كشفت بعض المصادر لصحيفة "ميادين"، تفاصيل حول ظروف توقيف الأطفال والسجون المخصصة لهم، عقب إرتكابهم تجاوزات مهما كانت طبيعتها في مختف أنحاء موريتانيا.
وقالت ذات المصادر، إنه يوجد لبس يتمثل في إعتبار سجن "القصر" و مراكز إيواء وإعادة تأهيل الأطفال المتنازعين مع القانون جهة حكومية واحدة. مضيفة أن المركز مؤسسة عمومية ذات طابع إداري، وهو يأوي الأطفال ما بين 11 سنة و16 سنة، وله إدارة مركزية مستقلة تابعة لوزارة العدل، وله مقر في العاصمة نواكشوط وآخر في العاصمة الإقتصادية نواذيبو.
بينما سجن "القصر" مصلحة تابعة لإدارة السجون تسير من طرف كاتب ضبط، وقد تم إنشاؤها في شهر دجمبر2018، حيث نقل إليها الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين16 و18 سنة، والذين كانوا يقضون محكومية في السجن المدني (سجن السلفيين)، وقد وصل بعضهم إلى سن الرشد خلال الأيام الماضية ونقل من هناك إلى السجن المدني في دار النعيم، حيث من بينهم من حكم عليه في جرائم قتل وآخرين في عمليات سطو والإدمان على المخدرات، وبعد أن بلغوا سن الـ18 نقلوا إلى سجن دار النعيم، لوجود مانع قانوني يحظر تواجدهم في سجن "القصر". وسبق أن كشفت صحيفة "ميادين" في تقرير لها عن قصة ثلاثة أطفال بلغوا سن الرشد داخل السجون، حيث "التشرد" في شوارع العاصمة الموريتانية نواكشوط، وأرغمهم على إمتهان التلصص، تارة يتم إستغلالهم من طرف "الكبار" في الوصول إلى المنازل، وبالذات إلى غرف نومها. وتارة ينفذون العمليات بأنفسهم للفوز بالمسروقات دون غيرهم، فأحيلوا مرات تلو الأخرى إلى القضاء، الذي كان يضعهم تارة تحت "الحضانة" وطورا يحيلهم إلى سجن القصر، في إنتظار المحاكمة التي عادة ما تصدر عليهم أحكام مخففة، يخرجون بعدها من السجن. ليعودوا مجددا بعد تنفيذ عمليات أخرى، حتى بلغوا سن الرشد، فقرر القضاء أن يكونوا ضمن نزلاء السجن المدني في دار النعيم.
وقد كان الثلاثة تعرفهم مختلف الجهات القضائية بقصر العدالة في نواكشوط، وتعودوا على مداخل ومخارج القصر، وتعرفوا على كل الكتاب والبوابين، بسبب كثرة إحالتهم إلى هناك.
نفذ هؤلاء الثلاثة عديد العمليات في مناطق متفرقة من نواكشوط، ولما بلغوا سن الرشد تفرقوا وأصبحت لكل منهم جماعته التي ينفذ معها العمليات، فكان "سعيد" زعيما لجماعة تنفذ العمليات في الأحياء الراقية بنواكشوط على المنازل والمكاتب، وصعد نجمه حتى أصبح من "الكبار"، الأمر الذي مكنه من قيادة أكبر تمرد وفرار داخل السجن المدني بدار النعيم ذات مرة، بعد تمكنه مرات من الفرار من قبضة الأمن.
ثاني هؤلاء القصر الذين بلغوا سن الرشد المدعو سماح، الذي لم يكن له من الأهل يتابع قضيته ويتدخل للإفراج عنه سوى شقيقه العسكري، الذي تخلى عنه في النهاية، بعد أن فشل في تقويمه وإعادته إلى جادة الصواب. فالمعني كان ينفذ العمليات وهو طفل قاصر، ولم يخلو منزل ولا مكتب منه حتى وصل إليه، بل تم أستخدامه مرات من طرف كبار اللصوص في تنفيذ عمليات، بعضها خارج العاصمة، وهو متخصص في إبتكار طريقة للوصول إلى غرف النوم، وماهر في "إستعطاف الضحايا"، الذين عادة ما يسحبون منه الشكاوى، فيصبح وجوده في السجن بدون طرف مدني، الأمر الذي يخفف عنه الحكم أو يساعد في الإفراج عنه.
الثالث هو المصطفى، الذي كان هو الآخر ينفذ العمليات طفلا، حتى بلغ سن الرشد، فواصل على نفس النهج، فأعتقل وحوكم تارة بأحكام مخففة وتارة بأحكام موقوفة.
"صبية" فقدوا الحنان والرعاية، فكانت هذه طريقهم –والعياذ بالله-، حتى أصبحوا من عتاة "المجرمين" في عاصمة موريتانيا نواكشوط، وهم نموذج على المسار الإجرامي للأطفال، والذي تطور خلال الأسابيع الماضية عندما أقدم طفل على سرقة ناقة من بوتلميت وإستأجر سيارة لإيصالها إلى نواكشوط بهدف بيعها، ليتم إلقاء القبض عليه.
الدولة الموريتانية، أنشأت ثلاثة فرق أمنية خاصة بقضايا القصر تابعة كل منها لإدارة جهوية للأمن في ولاية نواكشوط، تدار إحداها من طرف ضابطة شرطة وهي الفرقة الخاصة التابعة للإدارة الجهوية للأمن في ولاية نواكشوط الغريبة وهي هند بنت محمد لقظف، بينما تدار الفرقة الخاصة التابعة للإدارة الجهوية للأمن بولاية نواكشوط الشمالية من طرف مفتشة الشرطة ميمونة بنت يحظيه. وتقود الفرقة الخاصة بقضايا القصر التابعة للإدارة الجهوية للأمن بولاية نواكشوط الجنوبية من طرف مفتشة الشرطة عيشه بنت عثمان. وتتولى هذه الفرق مهمة اعتقال والتحقيق مع الأطفال الذين يرتكبون تجاوزات، فتتم إحالتهم إلى القضاء الذي يخصص هو الآخر قضاة للنظر في قضايا القصر الجانحين، ومن خلال النظر في ملفاتهم يحيلهم إما إلى مركز الإيواء أو سجن "القصر"، وذلك نظرا لعمر الواحد منهم، وإن كانت الجهات الأمنية والقضائية تجد بعض الصعوبات في تحديدها، لأن بعضهم عندما يتم توقيفه لا يتم الحصول على وثيقة مدنية تتعلق بعمره، الشيء الذي يؤدي أحيانا إلى اللجوء لتقدير سنه، وتبعا لذلك يحال إلى المكان المخصص له.