مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

ثنائية الفقر والجهل وشرعية الانتماء إلى العبودية / السيد علي ولد السالك

باختلاف ما نعتقده وما يطالبنا البعض بالتسليم به، يختلف تقدير كل منا لما يعيشه لحراطين من ظلم واضطهاد بسبب ما ينعم به بعضهم من بسطة و سعة، ونتفاوت بكل غرابة في قراءة واقعهم الذي لا يخرج عن حدود التصنيف المحلي والعالمي للعبودية،و لربما أنكرت بعض الأقلام تحت تأثير الأجر،

أو بضغط من تضخم الأنا عند من حظوا - استثناء-  بجانب من الترف بين أبناء هذه الشريحة أن أجد الشجاعة لشجب ممارسة معيبة كهذه في مجتمعنا واسهم من خلال كشف جوانب التشوه الدينية والقانونية لها في كسر حاجز التسويف لحلها.
و لأن التوق والتطلع إلى الحرية من الشيم التي جبل البشر الأسوياء عليها، فلعلة ما يتعفف البعض عن الكتابة حول ظاهرة العبودية وذمها، من هذا المنطلق اقرأ بخجل و مع الكثير من الاستغراب إصرار البعض على أن مشكلة الحراطين لم تعد في الوقوع تحت نير العبودية بقدر ما هي آثار ناتجة عن الفقر والجهل - وهل يفرخ الجهل والفقر إلا حيث تعشش العبودية- كما ورد في مقال لا حدهم وهو يبرر المشكلة المتمثلة في الفئة الواحدة المسيطرة التي تلبس شكليا لبوس العدل والإنصاف.
أما أنا فأرى أن عدم المساواة بين المواطنين بغض النظر عن لونهم وجنسهم وقبيلتهم هو نوع من العبودية، واحتكار تسيير البلد على فئة دون غيرها في بلد تتعدد فئاته عبودية، واستئثارك بالمناصب العليا دون من يماثلك في الحقوق والمواطنة عبودية، وتوارث المراتب القيادية في المؤسسات المدنية و العسكرية على اعتبار أن ابن القيادي قيادي بالفطرة عبودية، وتحويل الناس إلى معدمين يحيطون بالمدن لإنتاج الخدم وإنعاش جلسات المحاكم بالمجرمين الذين يعيشون عام الرمادة ولا يعذرون في ضرورة الحصول على ما يقتاتون به، فتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويخلدون في السجون، ذلك أيضا في نظري يأخذ شكل ولون العبودية.
و لقد علم المنكرون لوجود العبودية ومن يحابيهم أن بموريتانيا جيوبا لهذه الممارسة تستعصي على التجفيف لاحتمائها خلف أسوار مشيخة الصالحين والزاوية المقدسة التي تبث العلم بين الوافدين      و يوجد بين عبيدها غالبية لا يحسنون الفاتحة. و لأنه  يكفي ظهور حالة عبودية واحدة لوصف بلد بكامله بأنه حاضن للعبودية فان هذه الحالة كافية أيضا لوضع جميع الحراطين بمنزلة العبيد، و أن ينظر إليهم كذلك مهما كانت المراتب الاستثنائية التي يتقلدها البعض منهم.
  لذلك فإن الحقيقة التي تقلقنا وتدفعنا للحذر والترقب هي انه قلما توجد غلبة معرضة للسحق بعنف، والزوال المروع، أكثر من تلك التي تقوم على الظلم لأنها مهيأة أكثر من غيرها لان تزول بغلبة أقوى منها وتكن لها الكثير من الكراهية والحقد، مهما كانت يقظة الأولى وطول بقائها . 

اثنين, 28/09/2015 - 12:42