مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

تازيازت والنظام الموريتاني وجهان لعملة واحدة

تلقفت المواقع و الصحف الموريتانية في الأيام الماضية تقريرا ورد في صحيفة لوموند الفرنسية عن تحقيق أمريكي يتعلق بفساد شركة تازيازت موريتانيا وعلاقتها بمقربين من الرئيس محمد ولد عبدالعزيز ونظامه. هل هناك حقا من لا يعرف العلاقة الحميمة بين نظام ولد عبد العزيز و تازيازت ؟ بين نظام ولد عبدالعزيز و MCM و Tullow Oil وشركات اخرى؟

 

هل هناك في موريتانيا من لا يعرف العلاقة بين هذه الشركات و بعض المواقع والصحف المحلية التي تجاهلت خبر التحقيق الذي تتحدث عنه الصحافة العالمية وبادرت بنشر ما وصفوه " دفاع الشركة عن نفسها " !

 

بعد ذلك ظهرت مقالات هزيلة الأسلوب ضحلة المحتوى لأشخاص يدافعون عن النظام وعن تازيازت على بعض المواقع. وذهبوا الى ان الامر برمته مؤامرة الهدف منها النيل من " الرئيس الانسان " ونظامه وبعض المقربين منه، وبان صحيفة Le Monde مأجورة والى ما هنالك من تبريرات واهمة!

 

هؤلاء مرتزقة يكتبون بأمعائهم خربقات ليست مقنعة لأبسط العامة وأكثرها غباء. من يتابع مسيرة Kinross الشركة الام المالكة لتازيازت منذ البداية، سيكتشف بان تاريخها مليء بالأزمات المالية التي أدت الى إغلاق مناجم تابعة لها في دول اخرى مثل اتشيلي لكنها وجدت ملاذا امنا في دول أفريقية مثل موريتانيا تحكمها أنظمة فاسدة وتطاردها اتهامات بالفساد منذ بداية الألفية قبل ان يخرج فسادها عن في العام 2013 وتبدا لجان مرتبطة بالقضاء الامريكي التحقيق مع بعض مدراءها التنفيذيين.

 

يتلخص التحقيق الامريكي في نشاطات تازيازت في النقاط التالية:

اولا: عدم الشفافية الذي نجم عنه إعطاء الصفقات لمقاولين مرتبطين سياسيا او أسريا بالنظام الموريتاني.

ثانيا: دفع مبالغ مالية بطرق غير شرعية لموظفين في الحكومة الموريتانية وبعض المحسوبين عليها ونفس التهمة تنطبق على نشاطات الشركة في غانا.

 

تازيازت تشغل 1350 عامل وفصلت منها 300 بطريقة تعسفية في العام 2013 وهو ما بررته حينها بتخفيف النفقات وهو ما عبر عنه مديرها التنفيذي في مقابلة سابقة Rollinson وقال بأنهم خاضوا مباحثات مع الحكومة الموريتانية بخصوص تسريح بعض العمال في وقت تتدهور فيه أسعار المعادن. لم تخلو تازيازت يوما من الأزمات منذ انتقلت ملكيتها من    Australia' Red Back Mining الى شركة Kinross الكندية التي تتخذ من مدينة Toronto مقرا لها في صفقة زادت على 7 مليارات دولار سنة 2010.

 

شركة تازيازت لا يهمها الا ارضاء النظام الموريتاني وذلك بتوظيف مقربين من الرئيس في مواقع سيادية في الشركة وإعطاء الصفقات والمشاريع للمقربين سياسيا من و أسريا من النظام ومن هنا جاءت أسباب التحقيق الذي تقوم به جهات أمريكية في نشاطات الشركة ومن المتوقع ان تفتح تحقيقات اخرى تتعلق بفساد MCM و Tullow Oil و شركات اخرى اكتشفت بان اقصر طريق الى الثروات الموريتانية يمر بتقديم الأموال والصفقات للنظام الفاسد عن طريق سماسرة الرئيس والوزراء والمتنفذين.

 

تعلم الحكومة مسبقا بكل من سيتم فصلهم لا حقا ولا تكترث لذلك والشركة ايضا لا تكترث مادامت تدفع للنظام وهو عنها راضٍ. وفي كل مرة يتم تبرير الفصل التعسفي للعمال بتراجع أسعار الذهب وهو تبرير مبالغ فيه لان هناك شركات للحديد ومعادن اخرى تعاني من الوضعية الاقتصادية العالمية الراهنة لكن ذلك لم يدفعها الى تسريح عمالها بالطريقة المهينة التي دأبت عليها تازيازت موريتانيا!

 

كينروس تازيازت ترفض الشراكة مع شركات اخرى قدمت لها عروض شراكة وهو امر كان من شانه ان يساعدها حسب رأي المحللين المتخصصين في إنجاز التوسعة التي ألغت وتسريح العمال الطوعي والتعسفي.

 

الشركة لديها احتياطي 9 مليون اونصة من الذهب وتكاليف التوسعة التي تم إلغاءها والتي تم تقدير تكاليفها بمليار دولار كلها أمور كان يمكن تفاديها حسب المتخصصين. لذلك أعلنت الشركة خسارتها في الربع الثاني من العام الجاري بالتزامن مع توقعات الاسواق التي لم تكن مشجعة في ظل تراجع أسعار الذهب وضعف المبيعات بالإضافة الى إغلاق منجم كينروس  La Coipaفي اتشيلي

 

كانت توقعات الشركة ما بين 2,4 مليون الى 2,6 مليون اونصة من الذهب وأقل التوقعات كانت تشير الى 1000 الى 1100 دولار للأونصة الواحدة. وكان من المتوقع ان تكون نفقات العام 2015 اقل من 725 مليون دولار. وبناء على ارقام السنة الماضية فان كينروس هي خامس اكبر منتج للذهب في العالم حيث تنتج 2.71 مليون اونصة ذهب وهو ما يوازي إنتاجها 2014 الذي بلغ 20.000 اونصة من منجم تازيازت وحده و 720.000 اونصة من مناجم كينروس في روسيا.

 

قضية البحث في مسالة الفساد في كينروس تازيازت ليست جديدة فقد كانت الشركة الام على علم برشاوى وقضايا فساد حدثت في فروع الشركة في كل من موريتانيا وغانا وفتحت تحقيقا سريا قبل ان يتسرب ويخرج الى العلن في العام 2013. عادت مسالة التحقيق الى الواجهة في شهر يوليو الماضي قبل ان تتسلل الصحافة الفرنسية الى موضوع التحقيق وتكتب عنه صحيفة Le Monde الأسبوع الماضي وتجدر الإشارة الى ان فرنسا ليست هي من يقوم بالتحقيق.

 

التحقيق تقوم به لجنة أمريكية معروفة متخصصة في الأمن والتبادل ووزارة العدل الامريكية حول تورط شركة كينروس تازيازت في عمليات فساد في موريتانيا وغانا. وجه القضاء الامريكي استفسارات الى الشركة وطلب منها المزيد من المعلومات والوثائق وعبرت كينروس بأنها متعاونة مع السلطات الفدرالية الامريكية بخصوص التحقيق على مدى 25 شهرا الماضية.

 

وفي مقال منشور على موقع Globe & Mail بتاريخ 4 أكتوبر 2015 وصفت تازيازت نفسها بضحية " الضجيج " الذي يصدره المقاولين الذين فشلوا في الحصول على صفقات مع منجمها في صحراء موريتانيا. كما قال بعض المدراء التنفيذيين في كينروس اثناء الاستجواب من طوف القضاء الامريكي، بان إجراءاتهم شفافة ونزيهة فيما يتعلق باختيار المقاولين في محاولة نفي تعرض تازيازت موريتانيا لضغوط من طرف الحكومة الموريتانية للتعامل مع المقاولين المرتبطين بها سياسيا. من يتابع التصرفات الغريبة للشركة والتي يتم تنسيقها مع النظام، يدرك بوضوح التناغم والحميمية بين الشركة والنظام والاستخفاف بالشعب والعمال:

 

 11 فبراير 2015 أعلنت تازيازت إلغاء توسعة منجم تازيازت.

 

 27 يوليو 2015 تازيازت تناقش مع مناديل العمال تقييم الخيارات لتخفيف تكلفة استغلال المنجم وهي الخيارات التي ستنتهي بالفصل التعسفي لاحقا.

 

 12 أغشت 2015 مشروع تسريح 200 عامل تحت يافطة  أسباب اقتصادية للمحافظة على مستقبل المنجم.

 

 1 سبتمبر 2015 أعلنت تازيازت عن برنامج لمغادرة عمالها طوعا وكان السبب هو نفسه... نفس الأسطوانة: خطة لتخفيف التكاليف في ظل تراجع أسعار الذهب.

 

 18 سبتمبر 2015 أعلنت تازيازت تسريح 148 موظف لأسباب اقتصادية.. والحبل على الجرار…

 

عبد المطلب عبد الودود

جمعة, 09/10/2015 - 11:38