علمتنا السينما الغربية تشابه النهايات وخصوصاً عندما تكون أحداث الفيلم صراع بين الخير والشر ، صراع بين مخابراتي روسي سابق (زعيم مافيوي) و أحد عناصر الأمن القومي الأمريكي ، وتكون قنبلة كيماوية ستنفجر في مبنى مكتظ وتتسبب بقتل المئات من البشر .. وفي الثواني الأخيرة يستطيع البطل - الأمريكي - إيصال القنبلة إلى قعر المحيط وتنفجر في الماء و ينقذ العالم وتوضع له النجوم والنياشين تكريما وتثمينا لبطولته الخالدة . الماء إذن ينقذ العالم .. البحر يستطيع امتصاص قوة ضغط قنبلة كيماوية وإطفاء لهيبها ، و نحنُ عاجزون عن امتصاص نار الحقد وإطفاءها .. برمي القنبلة الموقوتة في محيطٍ من الفهم والصراحة مع الذات . الحقد الذي نحنُ سببه في البداية (أجدادنا ) ونحن سببه الحالي ( سكوتنا على الظلم الحالي الذي يعاني منه الوطن عامة ) . اتعجبُ من بعض "نخبنا " مِن مَن يدافعون يومياً عن القضايا العادلة و ينتقدون النظام وسياساته و يكيلون التهم - الواردة والغير واردة - مِن من يتشدقون بالتقدمية و الليبرالية و معتنقي اليسار - يسار الكافيار طبعا- و بعثيون و دعاة الديمموقراطية و نشطاء حقوق الإنسان و الحيوان .. و البيئة ، الأساتذة و الدكاترة ... ينتقدون بشدة الخطاب الإيراوي الراديكالي - الرومانسي الحساس كما أراه شخصيا - يصورون تدوينات اعضاء الحركة و يصطادون زلات زعيمها اللغوية ، و اجتهاداتِ فقيهها السطحية !! لم تكن فضاءات التواصل الاجتماعي موجودة في عهد " حركة الحر " و في بداية خطاب مسعود التحرري و إلا كنا وجدنا تخاذلا وهجمات مرتدة أقوى واشد من هذه . شخصيا متأكد تماما أن خطاب " إيرا " نتيجة حتمية لمواقف مثقفي " البيظان " .
إيرا التي نشاهدها اسبوعيا تقدم الجريح تلو الجريح بعد مناوشة تدوم عادة ثلاث ساعات على الأقل مع الشرطة .. عنوانها القمع الأمني والصمود النضالي . مسيرات للسود يغيب عنها البيظاني المتعاطف من وراء لوحة المفاتيح على فضاء افتراضي في أفضل حالاته. إيرا أيها السادة - ابناء السادة - واقعاً لا يمكن تجاهله . المناضل الإيراوي - حتى لا أقول قادة إيرا - متأكد أن قضيته تعنيه وحده لا دخل لأي بيظاني فيها .. وأن اي متعاطف بيظاني مع قضيته مخابر مدسوس من جهة امنية بيظانية .. و له الحق تماماً نظرا لتقاعسنا اللامبرر .
إننا أمام متلازمة ستؤدي بموريتانيا إلى حربٍ أهلية تنسينا التجربة الصومالية و تجعل طموحنا فيها يقتصر على خيّم للاجئين في الدول المجاورة . . حربٌ كلنا سنخسرها في النهاية ,, و يربح العالم الخارجي وعملائه، ماديا وسياسيا وأخلاقيا . يا شركائي في الوطن التهميش التاريخي للحراطين و مخلفات العبودية - العبودية العصرية - و النظرة الدونية التي ينظر بها المجتمع الموريتاني المريض إلى هذه الشريحة .. هم أسباب هذا المصير السيئ الذي يلوح في الأفق . تأييد سياسة عسكري حكم هذا البلد قد تكسبكم مالا وفيرا لكنها ستأخذ منكم راحة البال و نعمة الوطن . يحق لإيرا أن تكون قاسية في الطرح و أن تسب وتشتم و تنهر وتخرب و تكر وتفر .. لأنهم أبناء لرجال ماتوا في خدمةِ آبائكم وأجداكم من دون وجهِ حق .. غائبين مغيبين عن دورهم الذي خلقوا من أجله وهو ان يعيشوا كالآدميين لهم ما لكم وعليهم ما عليكم .
الاستعلاء وغض الطرف عن القضية الحرطانية عاقبته وخيمة .. و البحث عن السلم و راحة البال على أنقاض حقوق البشر مضيعة للوقت وزهق لأرواح بريئة . كتبَ عليكم انكم أبناءٌ لمجرمين في حق البشرية .. تجار رقيق ، أكلة حقوق ، كفروا عن أخطاء آبائكم وأجدادكم بالوقوف جنبا إلى جنب من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين جميع أطياف المجتمع . العبودية في موريتانيا سلعة رائجة و باعتها كُثر .. قفوا في طريقهم وامنعوهم بالخروج إلى الساحة والإطاحة بأباطرة الشطرنج ، محركي البيادق في هذا البلد ..
آن الأوان لأن تقولوا بصوتٍ واحد لا للعنصرية و التهميش .. لا للتفرقة والتحريض .. نعم لدولة مدنية تذوب فيها الطبقية والقبلية والجهوية . نعم للوحدة الوطنية .. نعم للصحة .. نعم لتعليم يتساوى فيه الجميع .. نعم لمحاربة الأمية محاربة حقيقية .. نعم للعدالة .. نعم لدولة القانون . وانظروا بعدها هل سيتغير الخطاب الإيراوي .. وهل ستذوب إيرا في هذا الحراك أم لا ؟ هذا هو الحل الجذري للصراع القائم و الكارثة المتوقعة . وفي حال لم تلفت كلماتي اي انتباه -كالعادة- يبقى عليكم على الأقل ان تدركوا - مرغمين - أن خطاب إيرا الحالي ما هو إلا خطابٌ رومانسي وحساس .. بالمقارنة مع ما سيحدث ، وعندها يكون قد سبق السيف العذل .
تحياتي