مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

على مشارف المحرقة قبيل هبوب العاصفة / بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن

الأمور الظاهرة لا تعبر عن كامل الصورة، فلابد للاطلاع على كامل الصورة من عقل خارق يغذيه باطن بمدد إلهي.

ذات صباح في بيروت من أيام دجمبر2007، وبعد صلاة الصبح في أحد مساجد السنة، دخلت غرفة فرَّاش المسجد، موريتاني "زايك"، ذكي يتكيف مع مصاعب الحياة، بما يسَّر الله له دون تجاهل الحاجة، متزوج بسنية لبنانية، وله صلات ببعض المفكرين والدعاة السنة الكبار في بيروت وطرابلس بالشمال اللبناني، من خلال علاقته الاجتماعية المذكورة.

 فعلا هذا العمل بسيط لكنه حلال، ويُدِّر بعض المال دون حاجة للتسول أو الاستدانة.

من خلال هذا المنبر أحيي أخي السالك ولد تابلَّنكو، الذي فقدت الصلة به منذ سنوات، بعد رجوعي إلى موريتانيا، إلاَّ مرة واحدة، سمعت صوته من نواذيبو، ضمن مكالمة هاتفية موجزة. قال لي زرت البلد وعيَّالي وسأعود للمشرق بعد أيام.

في غُرفة هذا الخال "اللبِّي الإينشيري" الكريم الذكي، نمت غفوة مُريحة إلى حدٍ ما، وذلك بعد صلاة الصبح، في غرفته تلك المُلاصقة للمسجد.

وكنت أيَّامها في بيروت إبَّان تأبين جبران التويني، بدعوة من اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، حيث تلقيتُ الدعوة من فرعِها بباريس، بتنسيق مع جريدة النهار، التي كان يُديرُها في وقت سابق الزميل الصحفي اللبناني النصراني جبران التويني، إقتصَّ اللهُ من مُغتاليه الظَلَمة، اللهم آمين.

أقولُ عودةً للسياق، حالتي النفسية في ذلك الصباح بعد أداء صلاة الفجر، في المسجد المذكور ببيروت، غلب عليها أي الحالة النفسية، جو عريضٌ من المُعاناة جرَّاء الظُلم والنفي الضِمني.

فكنتُ أنتظر بفارغ الصبر، تأشيرة من دبي، للعودة للإمارات العربية المُتحدة، غير أني قد مُكِرَ بي دون علمٍ، وذلك المكر من أشد أنواع الغدر.

فلا تحس إلاَّ والسكين في ظهرك وليس ضربًا فُروسيًا في صدرك.

لكن الإماراتيين بعد تردد، عزموا أمرهم، لصالح وساطة كريم واد وبوعماتو، لدى أحد أبناء زايد المتحكمين، بل على الأصح الحكام الفعليين للإمارات.

كنت مهموما  وقتها مظلوما بامتياز، لكن بطبعي الإسلامي الشريفي الآدراري، كنت مُصابرًا أو على الأًصح مُتدثرًا مُتجملاً بالصبر، وما أستره من رداء، حُلو العُقبى في الدُنيا والآخرة، ولولا مرارته وصُعوبته في المبدأ لما كانت عاقبتُه هكذا حالاً ومآلاً، ورغم هذه الأجواء العنيفة الأُثر على الدورة الدموية، والصحة النفسية والعقلية والبدنية، كُنتُ ألعب أحيانًا وأُداعِبُ وببراءة وشفافية مستقيمة، كما يلعب الطفل في حديقة غَنَّاء بِجوار والديه.

كنتُ كبيرا مؤمنًا بحق، أبعث على الإفتخار، لمن يُميِّز بين المؤمن الصابر المتجمل، الحاذق العصامي العنيد ،الواسع المَطعن، وبين الخنوع الخائر المُستسلم الضعيف.

كانوا متجمِّعين متكأكِئين جميعًا ضدي، إلا أنني كنتُ غالبًا مثل الأسد في وجه فئران خائفة مذعورة، وإن كان لكل جواد كبوة وعثرة وضعف عابر، وتلك سنة الله في خلقه طُرًا، إلاَّ مَن رَحِمَ ربكَ مِن أولي العزم مِن الرُسُل وغيرهِم من أهل الحظوة في الثبات عند الكُربة والروع والزلزلة العظيمة، ولم تَخلُ مظلمتي مِن حالات صعبة، مثل مُحاولة الإغتيال، يوم الأحد الموافِق 27 مايو 2007 بالسجن المركزي بجوار قصر العدل بنواكشوط، وكذلك لحظاتُ نزع الثِيَّاب عُنوة أمام سجن الوثبة سيئ الصيت بالإمارات، على ما أذكُر يوم 19 نوفمبر 2008، 60 كلم مِن أبو ظبي عاصمة الإمارات، وكانت لحظة تسليمي صباح ذلك اليوم التاريخي، 30 نوفمبر 2008 أشد وأعتى، وكُنتُ أثبتُ وأقوى بإذن الله.

يا بوعمَّاتو ويا أنصاره فيما فعل ضدي، أمامكُم أيَّامٌ عصيبة بحق في الدنيا والآخرة، إن شاء الله.

فعلاً كنتُ أسدًا في وجه فِئران خائفة مذعورة مِن انتقام ذلك القلم الإسلامي الشريفي الشمسدي الوطني المُستقل، الجريئ بحق.

الإماراتيون مساكين، أهَمَّهم أمرُ ولد اعبيدن.

من جِهة قريب معاوية، ومن وجه آخر صحفي من نمط خاص صعب التكييف.

وجدوا أنفسهم محاصرين، بين خيارين أحلاهما مر.

إما أن يعطوا اعبيدن التأشيرة، للرجوع للإمارات مِن بيروت.

 فيدخل ويُزمجر في عرينه العربي الثاني، الإمارات، وهو مظلوم.

فلا يُبقي ولا يذر بإذن الله، بعد تسليمه كُرها مرغما مهانا، وهذا لا يخدم سُمعة الإمارات، في المجال الحقوقي والإعلامي بوجه خاص، وهو الذي حصل منذ تسليمي في ذلك اليوم المشؤوم المذكور آنفًا، ولكن أرجو من الله أن يجنب الإمارات شر ظلمي، فقد عفوت عنهم لأنهم استدرجوا عن طريق كيد بوعماتو وكريم واد، والوعد الكاذب، ببيعهم أيام سيد الضعيف ،عافاه الله، ميناء الصداقة، لشركة إماراتية قابضة عِملاقة، باسم أحد أبناء زايد المعروفين، والخيار الثاني أن لا يسمح لولد اعبيدن بالدخول من بيروت، بعد تمكينه من التأشيرة.

وكان اختيارُهُم بالسماح لي بالرجوع لبلدهم ، لفرط نقص حزمهم وطمع بعض قياداتهم، بفرصة اقتناص الميناء الموريتاني الكبير، بثمن بخس، بالمُقارنة مع دلالة الاستحواذ على المنفذ البحري الأهم في عاصمة موريتانيا، المُغرية موقعًا استرتيجيًا، أمنيًا واقتصاديًا، واعدًا وخصوصًا في المستقبل المنظور غير البعيد.

والشركات العملاقة والدول ذات الوزن والخبرة، لا تحسب بالأيام والشهور والسنين القليلة.

وكان كيدهم لصالحي، فقد هممت بالعبور إلى سوريا والذهاب إلى اليمن أو السودان، وكان الأمر في مقدوري بإذن الله. فنفسي مؤمنة صبورة جسورة، وأهلي أغنياء "حمجايه اعل سترة" وبحساب متوازن دقيق ما شاء الله، والله يسمح لي بسب القبلية في المبالغة في هذا الصدد "السمسدي" الناقص في مجال "اتحمجي"، للتاريخ والحق.

لكن ما حصل من طرف ولد انويكظ، ومن طرف بعض رجال الأعمال الشباب، ومن مختلف المشارب خارج أُسرتي، وإن كان أغلبُهُم منها، كان قليلا عاديا، لكن فيه بركة كبيرة بصراحة، وهم في الحقيقة عُمومًا أخوف من القيام بعمل جاد مسنق ذي بال ، يُضاهي حجم الظُلم والتحدي، فرأس المال بطبعه دائمًا جبان براجماتي، يقدم المصلحة الضيقة، على الإعتبارات التقليدية القيمية المعنوية الصِرفة.

 هذا أكتبه حرفيًا، للحق والتاريخ والإنصاف فحسب، فأقلام وألسنة بعض الخلق الله مداد الحق، الناصع الأبلج الدقيق، التام الصريح، بإذن الله.

 وجاءت التأشيرة بعد يوم واحد ربما من الرؤيا، أو ربما لا أذكر بالدقة في نفس يوم تلك الرؤيا المُبشرة بالانتقام من الظلمة، ورجعت إلى دبي، واستوقفني الأمن الإماراتي، المباحث العامة، وذلك في مطار دبي الشهير، واستجوبني، وهددوني ضمنيا، واستدرجوني للعمل بالمخابرات دون نجاح طبعًا، أو أي استعداد مني مطلقا، وهم يعرفون ويتذكرون، وقد وثَّقوا ما قُلتُ لهم ، والعرض باختصار لا أصلح له ولا يصلح لي، وهو في تلك اللحظات ابتزازٌ حقير، يدلُّ على عقلية خليجية نفطيَّة تكادُ تعبُدُ المال، ولا تُقيم وزنًا إطلاقًا للرجال، وربما ذلك بسبب تعودهم بز وصرع الرجال بتحريك بروق الطمع وهواجسه وأمراضه المكينة أحيانًا في نفوسٍ بشرية، لا تكادُ تُعَدُّ أو تُحصَرُ، وكان آخرُ ضحاياهُم مسعود، وإن عذره البعض بسبب مرضه وحالته الإنسانية الخاصة، لكن احسِبوا له منذ الأيام الأخيرة أو الفترة الأخيرة، بالعمل صراحة أو ضمنيًا مع جهاز المُخابرات الإماراتي.

لقد اقتنصوه كما اقتنصوا الآلاف مِن قبله، من شرطة الإمارات وقُضاة الإمارات وصحافة الإمارات، مِن أًصل موريتاني مُقيم بتلك الأرض المُرتهنة في ظل آل زايد، في أغلب الأحيان ،للمال فقط ومصالحه الضيقة، للأسف البالغ.

أجل هذا أقولها من انواكشوط، بعد تسليمي بعدة سنوات مِن قبل الإمارات، بعد رفضي لعرضهم بالعمل معهم، ويقولون لي استدراجًا وكأنني طفل صغير لا ينتبه بسهولة لألاعيب الكبار، بعد العمل معنا سنُموِّلُ الجريدة وإن شئت رشَّحناكَ لاحقًا للرئاسيات بموريتانيا.

أجل رفضتُ العرض المذكور للأسباب التالية، حسب ما صرَّحتُ به ل "هزَّاع" مُلازِم أوَّل من المباحث العامة بدولة الإمارات، وذلك في فندق "راديسيون" بقلب دبي:

1ـ لا أتجسس، قاطعني "هزاع"، قال هذا ليس تجسس، إنه تحسس، رددت عليه، أجهزتك، أعني أن هواتفه العصرية تسجل الكلام بدقة وموقفي صارم مدروس لن يتغير لأي سبب بإذن الله، والله يحميني من كيدهم وكيد غيرهم بإذن الله، عليه توكلت وإليه أنيب

2- لدي طموح فوق الإعلام، ولا أريد أي صلة بأي جهاز مخابرات، فلا سِرَّ في هذا العالم.

3- لا أسكن مدن البيظان، أبو ظبي والشارقة، مقيم في دبي حيث عدد قليل من الموريتانيين "واضح أنها مُحاولات مدروسة بدقة للتملص من العرض المُخزي لأنني في قبضتهم، والحمد لله أنهم لم يغتالوني بحجة أو بأخرى"

4- لا أستيقظ بسرعة

5- وحيد أمي مدلل، ولا أصلح لتلقي الأوامر وإنما العكس، أصدرها حصرًا.

6- أبلغتُ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، مظلمتي، حيث وضعتموني في زنزانة ضيقة، حين حاولتُ الرجوع بصورة طبيعية لبلدى، فرفضتم وجرجرتموني إلى القيادة العامة للشرطة، قسم الانتربول، لإخباري بأن "التيافي" بوعماتو، حوَّل ملفي باسم دولته المختطَفة آنذاك، إلى الانتربول، بعد أن حبكه باسم تهمة مفبركة، البلاغ الكاذب، ذات التكييف الجنائي المتعسَّف.

إذن رُتب الملف، حتى أضحى قابلا، للإرسال عبر سلم الانتربول.

فصعق هزاع، وقال هل أبلغت الأمير؟، قلتُ نعم، قال لي ماذا تقول؟، قلت له، لقد قلتَ دون أن اقتنع، بأنني أهم عنصر في  الصحافة المستقلة الموريتانية، وقلتَ بأنَّ هذا مُثبت رسميًا لدى الدولة الإماراتية، وبالمقابل لا أقرأ يوميات بلدكم ودواخلها، قال ذلك لا يستقيم، لاشك أنك تطالعها بتفحص.

قلت له، الخليج، البيان، الإمارات اليوم، الاتحاد، وغيرها، من الصحف الورقية  اليومية الصادرة هنا في الإمارات، تحمل بريدا مخفيًا، للأمير محمد بن راشد آل مكتوم، لاستقبال الشكاوي والحاجات وكل مكتوب مختصر، وخلف كل نوع من المراسلات على هذا البريد الهام، فريق متخصص، وقد كتبتُ الأمر بتفصيلٍ موجز، عن قضيتي ومَظلمتي، وما عانيتُه على أيديكم، أهل الأمن.

بعد ثنيي عن محاولة الرجوع إلى بلدي، فكشفتم لي في المطار بصورة أولية، الطلب الدولي وتحويل ملفي إليكم.

وبعد وصولي صباحًا في سيارة أمنية فاخرة صُحبة إثنين من أفراد الأمن بلباس مدني أبيض ناصع.

أقول، فصلتم لي أنَّ ملفي حُوِّلَ عبر الطُرق الدبلوماسية من انتربول انواكشوط إلى انتربول أبوظبي، الذي حوله بدوره إلى انتربول دبي، محل إصدار تاشيرتي.

قال أرسِل لي نُسخة من رسالتكَ لأعرف هل وصلت للجهة المعنية أم لا، فأرسلتُ له نسخة من الرسالة التي أرسلت للأمير محمد بن راشد آل مكتوم، فتأكد لاحقا من وصول التفاصيل لجهاز الأمير، والله أعلم هل اطَّلع شخصيا أم لا، لكن موضوعي أخطر من أن يُخفى عنه، وكنتُ صوتا مسموعا عربيًا آنذاك، عبر مداخلاتي المُتقنة المُتكررة في النشرة المغاربية، مُنذُ اليوم الأول من وصولي لدبي، زوال يوم 06 نوفمبر 2007، وذلك يومًا واحدًا قبل أن يصدُرَ الحُكمُ ضدي بنواكشوط، يوم الأربعاء 07 نوفمبُر2007 حكما قضائيا ابتدائيا بسنة نافذة وثلاثمائة مليون أوقية، على يد القاضي "صمبو محمد الحبيب".

أجل ظللتُ صوتًا مَسموعًا عبر الجزيرة القطرية، سدد الله خُطاها وحفِظَ أهلها، وأفسد الكيد ضدهم، واستمرَّت تلك المُداخلات المُتفاوتة النوعية، عبر الأثير، إلى أن سُلِّمتُ عبر الانتربول مِن دبي، مرورًا بتونس، إلى انواكشوط يوم 30 نوفمبر2008.

سنة كاملة  و 23 يومًا بالإمارات، سبعةٌ منها فحسب في بيروت.

وعودٌ على بدء، أقول، في ذلك الصباح من أحد أيام دجمبر 2007 في بيروت، رأيتُ ما أُريتُ في المنام مما أحسبُهُ رؤيا مُبشِّرة بالانتقام مِن ظلمتي، وأنتم بإذن الله، على مشارف تحقق بعض معاني تلك الرؤيا في هذه الأيام بانواكشوط بوجه خاص، وكُل مَن سرَّهُ ظلمي واستهدافي المُهين وقتها، سيحصل الانتقام منه ربانيًا، ودون شك.

فاستعدوا معشر الظلمة، فقد حانت ساعة الحساب في الدنيا، قبل الآخرة، يوم القيامة والحساب النهائي، ويومئذٍ الأمر أدهى وأمر.

"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".

وفي الحلقة القادمة، سأُشير فقط إلى بعضٍ يسير من الرؤيا، البيروتية الصباحية العظيمة، الُمبشرة بسقوط قناع الظُلم والظلمة، الذين يعرفون جيدا أنفسهم.

أجل سيسقطون في حمئة وساحة الإنتقام الرباني العادل المريح في الدنيا قبل الآخرة.

نحن قوم لا نُظلم إلا وغضب اللهُ، وتحرَّكت الجبال، ودوَّتْ ودمدمت وديان بصخور، مثل سجيل، دقةً وتصويبًا، وطيورٌ مثل طيورها بإذن الله، حاملةً لصواريخ خاصة، لا قِبل لأحد من الظلمة بها.

إنني وجدي محمد ابن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام، على خط واحد ومحجة بيضاء جامعة، وقد غضب اللهُ وجدي مما لحق بي.

فلا تحسبُنَّ، الأمر مهما طال الوقت هيِّنًا.

ولله الأمرُ مِن قبلُ ومن بعد.

 

 

أربعاء, 13/09/2017 - 00:15