بقلم: المصطفى بن محمد الأمين
لا ريب في أن برنامج أمل أصبح برنامجا وطنيا تتمسك به الحكومة الموريتانية منذ الإعلان عنه سنة 2012 م إلى اليوم، وتتوخى من خلال تسييره أن يعزز القوة الشرائية وخاصة لدى المواطنين محدودي الدخل على كافة التراب الوطني، كما لا شك أن البرنامج الاستعجالي الثابت رسميا يوفر مئات فرص العمل لمواطنين أغلبهم شباب ونسبة هامة منهم من حملة مختلف الشهادات والتخصصات، بيد أن هذا البرنامج بما فيه من إيجابيات أثبتتها السنوات الستة الماضية - وربما أكثر - لا يخلو من تحديات وخروقات تؤثر على سمعته كبرنامج هام أثبت نجاحه إلى حد ما، في حين ظل عماله يدفعون الثمن لما يحويه من مظاهر سلبية وغير سليمة، ولعل هذه المشاكل تكمن في محورين أساسيين:
1 - المحور الأول: يتعلق بانعدام وجود نظام أساسي ينظم البرنامج ويحدد طبيعة شخصيته المعنوية وما يتعلق بذلك من منظومة هيكلية تجعل منه مؤسسة وطنية أو برنامجا يتوفر على الخصائص التنظيمية والإجرائية التي تخوله لأن يكون برنامجا بالمعنى الصحيح، وهذا ما يستدعي بالتأكيد المطالبة بتصحيح وضعية برنامج أمل أو تحويله إلى مؤسسة وطنية أو دمج عماله داخل مؤسسة أو مؤسسات أو قطاعات ما، وهنا تكون الأسئلة المطروحة عبر البرنامج قد أجيب عليها بهذا الحل (ما طبيعة البرنامج؟ ما طبيعة عماله؟ إلى أي جهة يتبعون ؟ الخ).
2 - المحور الثاني: ويتعلق بحقوق والتزامات العمال، وما يعني ذلك من حقهم في الحصول على عقود عمل حسب المشرع الموريتاني وما يقتضي ذلك من حصول العامل بالبرنامج على كافة واجباته مقابل الوفاء بكافة الالتزامات القانونية، ومن هذه الواجبات: كشوف الأجور، والتأمين الصحي، والضمان الاجتماعي، والعلاوات، وحق المعاش عند التقاعد.
لا يفوت ذو عقل بأن الإدارة الموريتانية يحسب لها البرنامج لا عليها، إلا أنها تبقى ضالعة في الوضعية الراهنة لعماله، وهي إلى اليوم تتجنب الحديث عما يعيشونه من اختلالات بنيوية تحسهم بأن الأمل الذي يحدق بحقلهم لا يعدو سوى شعار عار من المضمون والمأمول، مما جعل بعض المتابعين لا يرى هؤلاء العمال سوى أجراء بالوكالة لدى ملاك السلع التي تباع بالدكاكين !!
وخلال العام القادم 2018 م أعلن رئيس الجمهورية السيد: محمد ولد عبد العزيز أن البرنامج سيعزز برصيد مالي قدره عشرة ملايير أوقية وهي خطوة هامة تأتي خلال سنة قلت أمطارها مما يستدعي العناية بالمواشي وتوفير ما يحتاجون إليه من أعلاف، وغير ذلك من متطلبات العيش الكريم لفقراء البلد خصوصا بموريتانيا الأعماق، لذا لا نستغرب أن يظل البرنامج رقما صعبا في الخطابات والحملات والمبادرات، لكن من المستغرب أن يظل من يسهرون على هذا البرنامج ويخوضون غماره ويعيشون مره وحلوه، موضوعا آخر لما يحن الحديث عنه أو التطرق إليه ولو ببنت شفه وكأن هؤلاء العمال ليسووا كغيرهم من الزملاء فذاك شأن آخر إلى حين...!!
إن برنامج أمل اليوم أصبح لغزا مربكا و محيرا، وقضية حاضرة مغيبة ما يزالان ينتظران فرسان تغيير مثلما كان شكلهم ليكون همهم الأول والأخير أن ينصف كافة عماله بعد سنين من البذل والحيرة والعطاء فهل من مجيب؟