احتضنت صباح اليوم قاعة المحاضرات بجامعة شنقيط العصرية ندوة علمية حول الشعر الموريتاني بعنوان :"التنوع والتكامل" بمشاركة متخصصين في هذا المجال، وبحضور نخبة هامة من رموز الشعر والأدب والثقافة وأساتذة وطلاب الجامعة. وتضمنت الندوة ثلاثة محاور: الشعر الفصيح، والشعر الحساني، ثم الشعر في اللغات الوطنية الأخرى. افتتحت الندوة بكلمة للدكتور محمد المختار ولد اباه رئيس الجامعة تحدث فيها عن أسباب تعلق بني البشر بظاهرة الشعر، مشيرا إلى أن انتشار هذه الظاهرة في كافة الشعوب يجعل منها ركنا من مقومات الحياة البشرية، مضيفا إن تاريخ الشعر اشتهر بصفته فنّا يحلِّيه الجمال وتنبع منه الحكمة، وأوضح في ختام كلمته أن جامعة شنقيط العصرية تحرص من خلال هذا الملتقى على توسيع دائرة الاهتمام بالشعر الشنقيطي وتتطلع بشوق إلى الحديث عن الشعر باللغات الوطنية الذي تتمنى إحيائه وتعميمه في الثقافة الوطنية ، ثم بدأت الجلسة الأولى- التي ترأسها الدكتور عبد الله ولد السيد- بمحاضرة حول "إشكالية الحداثة في الإبداع الموريتاني" قدمها الدكتور محمد ولد بوعليبه وقد تناول فيها إشكالية الحداثة منذ نشاة الشعر الموريتاني قبل خمسة قرون على مستوى الأدب الفصيح ، واللهجي والموسيقى، ثم تناول الكلام الدكتور محمد الحسن ولد المصطفى الذي ألقى محاضرة بعنوان :"الشعر الموريتاني الحديث"، تحدث فيها عن الظروف التي اكتنفت مراحل نشأة هذا الشعر ثم أبرز عوامل تطوره وأسباب نهضته، مستعرضا أمثلة ونماذج على ذلك. وبعده أخذ الحديث الدكتور يحي بن البراء الذي قدم محاضرة بعنوان "خواطر حول الشعر الجاهلي وديوان الشعراء الستة في موريتاتنا"، استعرض فيها ما اختطه شعراء الجاهلية من صور نمطية قرّت عليها الفنيّات التي يسير على نحوها مُنتجو الشعر في المستقبل وفرضوا على الذوق العربي استساغة طعم ونكهة خاصين، ذاكرا أن الموريتانيين عرفوا الشعر الجاهلي أول ما عرفوه من خلال الشعراء الجاهليين ذلك فيما يبدو قبل عدة قرون، وإن لم يقرّ في منهاج الدرس المحظري إلا في أواخر القرن الثاني عشر الهجري. وفي المحاضرة الأخيرة من الجلسة الأولى تحدث الدكتور أحمد ولد حبيب الله عن "رؤية الآخرين للشعر الموريتاني" مستعرضا شهادات لبعض رواد النهضة في المشرق والمغرب تثني على الأدب المريتاني وتبرز قيمته وقوته. وبعد استراحة قصيرة بدأت باقي فعاليات الندوة مع الجلسة الثانية التي ترأسها د. دودو وان ، وانطلقت بالشعر السوننكي الذي قدم فيه الدكتور عثمان واكي دراسة تحليلية عامة حوله، تناول فيها الجوانب التاريخية والثقافية والاجتماعية التي طبعت هذا الشعر بمجموعة من الخصائص، كما ذكر تأثر هذا الشعر باللغة العربية التي ساهمت في تعميقه حسب قوله. وبعده تناول المحاضر الدكتور محمدّو ولد احظانّ :"البعد الملحمي والأسطوري في الشعر الموريتاني الفصيح" مستعرضا سمات الشعر الحساني، ثم محددات الملحمة التي هي تعبير عن مستحيل واقعا ممكن احتمالا، ذاكرا دور التراث الهلالي الذي شكل رافدا مهما للشعر الحساني. ومن جانبه تناول الأستاذ الددّ محمد الامين السالك مكانة "المكان في الشعر الحساني" فأبان عن وصف الموريتانيين لمختلف الأمكنة وعقد مقارنات عدة في هذا الصدد بين شعراء الشعبي وبعض رواد الأدب الجاهلي، وتم ختام هذه الجلسة بمحاضرة ألقاها الدكتور حسن كي عن الشعر الولفي ، قدم فيها ورقة تعريفية له منذ مرحلة ما قبل الإسلام إلى تطوره وبلوغه النضج وتجاوزه عتبة الميلاد والنشأة. أما الجلسة الثالثة والأخيرة التي ترأسها د. ددود ولد عبد الله فقد بدأت بمحاضرة للأستاذ محمد بن بتار بن الطلبه حول (الشعر الحساني والفصيح:" الأوزان والمعاني") تناول فيها الملحون من جوانب مختلفة مستعرضا أمثلة لشعراء قرضوا الشعر في الفنين تعكس مظاهر إبداع الموريتانيين، ثم تكلم عن علاقة الشعر بالموسيقى. وفي المحاضرة الثانية تناول الكلام الدكتور أحمد ولد امبيريك الذي قدم محاضرة بعنوان :الشعر في مؤلفات الدكتور محمد المختار ولد اباه، وقد تركزت على شقين أساسين: الأول عن تعامل هذه الشخصية العلمية الخاص مع الشعر ، والثاني بعنوان :دراسة شعر، وقد قرأ له نصوصا شعرية من كتابين للدكتور محمد المختار ولد اباه هما :تراجم قصائد لشعراء من فرنسا، وكتابه :"على طريق الإسلام" وهو ديوان شعري باللغة الفرنسية، كما استعرض بعض مجهوداته في النقد والأدب وأعطى أمثلة على ذلك من كتابه الشعر والشعراء الذي ألفه قبل أربعين سنة، وقد حدد فيه روافد الأدب الموريتاني، ثم أعطى خلاصات عن نشأة الشعرين: الفصيح والشعبي، وقدم فيه تراجم لما يناهز مائة شاعر، وضمّنه نحوا من ستة آلاف بيت، وقد ختمت هذه الجلسة بمحاضرات ثلاث تناولت الأولى " حضور اللهجة الحسانية في الشعر الفصيح " قدمها الدكتور م. الأمين صهيب، وكانت الثانية بعنوان :شعر النساء الموريتانيات قدمتها الأستاذة السالك اسنيد، والثالثة قدمها د. محمذن ولد المحبوبي تناولت في مضمونها: "ازدواجية الإبداع بين الشعر الفصيح والحساني".
وتعتزم الجامعة نشر أعمال هذا الملتقى الشعري في كتاب مستقل سيصدر عن مركز البحوث والدراسات التابع للجامعة والذي يأخذ على عاتقه مهمة إصدار الندوات لتكون البحوث المقدمة فيها في متناول الجميع.