين نساء ويترأس الاجتماع عبدالله بن المخطار وكان هناك الرفيقان محمد يحظيه بن ابربد الليل ومحمد سعيد الداه بن الحسين وفيه الرشيد بن صالح والطالب بن جدو ومحمد بن الشيخ الثلاث الأخرين ناصريين.

لقد كان موضوع الأجتماع يدور حول مايتعرض له القوميون في الشارع والمدارس على يد التيار الماوي الذي كان هو الغالب ولقد لفتت كلمتي التي لم تخلو من روح البداوة وعجرفة التصحر نظر الرفيق محمد يحظيه وكانت أول كلمة لي في اجتماع سياسي وقلت فيها أننا يجب أن نذهب إلى المكان الذي فيه هؤلاء ونسكتهم!! لقد كانت كلمة ساذجة ومتهورة وتنم عن عدم إدراك للأمور على حقيقتها لكنها كانت رسولي إلى قلبي الرفيقين محمد يحظيه ومحمد سعيد وتكونت بيننا من ذلك الوقت علاقات لم تستطع الأزمات والتقلبات القضاء عليها وإن كانت نالت منها في أحايين كثيرة !!

لقد مرت علاقتي الطويلة نسبيا بمحمد يحظيه بمراحل شكلت أهم تاريخنا السياسي من نضال القوميين المشترك إلى انفصال الناصريين عن البعثيين وتكوين البعثيين للحركة الوطنية الديمقراطية إلى التوقف أثناء أزمة تأثير قرارات المغفور له المختار بن داداه الوطنية التي تضمنت إصلاحات كبيرة من ضمنها المطالب الرئيسية للحركة الوطنية كالانضمام للجامعة العربية وإنهاء همزة الوصل والخروج من المنظمة الملغاشية وتأميم شركة مناجم الحديد وإنشاء عملة وطنية بعيدا عن الإفرنك الغرب الإفريقي المعتمد على الإفرنك الفرنسي

لقد شكلت هذه القرارات الوطنية مفاجأة و عنصر إرباك للوطنيين أدى إلى توقف مؤقت للنضال بالأسلوب الذي كان سائدا قبل ذلك.

ورغم الهدوء الذي يشبه التوقف فقد ظلت هناك نشاطات ومستوى من الاتصال بين أطراف الحركة الديمقراطية واجهة عمل البعثيين في المرحلة الوسطى بين البدايات والتأسيس الحديث الذي بدأ سنة 1977.

لقد كانت حرب الصحراء التي بدأت أواخر سنة 1975 مناسبة لتحريك الوضع واستعادة حيوية الرفض للسياسات القائمة عندما رفض محمد يحظيه وممد بن أحمد وكانا في انواكشوط مع رفاق آخرين اتفاقية مدريد وذيولها التي أدت للحرب بين الأشقاء وساعتها كنت في عيون العتروس بصفتي مراسل للوكالة الموريتانية للصحافة و وقفت ضد اتفاقية مدريد ودخول القوات الموريتانية للصحراء لقد كنا متفقين دون أن نكون منظمين واستمرت مواقفنا وعانا محمد يحظيه ضغوطا كبيرة في تلك الفترة التي كان فيها أكثر القوى السياسية يدعم حرب الصحراء وفي سنة 1977 وقد اشتد تأثير الحرب قام محمد يحظيه بمبادرة الأتصال بعدد من الرفاق كنت من أوائلهم واقتراح نقاش وضع الحرب ثم كيف نستطيع خلق إطار للنشاط يناسب متطلبات المرحلة

وكان مما اجتمع معنا بعض العناصر التي تبنت الخط اتروتسكي بعد أن كانت بعثية ومنهم عناصر عديدين من أهل اغجوجت محيط محمد يحظيه ومعارفه فاقترحوا أن نعيد تشكيل الحركة الوطنية الديمقراطية وكان من الحاضرين محمد يحظيه بن الطلبة و هو المسؤول البعثي الذي يداوم الاتصال بالقيادة القومية في بغداد فقال إن القيادة توافق على الشكل الذي نختارإذا أردناه حركة فهي توافق على ذلك وإذا أردناه غير ذلك فهي عند خيارنا!!!. وكان الرفيقان محمد يحظيه وممد لايطرحان رأيا خاصا وإنما ينتظران رأي الجماعة فقلت إنني لا أقبل غير تنظيم حزبي بعثي صريح فإن ترو ذلك فحبا وكرامة وغير ذلك لن أكون فيه وأيدني على الفور المرحوم التراد بن ديداه ومحمد فاضل بن سيدي هيبة وتكاثر الرفاق حتى كانت الأكثرية لصالح بدء مرحلة من العمل الحزبي هي التي استمرت حتى صار البعض ممن التحق بها في مراحل معينة يسيجها ويضع عليها قطرات تميز رائحته مثلما تفعل الحيوانات في الطبيعة.!!!

لقد كانت مرحلة بناء الحزب أغنى مرحلة تميزت بإبداع الرفيق محمد يحظيه وتميزه لقد كان كل شيء في السياسة في التنظيم وفي كل صعود وهبوط، في الإنجازات و العثرات ظل شامخا صلبا ثابتا لقد كان موسوعيا في المعلومات عميقا في التفكير صبورا في الملمات شفيقا عطوفا حنونا يحس بأدق أحاسيس رفاقه ويتلمس مكامن الضعف ومصادر الألم والمعانات عندهم ويشاركهم أحاسيسهم ويخفف ماستطاع من معاناتهم .!!!

لقد عرفت من الرفيق ما لايتسع له كتاب واشتركت معه في كثير كثير من الأمور كنت معه يوم كنا في روما وكنا نتغدا وغرفنا متجاورة عندما ذهب لغرفته

وإذا هو يأتيني مسرعا ويقول لي إن غرفته تعرضت لمن عاث فيها فسادا ودخلت معه ورأيت أن الذي دخلها جاء من الخلف ونحن على جبل شاهق ولا يمكن فعل ذلك إلا لمن يملك وسائل غير عادية وتأكدنا أنها مخابرات أجنبية عندما لم نفقد نقودا أو شيئا ذا قيمة!!!! وكنت معه عندما زرنا غنائم الحرب في بغداد ورأينا كم من الأسلحة المتطورة التي غنمتها القوات العراقية وهي قادمة من جهات عربية ومشترات بأموال عربية وتكفي تسليح عدة دول ورأيت الألم الذي ارتسم على وجهه وهو يستمع إلى شروح ضباط عراقيين لظروف الاستلاء على تلك الأسلحة لقد اشتركنا في أمور كثيرة خطيرة ومعقدة

إنني ومحمد يحظيه انشأنا بيان ( لا لانتحاري موريتانيا) سنة 1978 وكان تمهيدا لانقلاب 10 يوليو وكان بالفرنسية من تحريره وبالعربية من تحريري وقد استخدمنا فيه تنسيق المعاني بديلا عن الترجمة.

وقام بما أردنا أن يقوم به فحرك الساحة التي كان يصعب إبداء رأي علني فيها وأحرى بيانا مكتوبا لقد كنا ذلك الوقت من قلة الأفراد المنظمين المنضبطين بحيث قمنا نحن أنا والأستاذين محمد يحظيه وممد بن أحمد ولا أذكر هل اشترك معنا أحد آخر من القيادة في توزيع البيان..

ولم نشرك من القاعدة إلا شخصين أحدهما رفض تنفيذ الأمر والثاني قبل المهمة لكنه ألقى حمولته قرب مسجد المغرب وأخذها البوليس!!!!

إن من العبث سرد تجربتي مع الرفيق وأكثر منه عبثية محاولة تعداد خصائص وميزات رجل اتصف بصفات خص الله بها الصفوة إنه حقا من الصفوة الذين بفقدهم يتضاءل أمل أكثر المتفائلين بالمستقبل

وإنني من الذين بغيابه انطفأ ضوء من الأمل كنت أراه في الأفق فوداعا أيها القديس وداعا من قلب يعتصره الألم وداعا !!!!

التراد ولد سيدي

جمعة, 15/01/2021 - 17:26