شكل التعديل الوزاري الجزئي في حكومة الوزير الأول يحيى ولد حدمين، والذي جرى اليوم مفاجأة لبعض المراقبين في بعض جوانبه، فيما لم يفاجئهم في جوانب أخرى.
من حيث التوزانات الجهوية، ظهر حرص من الرئيس عزيز على تعزيز مكانة ولاية الحوض الغربي داخل حكومته، بغض النظر على حساب من، حيث كان تعزيز مكانتها على حساب ولاية لعصابه، التي لم تكن ممثلة في الحكومة إلا من طرف وزير الإتصال والعلاقات مع البرلمان إزدبيه ولد محمد محمود المحسوب على الوزير الأول يحيى ولد حدمين، والذي يبدو أن إستهدافه لم يجد له بعض المراقبين أي تفسير، خصوصا وأنه كان يتوقع أن يكون ضمن الوفد المرافق للرئيس في رحلته إلى الصين، وكان من المفاجئ أن إبعاده عن التشكيلة الحكومية، صوحب بإبعاد آخر من نفس مجموعته القبلية عن منصب كان يتقلده وهو المفوض المساعد للأمن الغذائي سيدي مولود ولد براهيم الوالي الأسبق لنواكشوط.
التعديل الوزاري، بموجبه تم إبعاد إسلكو ولد إزدبيه عن الواجهة السياسية بصفة كلية، من خلال إسناد وظيفة إدارة سلطة التنظيم إليه، وهو المنصب الذي يحظر على صاحبه ممارسة السياسة، الشيء الذي يعني أن "الرجل" قد طوى صفحة "السياسة" ما دام في هذا المنصب الجديد، وهي إزاحة جاءت في ظل تصاعد الأزمات بينه مع أغلب أطر وزارته وتعذر إنجاز الطرق التي تشرف عليها وزارته، إضافة لمشاكل "أخرى" واجهها الرجل مع مقربين من الرئيس عزيز.
كما لم يشكل إبعاد وزيرة الخارجية فاطم فال بنت اصوينع عن وزارة الخارجية، أية مفاجأة للمراقبين، نظرا لكونها لم تستطع إدارة القطاع بالطريقة المثلى، وإنغمست في صراع مع أطر الوزارة و"إحراجهم"، كما واجهت أزمة قوية مع الوزيرة المنتدبة لدى نفس الوزارة، ويرى البعض أن للمرأة "نقاط ضعف"، ساهمت في منعها من تحقيق أي شيء ملموس على أرض الواقع في الدبلوماسية، فأزيحت عنها إلى قطاع "البيطرة"، التي ستكون ثاني وزيرة تتولاه بعد فاطمه حبيب التي تمت ترقيتها بتعيينها وزيرة لشؤون المرأة، خلفا للمينة بنت أمم، التي تمت ترقيتها هي الأخرى بتعيينها وزيرة للزراعة، في فترة حساسة وعلى وزارة من بين الوزارات الهامة والتي يعول عليها الرئيس عزيز في تطبيق برنامجه الإنتخابي، حيث عينت هذه المرأة خلفا لبراهيم ولد محمد أمبارك، الذي أدار الوزارة لفترة طويلة، كان خلالها "آلة" في يد أصحاب النفوذ يديرون من خلاله كل شيء، ليتم نقله إلى وزارة المياه والصرف الصحي تلك الوزارة التي كشفت الأمطار الأخيرة عجزها عن القيام بالمهام الموكلة إليها، فيما يتعلق بالعاصمة نواكشوط، ورغم ذلك عين وزيرها محمد ولد خونه وزيرا للتجهيز والنقل، وعلى قطاع حساس ومليئ بالأشواك، إذ يبدو أن الرجل و"علاقاته الخاصة"، مازالت تساعده على البقاء داخل التشكيلة الحكومية، حيث أصبح الوزير الأكثر تنقلا بين الحقائب الوزارية، علما بأنه لا إنجاز على أرض الواقع قدمه في أي قطاع أداره، ورغم ذلك فقد إحتفظ بالعضوية في الحكومة من خلال وزارة التجهيز والنقل.
وجاء التعديل الوزاري بالسفير السابق في أديسبابا حمادي ولد اميمو الخصم التقليدي لمحمدو ولد الشيخ حماه الله في كوبني، لتسند له حقيبة الخارجية في أول دخول له في حكومة موريتانيا، وهو سفير سابق في دولة الكويت، أقام خلالها علاقات متميزة مع الخليجيين، ربما تكون وراء تعيينه على حقيبة الخارجية.
كما تمت ترقية والي ولاية لبراكنه أحمدو ولد عبد الله، الذي تعرض أداءه للكثير من الإنتقادات في الولاية خلال زيارة الرئيس ولد عبد العزيز، كما أن علاقاته لم تكن على ما يرام مع الإداريين الذين يعملون معه، وللرجل "مشاكل" داخل محيطه الإجتماعي، كما أنه سبقت إقالته في ظروف غامضة من إدارة ولاية نواكشوط. وبغض النظر عن ذلك كلف بإدارة قطاع الداخلية في هذه الظرفية من تاريخ البلد، وخلفا لمحمد ولد محمد راره، والذي لا يبدو أن الرئيس ولد عبد العزيز يريد إبعاده عن الواجهة، فكلفه بإدارة مفوضية الأمن الغذائي، بعد أشهر من بقاء منصب مفوضها شاغرا عقب إقالة المفوض السابق سيد أحمد ولد بابه، إثر الكشف عن فضائح مالية بالمفوضية، وشد إزر ولد محمد راره بنجوى بنت محمد الأمين ولد الكتاب مفوضة مساعدة للأمن الغذائي، ولوحظ في التعديل الوزاري الجديد أنه لم يستهدف أية حقيبة تدار من طرف زنجي، كما لم يدخل الحكومة أي زنجي في إطار هذا التعديل، والذي بموجبه دخل الحكومة محمد الأمين ولد الشيخ نائب مقاطعة أركيز بولاية اترارزة وأحد نواب "حجب الثقة"، فكلف بإدارة وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، وهي أول حقيبة تسند له بهذا الحجم.
التعديل لم تظهر فيه بصمات الوزير الأول ولد حدمين، لأن ما تم تعيينه خارج "محيطه"، وقد تكون إزاحة ولد محمد راره إنتصارا له، إلا أنه صوحبت بإبعاد إزدبيه ولد محمد محمود المحسوب عليه، ويذهب بعض المراقبين للقول أن إبعاد ولد إسلكو ولد إزدبيه إنتصار لخصومه داخل حزب الإتحاد من أجل الجمهورية، والذين يتهمونه بخلق مشاكل داخل الحزب ومحاولة عرقلة عمله.