تشهد موريتانيا منذ بعض الوقت،جملة من الإصلاحات المتتالية التي شملت مختلف القطاعات الحيوية في الدولة، تهدف من بين أمور أخري الي تطوير أداء القطاعات الحكومية والرفع من مستوي مردو ديتها علي الحياة العامة للمواطنين،قصد تعبئة الموارد البشرية الضرورية المنوطة بخلق تحول عصري متمدن علي بنية الدولة.
هذه الإرادة الصادقة ،تصطدم اليوم أكثر من أي وقت مضي ،بجملة من العراقيل البنيوية،التي تعيق التطبيق العملي لمبدأ نظافة الإدارة وتخليصها لخدمة قضايا التنمية المستديمة في بلد يعاني شح الموارد البشرية و ضيق سوق العمل ،مما ينذر بالاضطرابات الاجتماعية التي قلما لاحت في الأفق ،نتيجة لعدة عوامل،أهمها التنافس علي الوظيفة العمومية في بلد تتجه فيه الأنظار الي الدولة باعتبارها الحاضن الأول و الراعي الرسمي لكافة القدرات و المؤهلات العلمية و المستهدفة بكافة الإشكالات ذات العبء علي الموارد الأصلية ،التي تتطلب التوزيع العادل بين مكونات الشعب الواحد و ما يتطلبه ذالك من عدالة،تفرض التناوب علي مقاليد الوظائف العامة في البلد ،قصد خلق سياسة التغيير و التجديد.
الشيء الذي يدفعنا الي طرح جملة من التساؤلات حول مصير بعض الوظائف العامة التي يتم شغلها اليوم من قبل موظفين أستفادو من حقهم في التقاعد القانوني،علي الرغم من استمرارهم في تقلد الوظيفة،الشيء الذي يتنافى مع أبجديات المهنية و المسؤولية القانونية، مثل ما يحصل اليوم مع الموظفين التاليين علي سبيل المثال لا الحصر:
سيدنا سخنا، مكلف بمهمة في رئاسة الجمهورية
إبراهيم ولد داداه ،وزير العدل تجاوز منذ ثلاثة سنوات
أديا لو ممدو باتيا ، وزير الدفاع الوطني ،منذ السنة الحالية
محمد ولد أحمد سالم ولد محمد راره ،وزير الداخلية و اللا مركزية ،منذ السنة الحالية
حمدي ولد المحجوب، المدير العام لوكالة التضامن، منذ أربعة سنوات متحايل
الشيخ ولد بايه مستشار فني لوزير الصيد و الاقتصاد البحري ،منذ ثلاثة سنوات
بعض السفراء المعتمدين (سفارة واشنطن، سفارة تونس)، منذ سنتين
مستشارين دبلوماسيين
بعض موظفي الإدارة الإقليمية
جل رؤساء مجالس إدارات المؤسسات العمومية ،تجاوز مع تحايل
بعض المحاسبين العموميين
استمرار المتقاعدين في مزاولة التعاقد داخل المؤسسات العمومية، رغم تعميم الوزير الأول المحرم لذالك.
يضاف الي ذلك تفشي ظاهرة ازدواجية التوظيف لدي القطاعات الحكومية،بشكل زائد علي الغاية، الشيء الذي اكتشفته المفتشية العامة للدولة،كما انتبهت له وزارة المالية متأخرا من خلال الرقابة المالية،بعد التحري وصل الي رقم قياسي تجاوز ثلاثة مائة موظف ،ممن يتقاضون عدة رواتب علي حساب خزينة الدولة بشكل غير قانوني،يتنافى مع القانون المنظم للشغل و الوظيفة العمومية في موريتانيا.هذا في الوقت الذي يقص فيه الشارع الموريتاني بمئات حملة الشهادات دون مأوي،كما أصبح القصر الرئاسي قبلة للتظاهرات و التظلمات المطالبة بتوفير فرص العمل.
هذا الاستنتاج يدفعنا الي حصر جملة من المعوقات التي تحول دون تطوير القطاعات الحكومية مع ملاحظة عدم مواكبتها للنهضة التنموية التي أصبح البلد في الآونة الأخيرة يطمح لها بكثير من التأخر في انسيابية العمل التكاملي الشمولي الذي تقتضيه طبيعة المرحلة و حاجة الوقت، فهل تجد هذه الثغرات الآذان الصاغية لخلق المصلحة العامة المطلوبة ؟