يقع معبر "گوگي" في بلدية كوكي الزمال التابعة لمقاطعة كوبني بولاية الحوض الغربي بالشرق الموريتاني، ويقع هذا المعبر على الطريق المعبد والذي يقسم مدينة گوگي إلى شطرين: گوگي الشمالي التابع للسيادة الموريتانية و گوگي الجنوبي التابع للحوزة الترابية المالية.
الداخل إلى البلاد من هذا المعبر سيتوقف عند مركز استقبال الشرطة الموريتانية، ترى الأجانب كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون، لأنه سيستقبل باحتجاز أوراقه حتى يدفع مبلغ 3.000 أوقية، أو يعود من حيث أتى، مقابل وثيقة دخول يتم استصدارها لكل أجنبي من طرف هيئة الوثائق المؤمنة عبر شبكة الربط، ولكن المستغرب أن مصاريف إنجاز هذه الورقة لا يتجاوز مبلغ 500 فرنك غرب إفريقي C.F.A كما هو مبين في هذه الوثيقة نفسها، وهو ما يعادل مبلغ 150 أوقية ؟! فأين هذا من مبلغ 3000 أوقية غير المبرر ؟ أو ليست هذه مبالغ ضخمة إذا علمنا أن هذا المعبر يسلكه مئات الأجانب يوميا، خاصة من الجنسية المالية، الذي يبدون امتعاضا كبيرا من هذا الدفع غير المبرر، بل والذي يترافق مع التعامل بازدراء بالأجانب (خاصة الأفارقة) الذين أصبحوا يضيقون ذرعا بمثل هذه التصرفات.
مركز الجمارك بكوكي الزمال: هو النقطة الثانية التي يتوقف عندها الأجانب لتفتيش أمتعتهم بحثا عن المحرمات وجمركة البضائع التجارية، وتتم هذه العملية بقدر كبير من المرونة وإن كانت الجمركة تتم دفع مباشر لمبالغ لا تمثل أحيانا عشر مبلغ الجمركة الحقيقي، ولكن يبقى العامل المشترك بين الشرطة والجمارك هو أن كل هذه المبالغ تذهب إلى جيوب هؤلاء الأشخاص على حساب خزينة الدولة التي تدفع لهؤلاء مرتباتهم وعلاواتهم وميزانيات تسير مؤسساتهم.
لا يفوتنا هنا أن نشير إلى أن مركز الجمارك هو الوحيد الذي تستفيد منه ساكنة هذه القرية استفادة مباشرة وشبه يومية عبر اعتماد مجموعات من الحمالة (كل مجموعة 10 أشخاص) يتولون تفريغ وإعادة شحن الشاحنات من فئة 10 و 20 طن، بعد أن تم العدول كليا، تقريبا عن تفريغ القاطرات من فئة 30 طن.
مركز الدرك الوطني بكوكي الزمال: قد نلتمس العذر للشرطة فيما أقدموا عليه من ابتزاز للأجانب إذا علمنا أن منهم من يقوم بإنجاز إذن الدخول ومنهم من يقوم بتفتيش الأمتعة بحثا عن المحرمات، كما أن الجمارك يقومون بتفتيش الأمتعة، فكل منهم يبذل جهدا قد يبرر له أن يطلب مقابلا ولو كان كبيرا لنفخ جيبه.
لكن من غير المنطقي ولا العقلي أن يقوم عنصر من الدرك بالدخول في باص لشركة نقل "نور" أو "صونف"، (كل باص يحمل 80 راكبا تقريبا) وهما أكبر شركتي نقل للأشخاص على هذا الطريق، فيجمع كل تراخيص الأجانب التي اشتروها للتو من الشرطة بمبلغ 3000 أوقية ويذهب بها إلى مكتبه ويتبعه الجميع في طابور أمام ذلك المكتب، ليطلب من كل واحد منهم دفع مبلغ 3000 أوقية نقدا وعدا وفي لمح البصر، وإلا فسيتم احتجاز أوراق هؤلاء الأجانب الذين نفد صبرهم حيث يستغرق تجاوز هذه النقاط الثلاث أكثر من 5 ساعات ...
وهنا أسجل شهادتي، بوصفي أحد ركاب هذه الباصات زوال أمس (من الساعة 1 زوالا حتى 3 ظهرا عند مركز الدرك) الجمعة 10 نوفمبر 2017، حيث أفاد هؤلاء الأجانب، لأنه لا يسمح لي بالاقتراب من المركز بوصفي غير معني بالمشكل حسب عناصر الدرك، فقد امتنع هؤلاء الأجانب عن دفع مبلغ 3000 أوقية وإنما هم مستعدون لدفع مبلغ 1000 أوقية فقط كما عودتهم هذه النقطة، كما يقولون، وبعد أن طال إصرار الأجانب على عدم الدفع، ورفض العناصر استلام هذا المبلغ، ارتأى جميع ركاب حافلتي "نور" و "صونف"، والبالغ عددهم حوالي 140 راكبا، العودة إلى مركز الشرطة لإبلاغهم بأن الدرك احتجز أوراقهم دون وجه حق، وبالتالي فإن هذه الأوراق لا قيمة لها مادامت لا تكسب حقا ولا تدفع ضرا، عندما قرر الركاب الأجانب، جماعيا، الرجوع تاركين وراءهم الباصات ومركز الدرك والمخلفين من الأطفال والنساء والعجزة، رضخ أفراد فرقة الدرك، وفي لمح البصر استلموا مبلغ 1000 أوقية عن كل راكب أجنبي وسلوه أوراقه، وكان الموقف مخجلا للمواطنين الذين يرون الأجانب يلوون ذراع السلطات الأمنية التي اختارت الطرق الملتوية.
بعد هذه الرحلة استوعبت عبارة طالما سمعتها من ساكنة كوكي، وهي أن ما من مسؤول يحول إلى مدينهم إلا ويأتي صفر اليدين، وما إن يقضي فترة قصيرة حتى يصبح من تعداد الأثرياء، فقد كانوا يعنون الثراء بلا سبب.
وأخيرا من المفارقات الغريبة، في مدينة "كوكي موريني" أنه في الوقت الذي نرى فيه الثراء الفاحش وغير المشروع، يتم حرمان البلدية من وضع أي ضريبة للإستفادة من هذا المعبر الذي يمثل الشريان الوحيد لهذه البلدية، فمتى يتم تغيير هذا الوضع نحو الأفضل ؟
محمد عبد القادر محمد سالم ـ كوكي الزمال