أكد الأستاذ الدكتور/ عبد الله السيد مدير بيت الشعر - نواكشوط مساء أمس الخميس أمام رواد البيت نجاحَ مبادرة بيوت الشعر في الوطن العربي، لافتا إلى أن هذه البيوت منفتحة على أنواع الفنون الأخرى من مسرح وموسيقى وسرد ونقد.
وأوضح الأستاذ الدكتور أن هذه البيوت التي وصل عددها سبعة بيوت في ستة بلدان عربية في ظرف وجيز، تباشر أنشطتها المتنوعة وفق الإستراتيجية التي أطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الهادفة إلى حماية اللغة العربية وتشجيع الإبداع والتواصل بين المبدعين والجمهور، وذلك لإشاعة روح الانفتاح والتسامح، والعمل من أجل نشر القيم الرفيعة والثقافة الخلاّقة.
وقال: إن بيت الشعر - نواكشوط، وهو ثاني بيت شعر يتم افتتاحه في إطار هذه المبادرة؛ يدخل سنته الثالثة وهو في كامل الجاهزية والاستعداد لتنفيذ برنامجه الثقافي السنوي، وفي مقدمته تنظيم الدورة الثالثة من مهرجان نواكشوط للشعر العربي.
وأضاف أن البيت استقبل المبدعين في كل الفنون من سينما ومسرح وسرد وموسيقى، وبيّن أن وجود كاتبة قصصية وكاتب مسرحي في لقاء اليوم هو دليل على اهتمام البيت بكل مبدعي الأجناس الأدبية والثقافية؛ موضحا أن القصة تملك أدوات تعبير واسعة، وإن اقتربت -خاصة القصة القصيرة- من قصيدة النثر، فإنها حققت مكانة كبيرة في أنماط التعبير الأدبي، منوها إلى مكانة الروائية أم كلثوم أحمد، بوصفها من أشهر الكاتبات الموريتانيات، وأكثرهن ثراء في التجربة.
كما أثنى الأستاذ الدكتور السيد على الكاتب المسرحي محمد فال ولد عبد الرحمن، مؤكدا أنه يكاد يكون الكاتب المسرحي الوحيد في البلاد، وسرد بعض الأعمال المسرحية والأدبية والثقافية التي قام بها الكاتب المسرحي ولد عبد الرحمن فضلا عن عمله الأكاديمي.
وكانت مسائية بيت الشعر هذه قد بدأت باستماع الحضور إلى الكاتب المسرحي محمد فال عبد الرحمن، الذي قدم عرضا تطرق لحياة الكاتبة أم كلثوم أحمد، وذلك عبر المحطات الرئيسة في سيرتها الذاتية، كما قدم عرضا تعريفيا بأعمالها الإبداعية، خاصة مجموعتها القصصية "ماريه" التي استشهد بقراءة نصوص منها.
وتحدث عما أسماه "الملاحظات الانطباعية المختصرة" حول المجموعة القصصية (مارية) حيث اعتبر أنها في جانب منها، رمي إلى تدوين التحولات التي خضع لها المجتمع الموريتاني منذ انطلاقة أعمال تشييد الدولة وما رافق ذلك واقتضته الأحوال من تبدل في قيم المجتمع الآخذ في التغير شيئا فشيئا.
واعتبر أنها ركزت في هذا المجال على التأثير الذي تتركه بصمات الزمن في عقول الناس وعاداتهم وأساليب عيشهم، ومدى قدرتهم على مقاومة التحول والصمود في وجهه، أو ليونة المناطق الهشة في الجسد الاجتماعي وقابليتها للتشكيل وفق رؤية محددة.
وخلص في هذا التحليل إلى أن الكاتبة توشك أن تصل إلى قناعة مفادها أن المبدع قادر على التمكين للقيم التي يسعى إليها في المجتمع.
واستشهد في هذا الإطار بقصة "القرية المجنونة" وكذلك قصة "تلك المشية".
وتطرق إلى الأسلوب اللغوي والسردي والوصفي لدى الكاتبة، وخاصة في مجال رسمها لشخوص قصصها، قائلا: إن الكاتبة تمتلك موهبة في رسم شخصياتها بحركات سريعة رشيقة أقرب ما تكون إلى ضربات الرسام التشكيلي الماهر الذي حذق عمله ببراعة وتمكن.
بعد ذلك استمع الحضور إلى الكاتبة أم كلثوم أحمد، وهي تقدم سيرة ذاتية لمسيرتها بطريقة منولوجية رائعة مزجت فيها بين أساليب القص ورسم المشاهد الداخلية والخارجية والبيئة التي أثرت في حياتها كأديبة.
بنت أحمد قالت: إن إنتاجها الأدبي منذ 2005 رجوعا إلى بواكير خطواتها الأدبية الأولى، أنتج في بيئة تحول اجتماعي، من حياة البدو الرحل، حيث انحازت إلى السرد القصصي بعد قراءتها للغة والشعر الجاهلي والأموي وأنظام السير على والدها وبعض أٌقاربها ثم تعرفها لاحقا على الأعمال الروائية لمشاهير الكتاب العرب والعالميين.
وتحدثت بلغة آسرة سرديا عن التأثير الزماني والمكاني في حياتها، وعن شعورها النفسي إزاء ما تشكل وعيها عليه أو استرجعته بذاكرة رمادية مما يروى حولها في السبعينات من أسماء وأحداث خاصة في التاريخ: فلسطين، أم كلثوم كوكب الشرق، ظهور العملة الموريتانية (الأوقية)، كسوف الشمس، وأغنية الفنانة الموريتانية الراحلة ديمي آب "ريشة الفن" من قصيدة الشاعر الكبير أحمدو عبد القادر، لتصل إلى مدخل الكتابة لديها حول التحول الاجتماعي، الذي يهيمن على إنتاجها من خلال قصص الواقعية السحرية.