حين خطط إخوة يوسف للغدر بأخيهم، وألقوه في غيابة الجب، التحفوا بسواد الليل وجاءوا أباهم عشاء يبكون، لحبك المشهد التمثيلي، وليكونوا أقدر على تصنع البكاء والحزن دون انكشاف أمرهم. وقديما قيل "إن دموع الفاجر في يديه."
المشهد التمثيلي الذي كتبه وأخرجه إخوة يوسف منذ 3500 سنة، أعادت كتابته اليوم أحزاب المعارضة الموريتانية، وإن بسيناريو وإخراج أقل تواضعا، حين جاءوا في الثلث الأخير من ليل السبت/ الأحد للشعب الموريتاني ببيان هزيل، يبكون فيه الوطن، وما حاق به من "اعتداء على المقدسات ونهب للخيرات وتشويه للرموز الوطنية وتهديد لوحدة الشعب وانسجامه وسوء علاقات البلد بالجوار".
جاءوا عشاء يذرفون دموع الغدر، على طريقة إخوة يوسف، يبكون مآل البلاد، ومصير العباد، ويتوسلون الشعب للخروج معهم في "انتفاضة" 25 نوفمبر (عيد القوات المسلحة)، وفي اختيار التوقيت ما ينبئ عن سوء طوية لا تخطئها عين الملاحظ.
صمتوا دهرا ونطقوا كفرا، حين يتباكون على وطن كانوا معاول هدم لما حققه منذ الاستقلال، ويحاولون اليوم أن يضعوا العصي في دواليب التغيير للحفاظ على أوضاع سابقة كانوا أبطالها بلا منازع.
بعض هؤلاء كان عرابا للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وبعضهم الآخر كان سوطا يلسع أجساد الموريتانيين في سنوات الجمر، والثلة الباقية من المرابين والسماسرة وسفراء الكيان الصهيوني غير المعتمدين، ممن توكل إليهم مهام شق الصفوف وإذكاء النعرات وترويج الخطابات الشرائحية والعنصرية.
هم خليط من انتماءات وتوجهات ومآرب شتى، لا يجمع بينها غير العداوة للوطن وللوطنيين، وحين يحققون هدفهم المنشود- لاقدر الله- سيتآكلون فيما بينهم على طريقة عصابات اللصوص وقطاع الطرق عند اقتسام المغانم.
ما نعرفه أن الموريتانيين شبوا عن الطوق، ولم يعد بالإمكان التغرير بهم، فهم أبناء هذا الوطن الأوفياء وأدرى به وبشؤونه.. هم وحدهم من يعرف قدر النظام الحالي، ويدرك حجم المكاسب التي حقق خلال سنوات قليلة، وهي مكاسب كانت أحلاما بعيدة المنال حتى في عيون قادة هذا الرهط الثمانية.
سيحل الـ25 نوفمبر بإذن الله، وسيسير هؤلاء في شوارع العاصمة، مدعومين بالغوغائيين والفضوليين ومن تبقى من فلول الأنظمة البائدة، وسيعودون من حيث أتوا، لا ظهرا أبقوا ولا أرضا قطعوا، في مشهد سيزيفي تتوالى فصوله العبثية تباعا منذ العام 2011.