مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

الشاعر السنغالي عبد الأحد الكجوري ينشد للأوطان في بيت شعر نواكشوط

 شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط مساء أمس (السبت) أمسية شعرية احتفائية بالشاعر السنغالي عبد الأحد الكجوري، الذي يزور موريتانيا بدعوة من بيت شعر نواكشوط، وهي الزيارة الثانية من نوعها لشاعر سنغالي.

وبهذه المناسبة، أكد الأستاذ الدكتور عبد الله السيد مدير بيت الشعر - نواكشوط رغبته في ربط الجسور بين القصيدة العربية على ضفتي نهر السنغال والمنطقة، مُنوهًا بالأدب العربي السنغالي، ومتحدثا عن خارطة هذا الأدب في الدولة الشقيقة المجاورة، وعن حجم الاعتناء باللغة العربية وبلغة القرآن والشعر العربي من طرف  السنغاليين.

وقال ولد السيد: إن زيارة الشاعر عبد الأحد الكجوري اليوم إلى بيت شعر نواكشوط تندرج في إطار الانفتاح على الشعراء العرب السنغاليين وخاصة النادي الأدبي السنغالي، مشيرا إلى الحدث المشابه العام الماضي، والذي تمت خلاله استضافة الشاعر السنغالي محمد الأمين جوب في بيت الشعر - نواكشوط.

هذا، ووسط حضور نخبة كبيرة من الشعراء والمثقفين، بدأّ الشاعر السنغالي عبد الأحد الكجوري أمسيته الشعرية بالثناء على المبادرة الرائدة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والتي "نوجد اليوم في هذا البيت بفضلها".

وقال الشاعر السنغالي إنه ممتن لهذه الدعوة وهذه الاستضافة ويشعر بالفخر لكونه اليوم سينشد قصائده أمام الشعراء الشناقطة، مؤكدا الأثر العميق في نفوس الشعراء للتواصل في بيوت الشعر.

وقدم الكجوري أمسية كبيرة تميزت بغنائه شعرا لأوطان عديدة من السنغال إلى شنقيط والجزيرة العربية، وكشفت قصائد الرجل عن تعلق شديد بالمكان والرموز والأسطورة، موظفا كمًّا هائلا منها في نصوص قابلة للانفتاح نحو كل الزوايا مع الاستناد  إلى جذر مرجعي هو الحضارة الإسلامية عربية وإفريقية وإنسانية.

الشاعر السنغالي عبد الأحد الكجوري قرأ 12 قصيدة من ديوانه المخطوط (لم أنته الآن)، بدأها بقصيدة "عروس الضفّة الأخرى"، التي يقول فيها:

وقفتْ على شطّ الخريف لتعبُرا

وتزفّ أزهار الرّبيع إلى الورى

تمشي على المأساة تحمل وردةً

ذبلتْ، فحقد العالمين تجبّرا

في كفِّها اليسرى حكاية ثائرٍ

يرنو إلى أفق البياض ليثأرا

مسحتْ ملوحة دمعها فتدفّقتْ

كلّ الينابيع الـمريرة سكّـرا

وتجشّمتْ هوْلَ البحار وعرْسها

في الضفّة الأخرى، لتبدوَ أطهرا

إلى أن يقول:

نَوْح الثّكالى لـَحْن أمواجٍ علتْ

كلَّ البسيطة صرخةً وتَوَتُّرَا

خاطتْ بألوان السَّلام قصيدة

ستُعِيدُ أصداء الحروب إلى الورا

وعلى رصيف الأبجدية خّلدتْ

أسطورةً ظلّتْ تعانقُها القُرى

 

ويقول فيها أيضا:

ستسود في صمت الخلود عروسة

تزجي فراشات السّلام إلى الثّرى

وتزيل عن قابيلَ زلّةَ عمره

فهي الفداء لذنبه كيْ يُغفرا.

بعد ذلك قرأ قصيدته "لمْ أنته الآن.."، ومطلعها:

كلّ الجروح لداء الرُّوح تكتنفُ

ومن مخاوف ذاتي اليوم أرتجفُ

صرختُ في المهد تيها دام في لغتي

ولا يـــــزال صداهُ الآن يَنْعـــزفُ

يقودني نحو ماضٍ ظلّ فـي كبدي

وحاضرٍ في سراب الأمس ينخسفُ

إلى أن يقول:

سبعٌ وعشرون صيفا لست أعرفني

لمـّا غدوْتُ بصمتِ الكون ألتحفُ

قدْ لذتُ بالحرف حتّى خان خافقتي

نبضٌ سيخفِتُ حتْماً يومَ أنكشِفُ..

 

أطلعتُه صفحاتٍ من كتاب دمـي

لكيْ تنوِّرَ دربـــــي تِلْكُمُ الصُّحفُ

يا عُمْرُ!! قفْ لحظةً حتى أرتّبني

لم أنتهِ الآن لكن خانني الهدفُ.

الشاعر الكجوري قرأ أيضا قصيدته "أنْ تعشق الوطن"، والتي يقول مطلعها:

بِقدْر ما تُوقَد الأشجانُ فِيَّ سدًى

آتيكِ من غُربةِ الأشواقِ مرتعِدا

مسافرا بين أشتات الغروب ولي

جرح المسافةِ، في جَنْبَيَّ قد جمَدا

ما كنتُ للزَّمن الآتي سوى شبح

للعابرين، وصرتُ الآن نصف صدى

كنسمة الصبح تَسْري وهي خائفةٌ

على العراةِ، بأنْ تغتالهم كمدا.

إلى أن يقول:

السّالكون سبيل الوهم ما وصلوا

إلّا إلى حافَّة المعنى إذِ اتّقدا

هم ضحكة الوطن الأولى، فما وهنوا

ماتوا لِنَرقى، ومدّوا للخلودِ يدا

 

أكلّما قدتُ من "والو" صدى "جلُفٍ"

تطايرتْ من "كجورٍ" نغمةٌ ونِداءْ؟!

وترقص الأرضُ زهوًا من رُبى "بَوَلٍ"

تُدَوْزن النّردَ من "فوتا" لينفَرِدا.

ويواصل:

منذ اخضرارٍ تماهى من ثَراكِ هوًى

يفترّ سنبلةً تستقْطبُ الرّغدا

منذ اصفرار الأماني كنتِ لي وهجًا

مقدّسًا، سوف يذْكي للبلاد مدى

قد اتّخذناكِ شريانًا يلوذ به

دم الفداء، لِكَيْ لا يبرَح البلدا

يا أيّها الوطن الممتدّ خارطةً

اسْتنجدِ الغيمة السمراء أنْ تَلِدا.

أرنو إلى الضفّة الأخرى أواعِدُها

أنْ سوف آتي لألقى في الرّصيفِ غدا

أنّى وقفتُ على الشطآنِ كنتُ أرى

هوًى تجذّر في الأعماق محتشِدا.

الشاعر الكجوري قرأ أيضا قصائده: "انعكاس لضوء أبدي، و"ذي النون لي"، و"الجرح الأخير"، و"خرافة"، و"خلودٌ من فم الغار"، و"محنة شاعر" و"الغربة الأولى"، و"سكرةٌ أولى"، التي يقول فيها:

ما زلتُ أبحث لي عن سكْرة أُولى

وخطوةٍ تقتفي لي كَعْب "سَنْدرِيلاَ"

في رحلتيْن إلى الماضي أسير على

خُطى المجازات أجْتاح المواويلا

أَنَّى استلذَّ "نُواسيٌّ" سلاف هوى

أصير كالـمَلِك الضِلّيل ضِلّيلا.

الشاعر الكجولي حريص على أن يجترح في صوره الشعرية أكثر من انزياح للصفة الواحدة، فهو يراقب الصبح في عيني حبيبته نافذة ليرى نفسه في المساء قتيلا، وربما قصد الشاعر ذلك لأن الشاعر يرى نفسه منفى يفتش عن أسير، وفق تعبيره.

هذا، ويشار إلى أن الشاعر السنغالي عبد الأحد الكجوري من مواليد 1989 في بلدة كجور العريقة في السنغال، وهي منجبة العباقرة كما يسمونها، بدأ دراسته النظامية، والتي تفوق في كل مراحلها، فدرس العربية والفرنسية وحصل على الشهادة الابتدائية من مدرسة بلال بن رباح  بـ(غيجوايْ) سنة 2002، ثم التحق  ب"مجمع الشيخ محمود صو الإسلامي" وحصل على الشهادة  الإعدادية، ثم الثانوية، وشارك في دورة الجامعة الإسلامية وكان ممن حصل على الامتياز فيها، ليلتحق  بكلية الإعمار للغة العربية والدراسات الإسلامية في دكار، وهو الآن يعد الماجستير في قسم التاريخ بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.

 

 

جمعة, 11/05/2018 - 15:35