كشفت التشكيلة الحكومية الجديدة، التي أعلن عنها مساء الأحد، عن إعادة الإعتبار لوزراء في حكومة الرئيس محمد ولد الغزواني فشلوا في المسؤوليات التي كلفوا بها، بل إن سلوكياتهم ساهمت في تأزيم الأوضاع داخل موريتانيا خلال السنة الأولى من حكم الرجل. وهو ما جعل العديد من المراقبين يتوقعون إبعادهم من التشكيلة الحكومية الجديدة، فأعيد لهم الإعتبار بالإحتفاظ ببعضهم في نفس المسؤوليات ونقل البعض الآخر إلى قطاعات حكومية أخرى.
الوزراء الذين لقي تسييرهم خلال السنة الأولى من حكم ولد الغزواني التذمر الشديد، وأعيد الإعتبار لهم في حكومة ولد بلال، هم:
-وزير الخارجية اسماعيل ولد الشيخ أحمد:
تمسك طيلة هذه السنة بنظرته "الدبلوماسية" الخاصة، التي من خلالها "حدد" علاقات الدولة بأشقائها وأصدقائها، طبقا لعلاقاته هو وماضيه، بدلا من سعي للدفع بالدبلوماسية إلى الأمام. وخلال السنة المنصرمة، تراجع الحضور الدبلوماسي الموريتاني بشكل ملحوظ إقليميا، فغابت أية مساهمة من موريتانيا لإيجاد حل لأزمتي مالي وليبيا، وهو ما يتحمله وزير الخارجية الذي يفترض بأن يقدم رؤية للرئيس ووزيره الأول بشأن هذا الدور المفترض أن تلعبه البلاد.
-وزير الصيد عبد العزيز ولد الداهي:
فشل في الدفع بقطاع الإقتصاد الذي كان يديره خطوات إلى الأمام، نظرا لكون المجال الذي عين على إدارته غير تخصصه، فهو "معلوماتي" لا خلفية لديه في تسيير هذا القطاع الحيوي الهام، بينما تطارده لعنة الفضيحة المالية التي هزت البنك المركزي، والتي لها علاقة بالفترة التي كان يسيره فيها، وبدلا من إبعاده تم نقله إلى وزارة الصيد، التي كان يديرها صديقه الشخصي الناني ولد اشروقه، ليباشر إدارة القطاع من بعده. وذلك بعد أن ساهم في تعزيز نفوذ رجال الأعمال "النهمين" ومافيا العمالة للأجانب على وزارة الصيد وأهمل قطاعه حتى تفاقمت فيه المشاكل خلال السنة الأولى من حكم ولد الغزواني، مما دفع المئات من البحارة للتظاهرة، مطالبين بإقالته من منصبه، والتي جاءت على خلفية ورود اسمه ضمن الأشخاص المتهمين في ملفات الفساد خلال عشرية عزيز.
-وزير التهذيب الوطني ماء العينين ولد اييه:
لم يتمكن من تهيئة إفتتاح السنة الدراسية بالطريقة المثلى على مستوى وزارة التعليم الثانوي التي كان يديرها، وهو ما إنعكس على العملية التربوية، وعاشت المؤسسات التعليمية خلال فترة الدراسة في واقع مأساوي، حيث غياب الكم الكافي من المدرسين وعدم العناية بالمباني التي هي في وضعية أسوأ، دون أن تقوم وزارته بأي شيء ملموس إتجاه تلك الوضعية، وفجأة أعيد له الإعتبار ليدمج له التعليم الثانوي والتعليم الأساسي، وليصبح وزيرا للتهذيب الوطني رغم المآخذ عليه.
وزير الوظيفة العمومية كامارا سالم:
وزير تفاقمت في عهده الأزمات خلال السنة الأولى من حكم ولد الغزواني، وذلك بشكل بات هل تأثير على مصداقية الدولة الموريتانية، وعرف القطاع من الإرتجالية ما لم يشهده من قبل.
-وزير الصحة نذيرو ولد حامد:
لقد كان للوزير ولد حامد دور بارز هو الآخر في تأزيم الأوضاع داخل موريتانيا، من خلال حملته على الصيدليات، بعد عجزه عن خوض حرب على الأدوية المغشوشة وفشل في تقريب الخدمات الصحية من المواطنين، بينما سارع لتعيين "الأهل والرفاق" في الوظائف السامية والهامة في القطاع. وجاءت أزمة "كورونا" لتؤكد فشل الوزير وارتجالية القرارات التي اتخذها وتصريحاته المتناقضة من وقت لآخر، فتسبب في أزمة دبلوماسية مع الصين، عندما أعلن أن أجهزة الفحص التي قدمتها متعطلة، كما كانت تصريحاته حول بعض الحالات المتعلقة بـ"كورونا" متناقضة. وأقدم على إبعاد بعض من أهل الإختصاص عن الواجهة، وإنجرف مع قلة من مافيا فساد تتحمل مسؤولية الفساد الذي تعيشه وزارة الصحة.
-وزيرة الإسكان خديجة بنت بوكه:
هذه الوزيرة لم تتمكن من إيجاد تسوية للنزاعات العقارية المتصاعدة، وسارع قطاعها إلى هدم منازل المواطنين ومصادرتها بطريقة متعجرفة، نتج عنها تذمر على الدولة وأجهزتها، خصوصا هذه الأيام حيث تنشط الجرافات في تفرغ زينه لهدم قطع أرضية لمواطنين حصلوا عليها ذات يوم بطرق قانونية، كما تم انتقاد التغييرات التي قامت بها في القطاع، حيث تميزت بتصفية الحسابات مع بعض الموظفين، الذين أبعدتهم لرفضهم السير معها على النهج الذي تراه لتسيير هذا المرفق الحكومي الهام.
- وزير المياه سيد أحمد ولد محمد:
لم يتمكن هذا الوزير من ضبط حالة السوق في وزارة التجارة، حيث عرفت الأسعار خلال السنة المنصرمة اضطرابات لا مثيل لها، وفشل الحراك الذي قامت به وزارة لمواجهة المواد الغذائية المنتهية الصلاحية، حيث تغص بها المحلات التجارية، وتصاعد التوتر بين الوزارة وبعض رجال الأعمال في عهده، ورغم ذلك تم نقله إلى وزارة المياه.
-وزير التجهيز والنقل محمدو ولد امحيميد:
عجز عن مواجهة التراكمات داخل قطاعه، فلم يصدر أي قرار من شأنه تسوية المشاكل هناك أو الدفع به إلى الأمام، ولا حتى منع التلاعب الحاصل في رخص السياقة. ولم يتمكن من وضع حد للفوضى التي تعيشها سلطة تنظيم النقل العمومي، حيث وقف في عجز تام عن مواجهة رئيسها الفاقد الأهلية والذي يعمل خارج الوضعية القانونية بلخير ولد بركه، لأنه تقاعد منذ بعض الوقت ورغم ذلك مازال يسير هذا القطاع بطريقة أسوأ بكثير ممن سبقه من مسيرين لها.
-وزيرة التجارة الناها بنت مكناس:
توصف بأنها عميدة وزراء حكومة ولد الشيخ سيديا المقالة، نظرا لكونها حافظت على البقاء في التشكيلات الحكومية المتعاقبة، وهو ما تعزز في حكومة ولد بلال، من خلال حفاظها على البقاء ضمن تشكيلتها، حيث رفضت تقديم أي شخص من حزبها للعضوية في الحكومة، فتم نقلها من وزارة المياه التي فشلت في تسوية المشاكل المتفاقمة داخلها، حيث الغليان العمالي الرافض لظروف العمل وللإنتقائية في منح التشجيعات. كما تصاعدت أزمات الماء في طول البلاد وعرضها، ولم تتمكن بنت مكناس من حلها، وعجزت عن تنفيذ الهيكلة التي قررت إجراءها في الوزارة، لتغادرها إلى وزارة التجارة، التي سبق لها أن أدارتها، لكنها اليوم تأتي إليها وقد تم تعزيز الوزارة بعدد من الأطر من خارجها.
-وزير التعليم العالي سيدي ولد سالم:
كاد يوقع نظام ولد الغزواني في ورطة سياسية خلال الأيام الأولى، لتوليه مهمة "الناطق الرسمي بإسم الحكومة"، من خلال تصريحاته التي حاول من خلالها إيهام الرأي العام، بأن هذا النظام إنما هو إمتداد لنظام الرئيس السابق ولد عبد العزيز. كما أن قراره المنع من التسجيل على أساس السن للحاصلين على الباكالوريا كان موضع استياء واسع، وهو نفس ما قوبل به قراره المتعلق بطلاب جامعة نواكشوط، والذي زاد من التوتر بعد تراجع الحكومة عن قراره الأول. كما عمد إلى تعطيل تنفيذ أحكام قضائية في عدة قضايا تتعلق بقطاعه، ضاربا عرض الحائط بها. وتدخل في انتخابات رئيس جديد لجامعة نواكشوط، من أجل فرض أحد مقربيه لشغل هذا المنصب، ورغم كل ذلك أعيد إليها الإعتبار في نفس الوظيفة.
وزير التشغيل والشباب والرياضة الطالب ولد سيد أحمد:
يتميز هذا الوزير برحلات سياحية وإلتقاط الصور هنا وهناك، بدلا من تقديم الملموس للقطاع وإنتشاله مما هو فيه من أزمات متفاقمة، فالقطاع في عهده تراجع دوره وغاب استيراتيجية محكمة للتقدم به إلى الأمام.