أجمع العديد من المراقبين للشأن الموريتاني، على فشل وزراء في حكومة الوزير الأول اسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا، خلال "المائة" يوم الأولى من حكم الرئيس ولد الغزواني، بل إن سلوكياتهم ساهمت في تأزيم الأوضاع بالبلاد.
فبدلا من أن يسعى هؤلاء الوزراء إلى إنتهاج سياسة محكمة، من شأنها إدارة قطاعاتهم بطريقة سلسة، فإن هؤلاء عمدوا إلى إثارة المشاكل وتأزيم الأوضاع، من بين هؤلاء وزير التعليم العالي الذي أصدر قرار المنع من التسجيل على أساس السن للحاصلين على الباكالوريا، ثم جاء قراره المتعلق بطلاب جامعة نواكشوط، والذي زاد من التوتر بعد تراجع الحكومة عن قراره الأول، وعجز وزير الصيد عن منع سقوط قطاعه في قبضة رجال الأعمال ومافيا العمالة للأجانب وأهمل قطاعه حتى تفاقمت فيه المشاكل خلال "المائة" يوم من حكم ولد الغزواني.
كما كان لوزير الصحة دور بارز هو الآخر في تأزيم الأوضاع داخل البلاد، من خلال حملته على الصيدليات وهو العاجز عن إطلاق حرب على الأدوية المغشوشة والعمل على تقريب الخدمات الصحية من المواطنين، بينما سارع لتعيين "الأهل والرفاق" في الوظائف السامية والهامة بالقطاع، بينما لم يتمكن وزير التعليم الثانوي وزميله في التعليم الأساسي من تهيئة إفتتاح السنة الدراسية بالطريقة المثلى، الشيء الذي إنعكس حتى الساعة عل العملية التربوية. وعجزت وزيرة المياه عن تسوية المشاكل المتفاقمة في قطاعها، فتصاعدت أزمات الماء في طول البلاد وعرضها، ولم يتمكن وزير الطاقة من وضع حد لأزمات الكهرباء، مما زاد السخط على الحكومة والنظام من طرف المواطنين، هذا في وقت يتفرج وزير التجارة على الإرتفاع الجنوني للأسعار في أغلب مناطق موريتانيا، بينما لم تتمكن وزيرة الإسكان من إيجاد تسوية للنزاعات العقارية المتصاعدة، وسارع قطاعها إلى هدم منازل المواطنين ومصادرتها بطريقة متعجرفة، نتج عنها تذمر على الدولة وأجهزتها، فيما فشل وزير التنمية الريفية في تنفيذ خطة محكمة لصالح الحملة الزراعية هذه السنة وإهتم بتلميع صورته وإيجاد موطئ قدم داخل وسطه الإجتماعي، بدلا من التركيز على العمل من أجل تحسين ظروف قطاعه، ووقف وزير التجهيز والنقل عاجز عن مواجهة التراكمات داخل قطاعه، فلم يصدر أي قرار من شأنه تسوية المشاكل هناك أو الدفع به إلى الأمام، ولا حتى منع التلاعب الحاصل في رخص السياقة.
وتمسك وزير الخارجية بنظرته "الدبلوماسية" الخاصة، التي من خلالها "يحدد" علاقات الدولة بأشقائها وأصدقائها، طبقا لعلاقاته هو وماضيه، بدلا من سعي للدفع بالدبلوماسية إلى الأمام، وسارع وزير المالية لفرض "خلية الخزينة" على الوظائف الواجهية في قطاعه وتصفية خصومه من "خلية الضرائب" والقصاص منهم، بعد أن فرضهم الوزير السابق المخطار ولد جاي، وإنشغل وزير الشباب والرياضة برحلات سياحية وإلتقاط الصور هنا وهناك، بدلا من تقديم الملموس للقطاع وإنتشاله مما هو فيه من أزمات متفاقمة، فيما يعرقل الأمين العام للحكومة الملفات التي تمر به بشكل متواصل، ويواصل تسييره لميناء نواكشوط المستقل بطريقة بات لها تأثير قوي على وضعية هذه المؤسسة الحكومية الهامة، والتي مايزال نظام ولد الغزواني عاجز عن إختيار مدير عام لها، رغم مرور أشهر على شغور "معلن" لمنصب مديرها العام، بينما يسيرها الأمين العام للحكومة طبقا لمزاجه ورؤيته التي دمرتها ووضعتها على حافة الإنهيار الوشيك.
وهكذا طويت صفحة "مائة" يوم من حكم الرئيس ولد الغزواني وأغلب وزراء حكومته عاجزين عن القيام بالمسؤوليات التي كلفوا بها، بل يسعون لتأزيم الأوضاع لنظامه والمساهمة في التوتر بينه مع الشعب، دون معرفة كيف سيتعامل الرجل مع هذه الوضعية الخطيرة ذات التأثير البالغ على مستقبل حكمه، ما دامت الأوضاع وصلت إلى ما وصلت إليه من تفاقم خلال "مائة" يوم الأولى من حكمه.