مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

مهرجان (اعيون المقفة) وعرض (ماتليدا)

خطاري ولد محمد المصطفى

 

 

تبهرك الأضواء ويتعالى التزمير تغشاه ضجة وصخب وتصفيق وصفير ، تذكر مسؤولة الربط والإعلام السادة المشاهدين أن هذا العرض يقام على شرف (ماتليدا) بمناسبة ذكرى ميلادها الثاني ، وأن زميلاتها لم يفوتن الفرصة فقد حضرن لمشاركتها في هذه المناسبة السعيدة وإعطاء الحفل الزخم الذي يستحقه

ثم يبدأ عريف الحفل بتقديم المشاركات وهن يصعدن تباعا على المنصة ، يملأ التصفيق المكان ، وأكثر ما يثير إعجاب الناس هو فنون الزينة والمكياج وغريب الأثواب التي ميزت ضيفات الشرف

تتقدم مسؤولة الربط وتبدأ بتقديم (ماتليدا) : سيداتي سادتي إن (ماتليدا) التي نحتفل بمناسبة ذكرى ميلادها الثانية اليوم تنتسب إلى سلالة عريقة من قطط 'راغدول' ذات الشعر الأبيض الناعم ،الطويل.

 

يتقدم أحد المشاركين وقد شده الحماس (ماتليدا) أصولها عربية نحن نسميها (نميرة)

 

يصعد أحد الشعراء إلى المنصة وبعد إيجاز مرتجل وضعيف السبك ، ينشد:

 

                               قطتي صغيرة     واسمها نميرة                                                 شعرها جميل       وذيلها طويل

  لعبها يسلي       وهي لي كظلي

عندها المهارة     كي تصيد فارة

 

ثم يتوالى الشعر والشعراء والعزف والإنشاد والتمثيل والرقص في أجواء الدخان والاختلاط والتصفيق والضحك والغيبة.....

وعلى طريقة العرض الباهر الذي أقيم للقطة العريقة (ماتليدا) سيقام مهرجان  اعيون المقفة  وهو بالتأكيد لن تنقصه العراقة والأضواء والصخب  وأشياء أخرى ، فالسخف أسهل رواجا من غيره

الثمرة تعرفها إذا عرفت الشجرة

خلطة بعضها من حاتم وبعضها تواصليون وبعضها من الاتحاد من أجل الجمهورية  و البعض جنراليون والبعض من أنصار ميسي والبعض مخنثون و تاجرات لا يدنين وبعض يمشي مع الذاهبين ويأتي مع غيرهم و بعض قطع  جامدة من الفسيفساء هي فقط لسد الفراغ وأسماء جليلة تشبه تماما من يذكر اسم الله و يعلي الهيللة  ليستفتح زيغه

الخيط الناظم فقط لهذه الخلطة البدعة ، هي قيم  فردانية صبيانية  تغذيها عصبية من غير أصيل والرؤية ضحلة ليست أكبر شأنا من تنظيم عرض لصاحبة المقام الموقر (ماتليدا)

كيف لأقوام أخلاقهم راسخة كجبال مدينتهم الجميلة ، يريد البعض بقوة السلطة والمال دك أعرافها والعبث بقيمها باسم مهرجان يرتب في منزويات مجهولة ؟

لا أحد راض من أهل لعيون عن الصيغة التي يرتب بها مهرجان يحمل اسمها واسم أهلها زورا،لأنهم ببساطة يرفضون ربط مدينتهم بهذه اللمسة السياحية السافرة الخليعة والتاريخ يشهد أنهم أهل قيم وثقافة وتنوير وجد وليسوا أهل سمر ومجون وهزل وما هو سياحي في لعيون هي مناظرها أما أهلها فالحقيرون فقط هم من يصرون على تقديمهم كفضاء للتمتع

والتخفي وراء تمجيد قبيلة بعينها  - هي جديرة بالمجد - لن يغريها بالانصياع خلف تيارات الهرج و المرج ،كما أنه لن يدفع أحدا – ولا يستطيع – إلى الشعور بالتهميش  أو تبني مواقف الخصومة مع أي كان

ثم إن محاولة تلوين المشهد بلويثة رديئة من مختلف الناس ، لن توهم أحدا بأنها تمثل حالة الاندماج الرزين ،الناضج  الذي هو السمة الغالبة لأهل لعيون

فأهل هذه المدينة ، أهل عز ووفاء وكرم وأثرة  لا يحتاجون إلى حملة تلميع

تلميع رتوشه ناتئة يراه - ضمن واحدة  من تجلياته – من ألزمه الفضول  مشاهدة قناة الساحل هذه الأيام وهي تعاود بث برامجها عن لعيون ، برامج كلها تكلف و إشهار’’مكشوف’’ ، برامج أقل ما فيها سوءا أن الشخوص التي تملأ شاشتها تحجب  عن المشاهد الذي أنهكه الملل مناظر طبيعية غاية في الروعة والجمال ، كما أن عناصرها الصوتية  المزعجة تحرمك من التمتع بتلك المناظر الآسرة

تنافر فج بين مكونات المشهد وأداء ضعيف يذكرك فيما يذكرك بسنوات إذاعة لعيون الأولى ،الإذاعة التي كانت واطئة رغم أنها تبث من فوق جبل

برامج هابطة وركيكة كالنسخة الأولى من مهرجان اعيون المقفة ، النسخة الأولى التي لم تكن سوى مناسبة لبعض الفنانين وبعض الشعراء للتغني على أنفسهم وعلى قبائلهم  و ’’أشوار’’ لفاحش القول معه شيء من المديح النبوي

 

ما يحتاجه من يريد الاضطلاع بعمل يخدم سكان اعيون العتروس ،هو أن يكون ملما بقواعد العمل الجامعة وبما راكمته أجيال متلاحقة وعمائم كبيرة من قيم النبل والكرم والإخاء ، قيم صهرت الناس حتى جعلتهم نسيجا واحدا

 

إن الإمعان في فك هذا النسيج ونفشه لا يخدم أحدا ، وبالتالي يجدر التنويه بأن ثني القصر ينبغي أن يكون من ذويهم والحكماء -لا شك- كثر

إن المدن العريقة ستبقى تعرف بأهلها و ليس بشطبهم  والقيم الرفيعة تترسخ بممارستها وليس بادعائها و ماذا يضير أن يستخدم المرء السلطة والمال  في إعلاء المجد  وتوطيد الصلات ونشر الإخاء ، فإذا كان لابد له من جهد فليكن عناؤه في سبيل العلياء لا في سبيل  عرض ل(ماتليدا)

 

 

أربعاء, 01/02/2017 - 07:47