مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

البعثيون يدقون ناقوس خطر يتهدد موريتانيا في ظل نظام ولد عبد العزيز ويتهمون المعارضة بـ"غياب الحنكة السياسية وقلة النظافة التاريخية لمعظم رجالاتها"

دق تنظيم حزب البعث العربي الإشتراكي في موريتانيا، ناقوس خطر يتهدد موريتانيا في ظل نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، كما إتهم في ذات الوقت المعارضة الموريتانية بـ"غياب الحنكة السياسية وقلة النظافة التاريخية لمعظم رجالاتها".

وقال التنظيم في إفتتاحية لنشرته الدورية "الدرب العربي" التي يصدرها هذا التنظيم في موريتانيا كل شهر: "لا يناكف أحد في موريتانيا في أن بلادنا  تراقب الأفق منذ سنوات عديدة برأس منكس.. وأن مواطنينا باتوا ، في غياب  توفر الطعام  في بعض مناطقنا، كأنما يتمنون القدرة على أكل الحشائش   فيستعيدون مخزون معداتهم منها لاجتراره وإعادة هضمه ، كما تفعل المجترات !. وإذا كانت البلاد، بحق، لم تشهد في تاريخها السياسي نظاما سياسيا يحن، إلى عهده، مواطنوها ، فإنها في ظل النظام الحاكم ، اليوم، تواجه وضعيات هي الأخطر على وجودها ، منذ أحداث 1989، مع جارتها الجنوبية – السنغال : فالمجتمع  مفلوق  باتجاهات كثيرة، متقاطعة ؛ وتتجاذبه خطابات تمتح كلها من " معين" الكراهية والسخافة  والانحطاط ؛ ورموزه السياسيون  مردوا على الكذب وسرقة العواطف بتحريك الغرائز الشعبية  باسم الشريحة والقبيلة والجهة ، وحتى بإثارة النعرات التاريخية والأسرية؛ وكل ذلك بهدف التأثير على مواطنين فقدوا الثقة في الدولة ومؤسساتها، التي انخرطت في لعبة تمزيق المجتمع؛ بل يرجع إليها العار في ابتكار " تكتيك تسهيل" تصادم الشرائح الاجتماعية وتأجيج نار الفتنة  بهكذا عمل دنيء، عبر فتح وسائل الإعلام  للخطابات العنصرية والفئوية ، والترخيص للأحزاب الفئوية  المشهودة والموصوفة، خصوصا من المجموعة العربية الواحدة، على أساس اللون  ( البيظان في مقابل لحراطين)!!. وفي وضعية كهذه، أصبح المواطنون ينشدون الخلاص في تتبع السراب!. فعندما ارتفعت أصوات الدعاية الاثنية و الشرائحية و دعوات التحريض على الانتقام من بعض فئات المجتمع المنحدرة تاريخيا من أسياد الماضي ،انفجرت بالتوازي قنابل أخرى أبطالها رموز ذلك الماضي تدعوا إلى الانفصال ؛حاملة شحنة ضخمة من المرارة و التحمل لإرث غير منصف أجبرتها عليه الدولة التي ورثها المجتمع الموريتاني عن المستعمر الفرنسي و تأتي نبرة الإنفصال هذه المرة من أهم نواحي البلاد لتنضم الى جهات الشرق و الضفة ، التي سبق لكل منها أن أصدرت تصريحا أو تلميحا تهديدا بالانفصال ، تحت يافطة التظلم و التشكي من ظلم الدولة الوطنية القائمة .فمن أصل خمس مناطق مكونة لهذه الدولة ، هناك ثلاث أرسل بعض رموزها إشارات كافية برغبتها أو استعدادها للتنصل من وحدة البلد .ولا يخطئ المراقبون رصد هشاشة المجتمع الموريتاني الرث أصلا ، سيما  و أن فشل الدولة و مؤسساتها هو ثمرة لفشل النخب الوطنية التي لم تتخلص من انتماءاتها الأولية (قبلية ، شرائحية ، إثنية ) ،برغم ما تحمله هذه النخبة من معلومات غزيرة نظريا عن الدولة الحديثة ، كما نشأت و تطورت في المجتمعات الغربية .فبدلا من إنخراط هذه النخب في تعزيز الدولة وبناء الثقة في مؤسساتها ، إتجهت بالعكس ؛ و أصبحت في مقدمة معاول هدمها مستعينة بمهاراتها النظرية و خبراتها العملية في تحطيم بذرة الوعي المدني الذي خلفته نخبة "جيل المؤسسين " للدولة ، والتيارات الإديولوجية التي كانت تنافس ذلك الجيل في قيادة البلاد .فلم تألو النحب الليبرالية ، في الأنظمة و معارضاتها ، جهدا لنشر ثقافة الكذب و تلويث ضمائر المواطنين بشراء مواقفهم السياسية و الانتخابية ، و شتى أساليب التحايل و التناسخ مابين الأنظمة و موالاتها ، وفي قوى المعارضة ؛ حتى بات المجتمع في عجز تام عن التفريق بين رجال الأنظمة و رجال معارضاتها .

في هذا الواقع الموصوف ، يصر النظام الحاكم على فرض تنظيم استفتاء شعبي لتعديلات دستورية ، تفتقد في ذات الوقت للمصداقية الدستورية و للمردودية السياسية الايجابية على البلاد، مع ما ترهق به البلاد من تكاليف مالية ، هي في أمس الحاجة إليها لتخفيف ظروف شعب بائس :بعضه يتأوه من العطش ، وينوح بعضه من الجوع ، ويقلق بعض ثالث على مصيره من الخوف . وهكذا أيضا ، دخلت نخبة هذا النظام ، و نخبة كل نظام بالمناسبة ، في سباق مع الزمن لإعادة المصداقية لخطاب نظام سياسي تهرأ ، بفعل ممارسات الواقع ، ولم يمتلك من علاج للانسداد السياسي الخانق و الوضع الاجتماعي المأزوم سوى استفتاء على تعديلات دستورية ، يحسبها ترياقا لكل أزماته و أمراضه و أوجاعه ، ويراها صنبورا  لإفراغ شحنات الغضب الشعبي المتصاعد ، حتى من داخل التركيبة السياسية التي يحكم باسمها .فقد امتلكت بعض القوى التقليدية ، على غير عادتها ، الجرأة في معارضة النظام في توجهاته ، مما يهدد أرضية "قاعدة التمثال "و ينذر بانزلاق البلاد نحو وضع عدم الاستقرار السياسي ، الذي طالما حذرنا منه .

ويأتي هذا الهروب نحو الهاوية ، فيما تعاني المعارضة الكلاسيكية من شح قاتل في الحنكة السياسية ، وقلة النظافة التاريخية لمعظم رجالاتها؛ أما بقية رجالاتها من ذوي المصداقية فقد نتف ريشهم ؛ الأمر الذي يترك الطريق سالكا لنخبة مشوهة ، تاريخا و سلوكا حاضرا ، تعودت الرقص وحدها ، في ملعب مفتوح بقوة و سائل الدولة ، لتمشيط أذهان المواطنين من كل وعي و كل ضمير ، ولتغني وحدها على مزامير الشيطان في حضرة من يطرب لنشيد إبليس ، دون اهتمام بالتفاصيل ، على مذبح الديمقراطية بغرض تعديلات دستورية تفتح الباب أكثر من أي وقت مضى على أفق مسدود !!

أحد, 28/05/2017 - 22:04