الولي ولد سيدي هيبة
مر الواقع... مائة عام من الانتصار الصهيوني و الهوان العربي
"ما ضاع حق وراءه مطالب"
لا شك أن معظم هواننا من أنفسنا في هذا المنكب البرزخي للعالمين العربي و الغرب إفريقي نتيجة تقوقع نعظم أهل هذا البلد في كهوفية ثقافة "السيبة" التي يطبعها ثلاث:
· الكسل المرضي حتى لا أثر حضاريا خالصا مميزا نملكه رغم ما يشاع من امتلاك ذلك و التباهي به مع أنه بأيدي مهرة من المغرب الأقصى و لا علامات احضر و تمدن في عصر ناطحات السحاب و الجسور المعلقة و الأنفاق السحيقة و الثورة العلمية الهائلة و الوعي الثقافي و الفكري المتنور،
· و الكبر بادعائية تميز معرفي مصدره و أصل فروعه قادمان إلينا من المشرق و المغرب،
· و بالحربائية و الغموض اللذان يقوضان كل حراك سياسي أو اجتماعي أو مدني حضاري في سبيل التغيير و الالتحاق بركب الأمم.
و لا شك أيضا أن البعض الآخر من هواننا هو من حال الأمة العربية التي ننتمي إليها قلبا و قالبا و نقتدي بها ثقافة و سياسة و حكامة ينعكس كله على حالنا في تخلفه و تمزقه و بعده عن الأخذ بأسباب الديمقراطية و الرقي؛ حال من الهوان يعكسه هذا اليوم القاتم الحزين الذي تحتفل فيه إسرائيل بانتصار الصهيونية و انحناء بريطانيا أمامها صاغرة بعدما حقق لها وزيرها "بلفور" قبل مائة عام خلت وعده المشؤوم متمثلا في اغتصاب أرض "فلسطين" و تأسيس دولة يهودية على أرضها و تشريد شعبها العربي و التنكيل به و تحويله إلى شعب لا جئ مشتت في كل بقاع العالم.
و على قدر انتصار الصهيونية و احتفاء اليهود بهذا النصر، و لم يكن عددهم في فليطين يزيد وقت هذا التصريح الجائر على 5% من مجموع عدد السكان، يغوص العرب في مستنقعات الخلافات البيزنطية و الحروب الضروس في العراق و اليمن و سوريا و ليبيا و الصومال مستنزفة أموال الأمة و مسلمة زمام ها لكل قوى العالم المهيمنة فيما تعاني الشعوب العربية من الجهل و المرض و التخلف و قهر الأحكام المستبدة.
و على الرغم من هذا الواقع الأليم يثبت الشعب الفلسطيني ـ الذي يواجه وحده ـ قدرة مذهلة على التحمل و الاستعصاء على الاستسلام، فتراه قد تحرك وحده بكل أطيافه و أجياله في هذا اليوم المشؤوم يمرر الرسائل القوية بالرفض و يطالب بريطانيا المتمالئة بالاعتذار عما سببت له من الظلم و الاضطهاد و سلب الأرض و التهجير، كما تراه يستخدم بمهارة و اقتدار وسائل العصر الحديثة لتسجيل الحضور و تحسيس العالم بالقضية العادلة.. قضية حتى من غير عرب الهوان و رغم انتصار الصهيونية المرحلي ستجد يوما طريقها إلى الانتصار و إحقاق الحق.. لأنه ما ضاع حق وراءه مطالب.